ينتظر الليبيون ظهور مؤشرات مطمئنة حيال المسار السياسي الجديد والذي أصطلح عليه “إعلان القاهرة” المستند على مشروع قدمه رئيس البرلمان بناء على فكرة منذ عام 2015، طرحت من تيارات ليبية عدة تتمثل في مجلس رئاسي بثلاث رؤوس، يمثل أقاليم ليبيا التاريخية “برقة – طرابلس – فزان”. ووفق مراقبون لتطورات الأزمة الليبية، فإن ما ينتظر هذه المبادرة لن يختلف عما حدث في حوار الصخيرات، الذي أفرز حكومة الوفاق الحالية، فهذا الاتفاق شهد عدة تحولات وتغييرات، لم يكن من بين ما طرح في خطواته الأولى إعلان حكومة جديدة، بل كان يسعى لعودة النواب المقاطعين ودعم البرلمان الجديد حينها.
ولا يزال الغموض يلف المسار السياسي الحالي، مما يعطي مؤشرات بأن ما ينتج عن هذا التحركات هو عبارة عن “صخيرات” جديدة تلوح في الأفق، وأن المجتمع الدولي يؤسس لحالة يمكن أن نسميها “تجاوز لإعلان القاهرة وأفكار رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح”.
السيناريو الجديد الذي يتداول عبر كواليس المرحلة الاعدادية للحوار السياسي الجديد في ليبيا، عبارة عن فكرة تدرس حاليا بتقسيم الأجهزة الفنية والمصرف والنائب العام على عدة مدن ومناطق، وهو إجراء سيُمكن شخصيات وتيارات معينة، كانت سبباً في حالة الفوضى الليبية، من الاستمرار في التواجد بالتحكم في أدوات مهمة في الدولة، وستضعف من خلالها هذه الشخصيات أي إجراءات لأي حكومة أو أجسام ستنشأ لاحقا.
ومن خلال مصادر قريبة من شخصيات الإعداد للحوار السياسي، بينت أن هناك غاية لجعل المجلس الرئاسي الجديد المكون من 3 شخصيات لا يملك الصلاحيات الكافية لجعله جسما قويا أكبر من المليشيات وتنفذ بعض التيارات كتيار الإسلام المتشدد وكذلك بعض المدن مثل مصراته.
وتجري في دهاليز الإعداد للحوار الجديد إلى وضع مجلس الدولة الاستشاري في أعلى هرم الدولة الليبية، وهو ما يزعج عامة الليبيين كون مجلس الدولة الاستشاري بتركيبته الحالية، يمثل فقط جغرافيا غرب ليبيا، بالإضافة إلى أن رئاسته وديوانه، تتكون من قيادات جماعة الإخوان.
وبهذا يمكن القول إن الذهاب إلى اتفاق جديد سيفرز عقبات كثيرة في سبيل عودة الدولة الليبية، كما يريدها الليبيون، وأيضا كما يريدها محيطها الإقليمي، فمن خلال ما نضح عن جولات الإعداد للاتفاق الجديد، نجد أن تركيا تضغط باتجاه أن يكون رئيس الحكومة الجديدة من الشخصيات الموالية لها، وكل المؤشرات تصب في خانة أن يكون فتحي باشاغا وزير داخلية الوفاق في هذا المنصب.
وتسعى تركيا جاهدة من خلال خطوة تنصيب رئيس حكومة موالي لها لإيجاد شخصية تتحكم بها وتنفذ لها أجنداتها في ليبيا، وتعطي الاتفاقيات التركية السابقة مع حكومة الوفاق شرعية قانونية ودولية، لأن تركيا تعي جيدا أن أي حكومة ليبية جديدة لا يكون لها فيها اليد الطولى، ستلغي جميع ما وقع مع تركيا سابقا لعدم قانونيته.
وفي سياق متصل دخل رئيس اتحاد يهود ليبيا، رافائيل لوزون، على خط الرؤية السياسية الجديدة، متحدثا عن رؤيته الجالية اليهودية للحل السياسي عبر تدوينة عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح لوزون المقيم في إيطاليا بأن الحل على الأساس الجغرافي لن تكون له قيمة، وأنه سيبقي على هيمنة لون سياسي واحد أو طيف عرقي واحد متصدرا للمشهد، “العربي” لافتا إلى أن هذا الأمر الذي سيُديم اشتعال الأحقاد وانتشار الحساسية حتى بين أبناء الأقاليم الثلاثة نفسها.
وطرح رئيس اتحاد يهود ليبيا فكرة تقسيم السلطة على أساس عرقي ثقافي، ضاربا مثلا بأن رئيس المجلس الرئاسي تارقي، ونائب الرئيس كرغلي ونائب رئيس آخر عربي، مواصلا مقترحه بأن يكون رئيس حكومة أمازيغي ونائب يهودي ونائب تباوي؟، لماذا لا يكون وزير خارجية قريتلي ووزير تخطيط شركسي.
لذلك تظل هواجس الشارع الليبي كبيرة اتجاه ما يقدم من أفكار للانتقال إلى مرحلة جديدة، كون كل ما قدم لهم من حلول عن طريق المجتمع الدولي ومنظماته، لم يزد الحالة سوى تعقيدا، ولم تكن مخرجات أي حوار أو اتفاق سوى تدوير لنفس الشخصيات العبثية في المشهد الليبي.
خاص وكالة “رياليست” – عبد العزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.