يبدو أن الجولة الثانية من حوار “بوزنيقة ” بين وفدي الحوار الليبي من النواب الليبي ومجلس الدولة الاستشاري، يسير نحو مرحلة ضبابية قد تودي بالخطوات التي تحققت في الجولة الأولى ، ومع وصول وفد البرلمان الليبي المكون من 5 أعضاء ، اتخذت رئاسة مجلس الدولة الاستشاري ، خطوة مثيرة للجدل، وذلك برفع عدد مفاوضيها إلى 15 عضو أغلبهم من تيار الإخوان المسلمين في مخالفة لما أتفق عليه سابقا بأن يكون لكل وفد 5 أعضاء فقط في الحوار.
هذه المؤشرات الأولية تشير إلى أن الطرف الممثل لمجلس الدولة الاستشاري يدخل هذه الجولة بتغير في المطالب ، ألمحت إليها تصريحات عدة شخصيات منها خالد المشري رئيس مجلس الدولة الاستشاري وعضو جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك تصريحات محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان الليبية.
وتشكل المناصب السيادية خصوصا المصرف المركزي ومؤسسة النفط والمفوضية العليا للانتخابات، ثالوثا لن يتخلى عنه جماعة الإخوان وحلفائهم من كافة التيارات، فبعد أن ضمن تيار مجلس الدولة من خلال الجولة الأولى حصوله على مؤسسة النفط وكذلك المفوضية العليا للانتخابات ، يناور الآن لكسب الأغلبية داخل مجلس ادارة المصرف المركزي ، تاركا وظيفة المحافظ لفريق البرلمان، بعد أن تتحول لمجرد واجهة لا تملك القرار الفعلي.
ويستند فريق المجلس الرئاسي المسنود بقيادات وخبرات تنتمي إلى جماعة الإخوان، إلى نقاط قانونية سيستغلها تيار مجلس الدولة وفريقه ، خصوصا أن لديهم خبرات قانونية تساندهم من خارج ليبيا ، ويظهر هذا الأمر لرفعهم عدد ممثليهم إلى 15 عضوا، سيمكنهم من اضافة عدة شخصيات في مختلف المجالات، بينما وفد البرلمان اعتمد على نواب ليس بينهم خبير اقتصادي أو قانوني وبدون أي مستشارين متخصصين. ومع بداية أعمال الجولة الثانية إن لم يتنبه وفد البرلمان جيدا للتفاصيل القانونية ، فسيكون فريسة لخبث الإخوان، وسيقعون فريسة لثغرات قانونية كالمادة 19 من قانون المصارف الليبي التي تجيز لنائب محافظ مصرف ليبيا المركزي عقد اجتماع لمجلس الإدارة شرط حضور غالبية الأعضاء ( 4+1 ).
وبالعودة إلى تصريحات المشري نجد أنه أكد بأن نائب المحافظ و4 أعضاء من أعضاء مجلس الإدارة سيتم اختيارهم من قبل مجلس الدولة وبالتالي يجوز للنائب والأعضاء الأربعة إصدار القرارات، سواء في ظل غياب المحافظ ، ولهم نصاب قانوني يمكنهم من تمرير أي قرار أو منعه حتى في حضور المحافظ . ووفق أسماء وفد البرلمان نجد أنه تنقصه كثير من الخبرة في إدارة مثل هذه الحوارات ، وكان عليه الاستعانة بفريق يملك خبرة قانونية وسياسية للتعامل مع كافة الملفات ، وأن أي توقيع يتم الآن بين الطرفين سيكون ملزما بشكل كبير، ولن يستطيع الطرف المتضرر الفكاك من نتائجه بأي طريقة.
كما تظهر نقطة أخرى في غاية الخطورة وفق ما قاله المشري، عن حصة البرلمان من أعضاء مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي والبالغ عددهم 3 أعضاء، وأن هؤلاء الأعضاء يجب أن يتم عرضهم على مجلس الدولة أولاً للموافقة عليها، وهو أمر تنفيذي وليس تفاوضي، فهذه النقطة التي بنى عليها المشري كانت ستكون صحيحة لو تم اعتماد اتفاق الصخيرات، مما يعني بأن المشري وفريقه يتعاملون كجسم أعلى من البرلمان ، ويجب أن يوافق البرلمان على ما يقره مجلس الدولة لاغير.
ويظل يوم الخميس القادم هو الفيصل في تحديد هذه التحديات بين الفريقين، ومن يستطيع منهما الوصول لأهدافه التي وضعها فريقه التفاوضي ، وهذا في حالة عقدت الجلسات في موعدها ووفق جدول اعمال متفق عليه من الطرفين.
خاص وكالة “رياليست” – عبد العزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.