الخرطوم – (رياليست عربي): لا تزال هناك اشتباكات بين الجيش وقوات الرد السريع (القوات الخاصة)، في السودان، حيث يتهم كل طرف الآخر بالهجوم، وهناك أنباء متضاربة حول نجاحات عسكرية للجيش والقوات الخاصة.
واجتاحت الاشتباكات العاصمة وما لا يقل عن 6 من ولايات السودان البالغ عددها 18، 604 أشخاص سقطوا ضحايا للقتال، وأصيب أكثر من 5 آلاف شخص.
وبدأت الاشتباكات في 15 أبريل في العاصمة السودانية الخرطوم وبالقرب من قاعدة عسكرية في مروي الواقعة شمال البلاد، المعارك دارت في منطقة القصر الجمهوري (الرئاسي) والقيادة الرئيسية للجيش والسوق المركزي والمطار والقواعد العسكرية، وانخفضت حدة الاشتباكات في منتصف النهار لكنها استؤنفت بحلول المساء، كما اندلع قتال في ولايات شمال كردفان والقضارف وكسلا وشمال دارفور وغرب دارفور وجنوب دارفور.
بالإضافة إلى ذلك، شن الجيش السوداني غارة جوية على معسكر لقوات الرد السريع في محيط مدينة الخرطوم – أم درمان، لكن أطاحت القوات المسلحة السودانية بوحدات من قوات الرد السريع من هناك، وسيطرت على جميع مقار القوات الخاصة في المدينة، إلى جانب عتاد ومعدات معادية.
وأعلنت قوات الرد السريع سيطرتها على القصر الرئاسي والمطارات الدولية والقواعد الجوية ومبنى الأركان العامة ومنشآت عسكرية أخرى في البلاد، لكن الجيش نفى هذه المعلومات.
الآن، يراقب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بنفسه أعمال الجيش، وذكرت قوة الرد السريع أن مسكنه قد تم الاستيلاء عليه، لكن الجيش أيضاً نفى هذه المزاعم، من جانيه، وصف قائد القوات الخاصة، محمد حمدان دقلو، المواجهة مع الجيش بالقوة، وأبلغ الجيش عن هروبه من الملجأ.
عواقب القتال
تم إجلاء الآلاف من المواطنين الأجانب من البلاد. أغلقت إسبانيا وإيطاليا وهولندا وفرنسا سفاراتها في الخرطوم، حيث تعمل العديد من الدول الأخرى على تقليص وجودها الدبلوماسي أو نقل المؤسسات إلى الدول المجاورة.
بالإضافة إلى ذلك، عشرات الآلاف من السودانيين، وفقاً لأحدث البيانات، فروا إلى الدول المجاورة – مصر وتشاد وجنوب السودان، كما أوقفت شركة الطيران السعودية، رحلاتها إلى السودان بعد تحطم طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية إيرباص A330 في مطار الخرطوم.
أيضاً، تم إغلاق مطار الخرطوم، فقد دمرت طائرة تابعة للأمم المتحدة نتيجة القتال في المطار، كما أن أكثر من 30 من أفراد طاقم الطائرة الأوكرانية تم حظرهم في الخرطوم، في وقت لاحق في كييف، أفيد أن أطقم الطائرات الأوكرانية تم إجلائهم من المطار وهم في مكان آمن.
بالمقابل، فتح الجيش السوداني ممرات إنسانية للإجلاء الآمن للمواطنين وإيصال المساعدات اللازمة لمدة ثلاث ساعات.
ردود الأفعال
أشارت الخارجية الروسية إلى قلق الجانب الروسي من “الأحداث المأساوية التي تشهدها السودان”، ودعت أطراف النزاع إلى ضبط النفس ووقف إطلاق النار، كما تأمل سلطات الولايات المتحدة ألا تتخذ الأطراف المتحاربة خطوات تؤدي إلى التصعيد ومواصلة المفاوضات.
وجاءت دعوات وقف التصعيد من بريطانيا وإيطاليا وتركيا ومصر ودول أخرى، فضلاً عن الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاشتباكات في السودان، ودعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار.
بالإضافة إلى ذلك، تشاد أغلقت الحدود مع السودان، كما علق برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة العمل في السودان، كما ستنشئ جامعة الدول العربية مجموعة اتصال لحل النزاع.
شروط التصعيد
بدأت الأزمة السياسية في السودان بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، الذي حكم البلاد لمدة 30 عاماً، في أبريل 2019 نتيجة انقلاب عسكري، وفي أكتوبر 2021، حل البرهان الحكومة المدنية وأعلن حالة الطوارئ في السودان، ووعد بإجراء انتخابات عامة في يوليو 2023.
في ديسمبر 2022، دخلت القوى السياسية الرئيسية في اتفاق إطاري نص على إبعاد الجيش عن السياسة وإصلاح قوات الأمن، حيث تم تأجيل توقيع الاتفاق النهائي، المقرر في 1 أبريل 2023، كثيراً بسبب الخلافات بين البرهان وقائد قوة الرد السريع.
وتصاعد الموقف بسبب خلافات بين قائد الجيش البرهان، الذي يرأس أيضاً مجلس السيادة، ومحمد حمدان دقلو، نائبه في المجلس.
كما أصدر الجيش السوداني إنذاراً للقوات الخاصة يطالبها بمغادرة مروي. وبحسب مصدر عسكري سوداني، نشرت القوات الخاصة عدة مفارز هناك دون إخطار قيادة الجيش السوداني بشأن إعادة الانتشار، إلا أنه في اليوم نفسه، توغلت أكثر من 50 مركبة تابعة للقوات الخاصة في الخرطوم ووصلت تعزيزات من منطقة غرب دارفور.
بالنتيجة، تختلف وجهات نظر الجيش والقوات الخاصة حول الهيكل الأمني المستقبلي ومبادئ تشكيل قوات مسلحة موحدة. تتلخص الخلافات بشكل أساسي في نقطتين رئيسيتين: توقيت إدراج وحدات القوات الخاصة في جيش واحد، وأيضاً حول من الذي يجب أن يصبح القائد العام للقوات المسلحة – عسكرياً محترفاً أو رئيساً مدنياً للدولة، هذا ما يجب أن يحسم الاتفاق الذي لم يوقع بعد.