الخرطوم – (رياليست عربي): رسم مستشار مركز الأهرام المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، د. عمرو الشوبكي، سيناريوهات قاتمة لقادم الأيام في السودان، متوقعاً حرب طويلة يفشل أحد أطرافها في تحقيق انتصار على الأرض وحسم المعركة لصالحه.
مشيراً إلى إن الاتهامات المتبادلة بين طرفي الصراع في السودان – الجيش النظامي بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو- بعضها ينطبق عليه مقولة «شر البلية» وتثير الحزن على ما وصل له حال بلد كان يسعى شعبه منذ سنوات قليلة لبناء دولة مدنية ديمقراطية، فـ حميدتي يقول إنه يحارب قوي التطرف الإسلامي في الجيش السوداني وينسى أو يتناسى أن قواته أسسها الرئيس العسكري الإخواني السابق عمر البشير في 2013 ووصفه بأنه «حمايتي» أي الذي يحميه، وحاربت القبائل الأفريقية في دارفور وارتكبت جرائم كثيرة.
أيضاً لا يمكن القول أن الجنرال عبدالفتاح البرهان هو المتطرف وحميدتي المعتدل أو العكس، ولا أن حميدتي كان جزء من النظام السابق والبرهان خارجه فكلاهما كانا جزءاً من تركيبة نظام البشير المعروفة بـ«الكيزان» باللهجة المحلية.
الشعب السوداني هو الذي يدفع حالياً ثمن خطايا النظام السابق الذي قرر رأسه أن ينشأ ميليشيا موازية للجيش خوفا من انقلاب الأخير عليه، فأضعف الجيش الوطني لصالح ميليشيا متمردة، كما دفع الشعب أيضا ثمن الخيارات السيئة والأخطاء الفادحة التي ارتكبها الجميع طوال المرحلة الانتقالية.. وبعيدا عن سرد تفاصيل الماضي نجد أنفسنا أمام عدة سيناريوهات لن تخرج الأزمة فى نهايتها عنهم.
السيناريو الأول، هو استمرار المعارك لأسابيع معدودات تنتهي بسيطرة الجيش على العاصمة «الخرطوم» والمدن الكبرى (وهناك مؤشرات أولية لذلك) وانتقال الدعم السريع إلى دارفور وخوض حرب عصابات في مواجهة الجيش لاستنزافه وليس هزيمته.
السيناريو الثاني، هو الحرب الطويلة التي لا يحسم فيها طرف المعارك لصالحة وهنا كل الأخطار ستكون حاضرة: آلاف الضحايا من المدنيين تدمير شبه كامل للبنية التحتية وخطر تفكك السودان ليصبح نموذج لدولة فاشلة منسية يهتم العالم فقط بنقل رعاياه ومنع تدفق اللاجئين وجماعات التطرف إلي خارج حدود السودان، وإجلاء الرعايا «نذير شؤم» ودليل على أن الوضع ذاته إلى المزيد من الانهيار وسيشهد السودان ومعه المنطقة أيام صعبة.
المطلوب أن يعي المجتمع الدولي بخطر الوضع في السودان وأن يسعى الجميع لوقف إطلاق النار وترجيح مميزات السيناريو الأول أي الحفاظ على ما تبقى من الدولة والبحث عن مخرج سياسي جراحي يراهن على رجل جسر بين الأطراف المختلفة وينهي الصراع المسلح والمرحلة الانتقالية ويؤسس بشكل تدريجي لمنظومة حكم جديدة.