دمشق – (رياليست عربي): سجلت زيارات الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة المتتالية لدول عربية كسلطنة عمان وروسيا وحالياً لدولة الإمارات المتحدة وطريقة الاستقبال التي اختلفت عن سابقاتها من الزيارات التي كانت تتسم بالسرية وعدم الاعلان المسبق فهذه الزيارات لثلاث عواصم عربية ودولية وطريقة استقبال قادة هذه الدول للرئيس السوري الذي حظي بمراسم استقبال وحفاوة رفيعة وعلنية لتحمل معها ملامح عهد جديد يعاد من خلاله العمل لإنهاء الأزمة السورية وتبريد الملفات الساخنة على مستوى المنطقة ليكون الملف السوري بما يحمله من تجاذبات اقليمية ودولية هو البوابة التي تدخل منها دول كبرى كالصين وروسيا لرسم ملامح ولادة النظام الدولي المتعدد الأقطاب فكانت زيارة الرئيس الأسد لموسكو وما حملته من استراتيجيات تعنى بالشأن الدولي صرح عنها صراحة الرئيس الأسد المعنية بزيادة الحضور العسكري الروسي في سورية من أبرز ملامح منطقة الشرق الأوسط بشكله الجديد بعد فشل مشروع أمريكا واذرعها الارهابية الذي يكون فيه للحضور الروسي والصيني الثقل الأكبر في مواجهة الحضور الامريكي الغربي.
هذه الزيارة بما سبقها من تحركات دبلوماسية إقليمية ودولية تسعى لتحقيق نصر دبلوماسي لهذه الدول من خلال ملف التقارب السوري – التركي وهذا حاجة ملحة لهذه الأطراف التي تعاني من ضغوطات أمريكية غربية، لتسعى للانفكاك من هذه الضغوط عبر تقاربات تحققها مع الحلف المناهض للمحور الأمريكي.
التطور في الحضور الرئاسي السوري على المستويين الإقليمي والدولي جعل الدولة السورية تفرض شروطها المعنية بسيادتها ومصالحها الوطنية في ملف تطبيع العلاقات السورية التركية وقد يأخر تحقيق خطوات عملية ملموسة في هذا المسار طالما التركي يراوغ ويتهرب من تحقيق التزاماته مع الحليفين الروسي والإيراني.
لتأتي زيارة الأسد وعقيلته لدولة الامارات العربية المتحدة وما تحمله من معاني ودلالات عبرت عنه مراسم الاستقبال والحفاوة التي تعلن عن اعلان مرحلة جديدة بعد عشرية النار والتآمر على الدولة السورية والمنطقة، لتأتي الزيارة هذه المرة مختلفة عن سابقتها في المدلولات والرسائل، لكن الملحوظ هو حرص عربي كبير لتطبيع العلاقة مع دمشق من زاوية الاستتشراف بموقع ومكانة سوريا ضمن دائرة التحولات المرتقبة عالمياً.
هذا الحراك الرئاسي السوري وانتقال الدول المضيفة من العمل بالدبلوماسية الصامتة لهذه الزيارات الى الاعلان عنها واتمام البروتوكولات الخاصة باستقبال رؤساء الدول تشي بأهم عناوين المرحلة القادمة لسورية والمنطقة والعالم أهمها:
عودة سورية لتبوء مكانتها على المستويين الإقليمي والدولي وهذا يعني الاعتراف بشرعية نظام الحكم في سورية والتسليم بفشل المشروع الأمريكي.
انتصار روسي – صيني أساسهما الانتصار في سورية وتطبيع العلاقات السعودية _ الايرانية وهناك زيارة مرتقبة للرئيس الايراني للمملكة السعودية بناء على دعوة من الملك السعودي وهذا ما سينعكس بشكل كبير على العديد من ملفات المنطقة العالقة.
والأهم هو خروج منطقة الشرق الأوسط من مربع النار الأمريكي لمربع الثنائي الروسي الصيني بما يحقق الامن والاستقرار للمنطقة وهذا بلا شك سينعكس بشكل ايجابي على اقتصادها.
التسخين الحاصل في العلاقات الدولية بالمنطقة، وما يحصل من استدارات وانعطافات في المواقف، وما يتشكل من تطورات لافتة على صعيد التقاربات وما يجري من تطبيع علاقات خاصة ما هو متشكل باتجاه دمشق، مرجأه ومنشأه الموقع التاريخي والحضاري لسوريا ضمن الخارطة العالمية، وما يجري هو في وضعه الطبيعي الذي يحقق لسوريا العودة لمكانها وموقعها الريادي والقيادي ليس على المستوى العربي والاقليمي بل والعالمي.
خاص وكالة رياليست – د. حسناء نصر الحسين – باحثة في العلاقات الدولية – دمشق.