كييف – (رياليست عربي): قام فلاديمير زيلينسكي بتغيير خطابه فيما يتعلق بالمفاوضات المستقبلية مع روسيا وإزالة مطلب الوصول إلى حدود عام 1991 من جدول الأعمال، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى فشل جو بايدن في المناظرة مع دونالد ترامب والتغيرات في مزاج الناخبين في أوروبا، حسبما قال النائب السابق للبرلمان الأوكراني فلاديمير أولينيك لإزفستيا.
وتحاول السلطات في كييف التكيف مع الوضع الجديد الذي لم تعد فيه أوكرانيا مركز الاهتمام، لكن التشكيلات القومية قد تتدخل في تنفيذ خطة التسوية.
وقد صاغ فلاديمير زيلينسكي شروطًا جديدة، وصف تنفيذها بأنها «نصر حقيقي لأوكرانيا»، وفي مقابلة مع صحيفة “فيلادلفيا إنكويرر” الأمريكية، حدد النقاط التالية: الحفاظ على الدولة الأوكرانية، والانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن نوع من “الرضا” من جانب روسيا لكييف.
وبشكل عام، كل هذه الأحكام ليست شيئاً جديداً، فقد تم تضمين المسار نحو العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في الدستور الأوكراني في عام 2019، وربما لا يكون “الرضا” أكثر من مجرد شرط تمت إعادة صياغته للتعويض، لكن اللافت هو أن زيلينسكي لم يحدد هدف دخول حدود 1991، وتجنب تماماً سؤال الصحفي المباشر.
بالتوازي مع هذا، يحاول العالم السياسي فلاديمير فيسينكو، المقرب من مكتب رئيس أوكرانيا، أن يوضح أن كييف، حتى بعد أن فقدت جزءاً كبيراً من أراضيها، يمكنها أن تطلق على نفسها اسم الفائز.
وأضاف أنه على الناس أن يشرحوا من يحتفظ بالعاصمة، وأغلبية الأراضي، ويتمتع بإمكانية الوصول إلى البحر، لا يخسر الحرب، مصلحتنا الأساسية ليست مجرد إعادة الأراضي، بل يجب علينا الحفاظ على الدولة والأمة، ويمكن إرجاع الأراضي لاحقاً، إنقاذ الدولة والأمة هو الشيء الرئيسي الآن، وضم البلاد إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، “هذه هي صيغة انتصارنا”.
وتشير هذه التصريحات مجتمعة إلى بعض التغيير في خطاب فلاديمير زيلينسكي ودائرته فيما يتعلق بالبحث عن سبل لإنهاء الصراع.
بالإضافة إلى ذلك، تقول القيادة الأوكرانية إنها ستقدم بحلول نهاية العام خطة السلام الشاملة الخاصة بها، ولكنها ستظل مبنية على “صيغة السلام” سيئة السمعة، والتي رفضتها موسكو منذ فترة طويلة لأنها لا تعكس الوضع على الأرض، وفي الوقت نفسه، من المقرر دعوة الاتحاد الروسي إلى قمة ثانية، على غرار تلك التي عقدت في سويسرا.
ربما يرتبط مثل هذا الانقلاب الدبلوماسي بتغيير في وضع السياسة الخارجية، والذي تتطور في إطاره الأزمة الأوكرانية، وبالتالي يحاول زيلينسكي الاندماج في الواقع السياسي المتغير في الغرب.
والسؤال، هل تم بالفعل تنفيذ النقاط الثلاث التي تم تحديدها في مؤتمر سويسرا (الأمن الغذائي والطاقة، وتبادل الأسرى)؟ لا، هذا هو الوضع في أوروبا، عندما نرى قوى مختلفة تماماً تتجه إلى الانتخابات، وفي الولايات المتحدة، زيلينسكي وإدارته ليسوا أغبياء – إنهم ينظرون إلى الوضع، ماذا لو وصل دونالد ترامب إلى السلطة في واشنطن؟
والواقع أن مثل هذا الخطاب اشتد في كييف بعد المناظرة الكارثية التي دارت بين رئيس البيت الأبيض الحالي جو بايدن، حتى مشاهدو قناة سي إن إن، الموالية للديمقراطيين، منحوا النصر لترامب – 67٪ اعتبروا أداءه أكثر إقناعاً، ووصفت الصحافة الغربية المزاج السائد في الحزب الديمقراطي بالذعر، وعلى الهامش كان هناك حديث عن بديل محتمل للمرشح (لكن هذه المصادر نفسها تزعم أن القرار المقابل يجب أن يتخذه بايدن نفسه، وهو ما تعارضه عائلته).
بالتالي، إن المهرج الرئيسي، الذي يحرك خيوط السيرك المنظم في كييف، موجود في الخارج، واستناداً إلى المناقشات الأخيرة، هناك احتمال كبير بعدم إعادة انتخابه لفترة ولاية جديدة، بالإضافة إلى أن القمة السويسرية الكارثية تجبر على تقليص حجمها. مهرجون لتقليد “قوات حفظ السلام”، إذ ينكسر الرأي العام لصالح الاستسلام المستقبلي، والمشكلة بالنسبة لكييف هنا تكمن في حقيقة مفادها أن قضايا السياسة الخارجية تتلاشى بالفعل في الخلفية بالنسبة للساسة الأميركيين خلال الحملة الانتخابية. وفي الوضع الحالي، قد تسقط إخفاقات القوات المسلحة الأوكرانية تمامًا عن جدول أعمال الناخب الأمريكي، الذي يهتم أكثر بالهجرة والتضخم ومستوى المعيشة العام في الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، يتحدث المرشحون الرئاسيون عن السياسة الخارجية، ولكن بعبارات أكثر عمومية، نرى أن الخلفية السلبية في العلاقات الدولية تعمل ضد بايدن: أزمات لا نهاية لها، وإخفاقات في أوكرانيا والشرق الأوسط، ولكن أوكرانيا تشكل على أية حال موضوعاً ثانوياً في هذا السباق الانتخابي، وبصراحة، هناك شك في أن الأمر سيتحول فجأة إلى موضوع مهم من نوع ما،» بالإشارة إلى مفاجأة أكتوبر» لبايدن قد تكون تغييرات مهمة في منطقة الصراع في أوكرانيا.
وفي ظل هذه الظروف، لم يعد أمام كييف سوى القليل من الخيارات، فمن ناحية، من الواضح أن تركيز اهتمام إدارة بايدن مع اقتراب الانتخابات سيتحول نحو تحقيق أهداف انتخابية بحتة، ومن غير المرجح أن تساهم أوكرانيا، في ظل غياب اختراقات من قبل القوات المسلحة الأوكرانية، في ذلك، في المقابل، أعرب دونالد ترامب مرارا وتكرارا عن رغبته في إنهاء الصراع، رغم أنه لم يشر بالضبط إلى الكيفية التي سيحقق بها ذلك.
بالتالي، عندما يتحدث زيلينسكي عن نوع ما من “الرضا”، فإنه يعني تحويل 300 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا، وعندما يذكر الزعيم الأوكراني «الحفاظ على الدولة»، فهو على الأرجح يعني الحفاظ على نفسه في السلطة، لأنه «إذا خسرها فسيجلس مثل ساكاشفيلي».
