ستخترق القطع الحربية المصرية نهاية العام “2020” مياه مضيق البوسفور للمشاركة في مناورات “جسر الصداقة 2020” مع البحرية الروسية في البحر الأسود، للمرة الأولى، وهو حدث اعتبره خبراء عسكريون وسياسيون محملاً برسائل استراتيجية سيلتقطها الأتراك في إسطنبول عندما يشاهدون عبور السفن المصرية، ونقلت وكالة تاس الحكومية، عن المكتب الصحفي، قوله إنه “في نوفوروسيسك عقد وفدا البحرية الروسية والبحرية المصرية مؤتمراً لمدة ثلاثة أيام حول إعداد وعقد تمرين جسر الصداقة المشترك -2020”. طبقاً لموقع “سكاي نيوز عربية“.
ما الرسائل المصرية غير المعلنة من هذه المناورات؟
إنقسم العالم اليوم إلى قطبين، رغم أن القطبية الأحادية لا تزال من نصيب الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن العشر سنوات الأخيرة حملت تقلبات كبيرة في السياسة الدولية بشكلٍ عام، وتبدلت المصالح وحدثت إنقلابات وحروب وثورات، غيرت من الشكل الثابت لتلك السياسيات، فعلى الرغم مما مر على مصر، في هذه السنوات العشر من تقلبات سياسية وتبدل حكومات ورؤساء، حافظت إلى حدٍّ ما على علاقاتها الخارجية، فهي على علاقة طيبة مع واشنطن وبذات الوقت تعود علاقتها المتينة بموسكو إلى خمسينيات القرن الماضي، وبقيت على مسافة واحدة من الجميع خاصة بما يتعلق بأزمات المنطقة كالأزمة السورية والليبية، لكنها ركزت على الأخيرة نظراً لتماس مباشر مع الأمن القومي المصري.
والجميع يعلم الدور التركي في الأزمات العربية والتي قسمت العرب إلى قسم وقف بشكل علني ضد تركيا الحليفة مع واشنطن، رغم تحالفهم مع الأخيرة كدولة الإمارات على سبيل المثال، فالقطع الحربية المصرية التي ستعبر البوسفور رسالة واضحة الدلالة تقول إن مصر لها القدرة على حماية أمنها القومي في إشارة إلى “ليبيا”، وعندما يخترق هذا الأمن لن تتردد في حماية حقوقها سواء البحرية أو البرية.
كيف سترد تركيا على هذه المسألة؟
ستتلقى أنقرة هذا الأمر بعين ودية، خاصة وأنه كان هناك غمزاً ولمزاً تركياً للتقرب من القاهرة الذي قوبل بصد مصري واضح، والسبب في ذلك دعم تركيا للإخوان المسلمين أو على الأقل عدم منحهم الدور الذي تأمل تركيا من خلاله أن تخترق هذا البلد أسوةً بباقي الدول العربية، فلتبيان الولاء التركي ستقوم أنقرة بالترحيب بخطوة المناورات من باب الشرعية الدولية، خاصة وأنها هي أيضاً خاضت مناورات في البحر المتوسط مرات عديدة، تحاول فيها إبراز عضلاتها العسكرية.
يضاف إلى ذلك، تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخير حول سوريا حيث قال إنه سيخرج منها يوماً ما، في إشارة واضحة أن الاهتمام التركي اليوم مرك على وسط آسيا، بتوافق أمريكي خفي أم لا، الغاز ومصادر الطاقة في بلاد القوقاز، وقلنا سابقاً ونكرر، إن سوريا لم تحقق أي منفعة وفائدة لتركيا رغم سيطرة الأخيرة على مدن ومساحات واسعة، لكنها جاءت وبالاً عليها، وبالتالي تريد الآن أنقرة رسم سياسة جديدة بعد إخلاء الساحة العربية والإتجاه نحو القوقاز، بينما يسجل ذلك بكل تأكيد نصراً جديداً للسياسة المصرية الخارجية الحازمة في المسألة التركية.
من هنا، إن هذه المناورات “الروسية – المصرية” هي رسائل إستراتيجية مهمة تتعلق بالصراع الأرمني – الأذري من ناحية روسيا والتي قد تتدخل فيه بأية لحظة تستشعر الخطر الحقيقي على أمنها الإقليمي، أيضاً الرسالة المصرية كما أشرنا أعلاه تتعلق بليبيا وبكلا الحالتين المتضرر الأول من سوء العلاقات هذه هي تركيا، فهذه المناورات ستعطس تلميحات واضحة لطبيعة المرحلة المقبلة التي تحاول الولايات المتحدة العبث فيها وتغيير واقع السيطرة في أراضٍ بعيدة عنها.
فريق عمل “رياليست”.