القدس – (رياليست عربي): مع انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، ينطلق المجتمع الدولي في الحديث عن المرحلة ما بعد النزاع، حيث تختلف السيناريوهات المقدمة للإجابة عن التحديات التي تواجهها المنطقة، وفي ظل هذا السياق، يبرز عامل لا يجلب الاهتمام الكافي، وهو رأي الجماهير الفلسطينية في الأراضي المحتلة، حيث يشكل هذا الرأي الشعبي الدليل الأهم عند وضع خطط للمستقبل.
نظرة فاحصة على رأي الشارع الفلسطيني
قد ألقى الاستطلاع الأخير الذي أُجري بواسطة المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بإدارة خليل الشقاقي، ضوءاً على تفضيلات الشعب الفلسطيني بعد الحرب، يعتبر هذا الاستطلاع الأبرز والأكثر مصداقية، حيث يقدم للمرة الأولى نظرة عن كثب إلى آراء الشعب منذ السابع من تشرين الأول.
فيما يتعلق بمن سيحكم غزة بعد الحرب، يتوقع 64٪ من المشاركين (73٪ من الضفة و51٪ من غزة) أن تكون حركة حماس هي السلطة الحاكمة، يُظهر هذا التوقع الواضح أن أي خطة مستقبلية يجب أن تأخذ في اعتبارها دوراً كبيراً لحماس.
أما بالنسبة لتفضيلات الحكم، كانت النتيجة مفاجئة، فقد أعرب 60٪ من المستطلعين (75٪ من الضفة و38٪ من غزة) عن تفضيلهم لحكم حماس بعد الحرب، تعكس هذه النتيجة الدعم القوي لحركة حماس والرغبة في رؤيتها تتولى الحكم بدلاً من أي سيناريو آخر.
وفي حال إجراء انتخابات تشريعية، يظهر أن حركة حماس ستحصل على 43٪ من الأصوات، بينما ستحصل حركة فتح على 17٪. يشير هذا إلى تقدم حماس بشكل كبير ودعم قوي من قبل الجماهير الفلسطينية.
أما بالنسبة لطريقة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فإن 63٪ من المشاركين يفضلون المقاومة المسلحة، مقارنة بـ 20٪ يفضلون المفاوضات وـ13٪ يؤمنون بالمقاومة السلمية، تُظهر هذه النتيجة أن المقاومة المسلحة ازدادت قبولاً، وأن الوسائل السلمية لم تُظهر نجاحاً في إنهاء الاحتلال.
بالتالي، من الواضح أن الرأي العام للشعب الفلسطيني يشكل جزءاً مهماً من الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومع ذلك، من الصعب في بعض الأحيان تحقيق تأثير فعّال لهذا الرأي في قرارات المجتمع الدولي نظراً لبعض العوائق القانونية والسياسية.
ووسط غياب السيادة الفلسطينية الكاملة، فإن قضية السيادة الفلسطينية لا تزال قضية مستمرة، وعدم وجود دولة فلسطينية معترف بها بشكل كامل يمكن أن يكون عائقاً لاعتبار آراء الشعب الفلسطيني بشكل رسمي وكامل.
فضلاً عن التحيز السياسي والضغط الدولي، فالأحاديث الدولية حول القضية الفلسطينية قد تتأثر بالتحيز السياسي لصالح إسرائيل أو بالتدخلات الخارجية، مما قد يجعل من الصعب تحويل آراء الشعب الفلسطيني إلى إجراءات فعّالة.
أما بما يتعلق بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية، فإن بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية قد تحدد الآليات التي يجب اتباعها في حال تحقيق الاستقلال أو التأثير في القرارات الدولية، وهو ما قد يؤثر على قدرة الشعب الفلسطيني على تحقيق تأثير فعّال.
وبالنظر إلى التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة، بما في ذلك العلاقات الإقليمية والصراعات القائمة، يمكن أن تؤدي إلى تشتيت الاهتمام الدولي وتحجيم تأثير آراء الشعب الفلسطيني، فضلاً عن تحديات الاتصال، ففي بعض الأحيان، يمكن أن تكون هناك تحديات في نقل آراء الشعب الفلسطيني بشكل دقيق وشافٍ إلى المجتمع الدولي بسبب التحديات في الاتصال والوسائل الإعلامية.
وبشكل عام، وجدير بالذكر أن قضايا الشعوب وحقوقها تحظى بعناية خاصة في المجتمع الدولي، ومع ذلك، يظل هناك تحديات قانونية وسياسية يجب معالجتها لضمان أن تأثير الرأي الشعبي يتم احترامه وتأخذ في اعتباره في القرارات الدولية.
بالتالي، تشير النتائج إلى تطورات مهمة في الرأي الشعبي الفلسطيني، وتحذر من تجاهل هذا الرأي عند التخطيط للمستقبل، بالتالي، ينبغي للمجتمع الدولي أن يأخذ هذه النتائج بعين الاعتبار لتحديد الخطوات المستقبلية والابتعاد عن الطروحات التي لا تعكس الواقع الفلسطيني.