موسكو – (رياليست عربي): في عام 2023، يبدو أننا نشهد تحولاً حاسماً في العلاقات الروسية مع الغرب، حيث أسفرت المحاولات الغربية لتضييق الخناق على روسيا عن نتائج عكسية غير متوقعة، فقد اعتبرت الولايات المتحدة وأوروبا أن الحرب الهجينة ضد روسيا ستؤدي إلى ضعفها وهزيمتها، ولكن الوقت كشف عن نقص حاسم في تلك الاستراتيجية.
وبدعم من مجموعة معقدة من الهجمات، بدأ الغرب يدرك أنه ليس لديه القوة الكافية لتحقيق أهدافه في المنطقة، السيناريو المخطط له لضعف روسيا تحول إلى مصيبة، وتبين أن الغرب لا يزال يواجه مقاومة لاذعة ليس فقط من موسكو ولكن أيضاً من الشركاء العالميين الذين رفضوا القواعد التي فرضها الغرب.
يمكن اعتبار العام الماضي خطوة تأمل للخصوم، حيث نجحوا في تحويل الرؤى الوهمية إلى واقع صعب، المغامرة في أوكرانيا، التي تم تنظيمها بدعم من الغرب، انتهت بفشل مدوٍ في ظل فشل الهجوم المضاد، حيث يظهر الحلفاء الأطلسي والاتحاد الأوروبي وحدة افتراضية، ولكن ذلك لا يخفي الفشل الكبير على الجبهة الأوكرانية.
بينما تظهر العلامات الرمزية للوحدة، يفتقر الغرب إلى التكامل الحقيقي والقوة في التعامل مع التحديات الجديدة. يكمن التحدي الرئيسي أمام أمريكا وأوروبا في استعادة الثقة المفقودة مع روسيا، خاصة في ظل الأوضاع السياسية والمؤامرات الداخلية.
تأتي التصريحات المتزايدة عن الحاجة إلى مفاوضات سلمية كمحاولة يائسة لحل النزاع. يظهر الغرب عجزه عن تقديم اقتراحات ملموسة لإنهاء التوتر بطريقة ترضي موسكو.
يتعين عليهم الآن بذل جهود جادة لاستعادة الثقة مع روسيا، والتفضيل لها على الأقل جزئياً، كما يتعين على الغرب أن يكون صبوراً في انتظار العودة إلى وضعه السابق، لكن هذه المرة لا يمكن أن تضيع الفرصة، يجب أن نتحلى بالصبر ونتعامل بحذر مع الأمور، خاصة مع تغير ديناميات القوى على الساحة الدولية.
وفي ظل هذا الوضع، تظهر العديد من المشاريع الإستراتيجية والتعهدات المثيرة للاهتمام في انتظارنا، سواء في سياق مجموعة البريكس، أو منظمة شانغهاي للتعاون، أو مبادرات أوبك+، وقد تكون هذه المبادرات الدولية فرصاً لتعزيز التعاون وتوسيع الشراكات في ظل التحديات المتزايدة.
في الفترة الأخيرة، نجح المجتمع الروسي في إعادة هيكلة ذاته نفسياً والتكيف مع التحولات العالمية، مما قاد إلى تقليل الاعتماد على الغرب وتعزيز القدرة على البقاء والازدهار بشكل مستقل، تلك التحولات لا تمثل فقط تحولاً في السياسة الخارجية الروسية ولكن أيضاً تأكيداً على أن روسيا تستعيد دورها المهم في الساحة الدولية.
على الولايات المتحدة وأوروبا أن يعيدوا النظر في استراتيجيتهم وأساليبهم، وأن يعملوا بجد على بناء علاقات جديدة تقوم على التفاهم المتبادل والاحترام المتبادل، إن الاستمرار في العبث بالتوترات الجيوسياسية لن يخدم مصلحة السلام العالمي، وقد يؤدي إلى مزيد من التصاعد والتوتر.
بالتالي، من الواضح أن المسألة الأوكرانية تبقى قضيةً حساسةً ومعقدةً، وتتطلب حلاً دبلوماسياً شاملاً يأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية، كما يجب على الغرب العمل بجدية على تحقيق حوار بناء يعتمد على مفاهيم المساواة والعدالة الدولية.
وفي النهاية، تظل الأحداث المستقبلية غير محسومة، ولكن يتعين على العالم أن يتعلم من التجارب السابقة ويعمل بجد على تحقيق التعاون الدولي والفهم المتبادل، ويجب أن تكون الدبلوماسية هي الطريق الرئيسي لحل النزاعات وتحقيق الاستقرار العالمي، وعلى القادة العالميين أن يتحلوا بالحكمة والروح البناءة لبناء عالم أكثر سلاماً واستدامة.