القاهرة – (رياليست عربي): القيود التي فرضها النظام الإيراني عقب الثورة على السينما بشكل خاص والفنون بشكل عام، مثلما كانت سببًا في تحجيم طموح الفنانين الفني وشل حركتهم، كانت أيضًا سببًا في تحرر أفكارهم وانطلاقها إلى آفاق أرحب من الوقوف عند معضلة ظهور الممثلات بالحجاب أو بشعر مستعار، أو كيفية تصوير المشاهد الجريئة، أو حتى التطرق إلى قضايا سياسية ومشكلات اجتماعية قد تُوءَد في المهد قبل الميلاد.
هذا الأمر جعل السينمائيين الإيرانيين ينغمسون في صناعة “أفلام إنسانية”، تخاطب الوجداني البشري في كل زمان ومكان، مبتعدين عن أي موضوع قد ترفضه الرقابة أو يثير حفيظتها.
القيم الأخلاقية المحمودة والمذمومة، أهواء النفس البشرية ونوازعها، المُثل العُليا، هي ركائز رئيسية قامت عليها السينما الإيرانية، وراحت تغزو العالم شرقًا وغربًا، تبهر الجميع، وتحصد جائزة تلو الأخرى، إلى أن حجزت مكانتها الراسخة في قلوب الجماهير والنقاد وصُنَّاع الأفلام في أنحاء العالم كافة، باعتبارها “سينما الإنسان”.
على الرغم من ذلك، تطرق السينمائيون الإيرانيون على استحياء إلى العديد من الأنماط السينمائية الأخرى، بما فيها أفلام الحركة والإثارة بمفهومها الهوليوودي الأمريكي.
روز ششم “اليوم السادس” فيلم إيراني ينتمي إلى نوعية أفلام الحركة والإثارة، تدور أحداثه بالتوازي حول شخصيتين محوريتين؛ الأول رجل أعمال يُدعى السيد صابر (جمشید هاشم بور)، يتعرض إلى عملية نصب من قبل صابري (همایون إرشادي)، تفقده كل أمواله، فيزج به الدائنون في السجن. أما الشخصية الثانية، فهو الشاب أحمد (مصطفى زماني)، يحتال عليه مجموعة من الأشخاص أثناء سرقة ٥٠ كيلو من الذهب من السيد سيامك (مهران أحمدي)، ويقضي عقوبة حبس لمدة سنة ونصف، وبعد إطلاق سراحه، يمهله سيامك ٥ أيام كي يُعِيد له الذهب، وإلا سيقتله في صبيحة اليوم السادس.

يتعرف صابر وأحمد إلى بعضهما في السجن، وخلال رحلة هروب من المكتوب وبحث عن الأجوبة، تزخر بالتشويق والغموض والأحداث المفاجئة، يرتبط مصيرهما معًا، وتتكشف لهما العديد من الحقائق.
“اليوم السادس” من تأليف وإخراج “حُجت قاسم زاده أصل”، وبطولة كل من: مصطفی زماني، بهارة أفشاري، جمشید هاشم بور، مهران أحمدي، همایون إرشادي. عُرض لأول مرة في إيران عام ٢٠٢٢.
الغموض، الحوادث غير المتوقعة، البحث عن الحقيقة، كشف الأسرار وحل الألغاز، الانتقام؛ جميعها تيمات معتادة في أفلام الحركة والتشويق على مستوى العالم، سعى المخرج “قاسم زاده” إلى تصويرها في شريط سينمائي واحد.
من النقاط المميزة في الفيلم، الإيقاع السريع المتناسب مع المضمون، وكذلك إخراج مشاهد الحركة والمطاردات والاشتباكات بشكل يضاهي الأفلام العالمية.
“مصطفى زماني” في شخصية “أحمد” يجسد دورًا جديدًا عليه تمامًا عكس أدواره النمطية سواء في السينما أو التلفزيون، ويبرز قدراته التمثيلية على تجسيد أنماط مختلفة من الشخصيات، بعيدًا عن انحصاره في الأدوار الرومانسية والميلودرامية المعتمدة على وسامته وشعبيته الواسعة بين الجنس الناعم.
زماني واحد من أبرز الممثلين الإيرانيين، بلغ أوج شهرته بعد أدائه دور سيدنا “يوسف” في المسلسل الإيراني الأشهر “يوسف پیامبر: يوسف النبي” أو كما يُعرف في العالم العربي باسم “يوسف الصديق”.
يعتبر هذا المسلسل واحدًا من أشهر الأعمال الدرامية الإيرانية، تُرجم إلى العديد من اللغات الأجنبية ولُسن بها بما فيها العربية، وحقق نجاحًا كبيرًا في العالم العربي عند عرضه، على الرغم من الأخطاء التاريخية والفنية الحافلة بالمسلسل، فضلًا عن المط والتطويل في الأحداث والسرد الدرامي.
“يوسف النبي” من تأليف وإخراج “فرج الله سلحشور”، عُرض لأول مرة في إيران عام ٢٠٠٩، واستغرق تصويره قرابة ٣ سنوات.
خاص وكالة رياليست – د. محمد سيف الدين – دكتوراه في الأدب الشعبي الفارسي، وخبير في التاريخ والأدب الإيراني – مصر.