باريس – (رياليست عربي): استمعت إلى كلمة الوزير البريطاني السيد جرانت شابس أمام مجلس العموم حول الغارات والضربات العسكرية الجوية الأمريكية البريطانية لمواقع للحوثيين باليمن نهاية الأسبوع الماضي، والتي تهدف في المقام الأول لحماية حركة الملاحة البحرية العالمية بالبحر الأحمر، على زعم المتحدث.
ولكن، ما استرعى انتباهي وتوقفت عند بعض التصريحات المهمة التي أدلى بها، ومنها:
- ● عزم بريطانيا إرسال 20 ألف جندي لحماية مصالحها خارج الأراضي البريطانية، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وحرب جزر الفوكلاند؛
- أنفقت بريطانيا خلال السنوات القليلة الماضية، مبلغ يقترب من 50 مليار جنيه إسترليني لحماية شبكات المعلومات والاتصالات البريطانية cybersécurité؛
- ● 90 % من حجم التجارة العالمية مهدد بسبب الحوثيين.
تكلم لأعرف من أنت؟
السيد جرانت عُيّن كوزير للدفاع من نهاية شهر أغسطس من العام الماضي، وكان قد اختير من قبل كنائب لرئيس حزب المحافظين، وشغل عدة مناصب وزارية: السكان، الداخلية، الحكم المحلي، وزيراً للدولة في وزارة التنمية الدولية، منذ عام 1990 يمتلك عدة شركات تجارية، متخصصة في شبكات المعلومات والاتصالات والتجارة الإلكترونية.
الأسد العجوز والشبل، والتاريخ
من أهم أسباب انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية على ألمانيا النازية بزعامة الفوهرر أدولف هتلر، هو نجاح ونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني في دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب بجانب الحلفاء، فالتحالف الأمريكي البريطاني اليوم يؤكد على خطورة الأوضاع الأمنية: عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، خاصةً وأن البحر الأحمر هو شريان الحياة بالنسبة لبريطانيا التي كانت عظمى، وغربت عنها الشمس، و التاريخ خير دال على ذلك:
حملة نابليون بونابرت العسكرية لاحتلال مصر والسيطرة والهيمنة علي البحر الاحمر لقطع الصلة بين بريطانيا والهند أكبر المستعمرات البريطانية في ذلك الوقت، وهو نفس الشيء الذي حاول هتلر فعله (حرب صحراء العلمين)، وحرب السويس عقب قيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس عام 1956.
ليه هو أنا هندي؟
اعتادت بعض الشعوب العربية في تداول عبارة “ليه هو انا هندي” عند وصف سلوك شخص بالسذاجة والسطحية، ولكن مع ما يشهده العالم اليوم من زيادة أهمية الهند على الساحة الدولية: بسبب تقدمها في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومحاولة الغرب كبح جماح الصين عن طريق التعاون مع الهند لتكون كحائط صد لحماية مصالحها من التهديدات الصين والتحالف الصيني الروسي، كما لا ننسى أن رئيس الوزراء البريطاني الحالي السيد ريتشي سوناك هو وزوجته من أصول هندية، ولهم استثماراتهم التجارية و المعلوماتية الضخمة في الهند وإسرائيل، كما أن الهند في حقبة ناريندرا مودي تلعب دور سياسي عالمي بكفاءة عالية: فهو حليف للغرب وأيضاً لروسيا والصين، على الرغم من الخلافات العديدة بينها مع الصين، فهي عضو في مجموعة الـ BRICS وقد كانت الهند قد أبرمت في العام الماضي مع فرنسا عقد ضخم لشراء 36 طائرة رافال وعدد 6 غواصات بحرية زادت قيمتها عن 10 مليارات يورو، الهند ليست أفلام فقط كما تعقد ونظن! الهند قوة سياسية واقتصادية عالمية اليوم، لذا، يا ليتنا كنا هنود.
لذا، التحالف الأمريكي الإسرائيلي البريطاني اليوم يؤكد على خطورة الأوضاع الأمنية: عسكرياً واقتصادياً وسياسياً التي يمر بها العالم اليوم، وأن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية والحرب في أوكرانيا وغزة، والمناخ والطاقة والهجرة، أصبحت باهظة التكاليف، وهم لن يدفعون تكاليفها بالطبع كالعادة، كما أن السادة السياسيين على شاكلة السيد جرانت شابس لهم أطماع وطموحات سياسية شخصية، كالسعي لمنصب رئيس وزراء بريطانيا القادم، بجانب الحنين إلى المفاهيم السياسات الاستعمارية، طمعاً في ثروات الشعوب الأخرى، والتي بسببها بنوا بلادهم، وأملاً في استعادة أمجاد الماضي، لذا، انتبهوا أيها السادة، كفاكم نعاس ونوم فالخطر على الأبواب، إن كان قد دخل بالفعل.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر – فرنسا.