باريس – (رياليست عربي): هل الأغنياء وأصحاب الثروات الهائلة ورجال وسيدات الأعمال هم اللذين سيحلون مشاكل الفقراء؟ أم أن الفقراء هم عملاء وزبائن يشترون بضائع وسلع ومنتجات هؤلاء الأغنياء، لذا فمن مصلحتهم الإبقاء على هؤلاء الزبائن والعملاء؟ أم أن هؤلاء الفقراء اعتادوا واستحسنوا الفقر، والتغني بالمظلومية، والاضطهاد وسوء الحظ كمبرر لقلة حيلتهم للبقاء في القاع والتنعم بالفقر والعوز والحاجة؟
في ظل اتساع الفجوة بين أصحاب الثروات والفقراء، واستحواذ واحد في المئة من سكان العالم على نصف الثروات، والتفاوت في مستويات الدخل، تحظى هذه الفجوة الشاسعة بين الفقراء و الأغنياء باهتمام غير مسبوق في الوقت الراهن. وأشارت تقديرات إلى أن واحدا في المئة من سكان العالم يملكون 50 في المئة من ثروات ذلك العالم.
وأن هذا المستوى من عدم المساواة، والذي نعيشه الآن، هو “التحدي الأكبر” الذي يواجهه العالم. لكن هل يمثل عدم المساواة أكبر التحديات التي نواجهها بالفعل؟
أم أن التفاوت في مستويات الدخل قد لا يكون هو التحدي الأساسي الذي يواجهه العالم؟ إن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الهوة بين الأغنياء والفقراء، إنما هي في غياب العدالة، الذي يتجلى في محاباة البعض، وظلم آخرين. ولعل التحدي الأهم اليوم هو الاعتراف بوجود علاقة بين الفقر والظلم.
وأن عدم المساواة هو أحد مظاهر غياب العدالة، فمن المهم أن نزيل اللبس بين المساواة والعدالة.
وأن الاتفاق على تعريف قاطع لمصطلح عدم المساواة سيساعدنا في تحسين المجتمع الذي نعيش فيه، لأننا بهذا سنوجه الموارد لتلبية الاحتياجات الضرورية.
و لماذا تشغل قضية عدم المساواة والتفاوت حيزا كبيرا من اهتمامنا؟ هل بسبب وجود أغنياء وفقراء؟ أم بسبب عدم تكافؤ الفرص؟ أم لأسباب أخرى؟
فهناك فرق كبير بين العدالة والمساواة، كما النتائج المترتبة علي أي منهما تختلف تماماً عن الأخرى.
لذا، فإن من أبجديات الإدارة والاقتصاد هو تحديد الحاجات (الأهداف والغايات) على المدى القريب والمتوسط والبعيد، في ضوء ما هو لديك من إمكانية وطاقات: مع الأخذ في الاعتبار أن الأولوية الأولى والأهم المدي القريب، فعدم الاهتمام بتحقيق القريب لن يمكنك من تحقيق المتوسط وبالتالي البعيد، كما يلزم الوقوف بدقة على نقاط القوة والمميزات النسبية والتنافسية التي تتمتع بها يحتاجها الغير.
وعلى الجانب الآخر، التعرف بأمانة ومصداقية على نقاط الضعف والخلل، التي تجعل من الآخرين يتميزون عليك، كل ذلك في دوائر متسلسلة من المحلية والإقليمية والعالمية.
فالسادة الأغنياء ليسوا قادرين على حل مشاكل الفقراء لأنهم الوقود الذين يوفر لهم عيشة الغني والرفاهية، وهم مصدر دخلهم ، واي حلول يطرحونها تهدف أولا وأخيرا تزايد وتضخيم مصالحهم وثرواتهم، وبالأحرى، فهم يستفيدون ويستمتعون بهؤلاء الفقراء، فقد يصيبهم الملل من عيشة البذخ والرفاهية، ومن حين لآخر يحتاجون إلي التغير، ووجود ورؤية الفقراء أمام يمنحهم بعض السعادة الداخلية والتميز.
وبقاء الفقراء مصدر قوة وثروة لهم، ولا يضر من أنه بين الحين والآخر الخروج عليهم بكلمات وعبارات المساواة والعدالة الاجتماعية، وغيرها من اللافتات والشعارات التي تمد أمد فترات النعاس والنوم للفقراء والمعدومين .
إذاً، فما هو الحل؟ الحل هو الابتعاد عن الحلول التقليدية والخروج من شرنقة ومحبس المعتاد والتكرار، إلى الإبداع والابتكار والتجديد والتحديث في ضوء ما تتمتع به من مزايا وإن كانت تبدو قليلة ولكن بالفكر والابتكار سوف تحقق لنفسك التفرد والتميز، خاصة وأن معدل النمو ليس هدف في حد ذاته لسد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وهو الأمر الذي يتحقق بإحداث طفرات وقفزات كبيرة، فإذا كان معدل نمو الفقير هو نفس معدل الغني، ففي الحقيقة أن الفجوة سوف تتسع، لذا فالمطلوب هو مضاعفة معدل النمو عشرات معدل نمو الغني، حتى يتسنى له اللحاق بركب الأغنياء، وإلا فإن العربة سوف تسير للأسف إلى الخلف، وليس للأمام، انتبهوا أيها السادة الكرام.. وخاصة الفقراء.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر – فرنسا