في خضم الأزمة المُستفحلة بلبنان، والمُرشَّحة أن تطول بسبب انعدام الحل المطلوب الذي من شأنه أن ينقذ البلد من انهيار بات حتمياً، يزور العاصمة اللبنانية – بيروت، مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل، ضمن جولة إلى المنطقة تشمل العراق أيضاً. بحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية.
ورقة ضغط أمريكية
لا يخفى على أحد أن التطورات الدراماتيكية في لبنان، وصلت إلى حائطٍ مسدود، وأصبح الخوف من الإنهيار الأخير قاب قوسين أو أدنى، فإذا لم يتم حسم الوضع وإحتواء الأزمة قبل الدخول في أتون ما يشبه الحرب الأهلية في فترة ثمانينيات القرن الماضي، فضلاً عن الوضع الإقتصادي المتردي وأزمة المصارف، وتفجر الأوضاع خاصة في مخيمات اللاجئين الفلسطينين الذين بدأوا يعانون جرّاء هذه الأوضاع، كل هذا الوضع تعيه الإدارة الأمريكية، فأسلوبها المعتاد مع لبنان، حول تشكيل حكومة وتقديم مساعدات، وإذا لم تشكل لا مساعدات ستأتي.
من هنا، يحمل هيل في جعبته وعلى رأس الأجندة لديه هي سلاح حزب الله، المصنف إرهابياً في الولايات المتحدة، إذ أن واشنطن تعتبر أن سلاح حزب الله هو الذي يجلب اللاإستقرار للبنان، وبالتالي من مصلحة أمريكا، تردي الأوضاع في لبنان، ليزيد الضغط والإنقلاب على حزب الله دون غيره.
لماذا الآن؟
إن زيارة هيل إلى الدولتين اللتين تعيشان فوضى الإحتجاجات، يؤكد ضلوع واشنطن في مجرياتهما وتفاصيلهما، إلا أن هناك خشية أمريكية حقيقية، فهي تعي أنه ومنذ السابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أي منذ بدء الإحتجاجات اللبنانية وحزب الله يلتزم الصمت، لكن المؤكد كما تحمل واشنطن ورقة ضغط، يستطيع الحزب الضغط على طريقته من خلال حدود لبنان الجنوبية وهذا أمر واضح جداً، فالفوضى تهم الإدارة الأمريكية، لكن لا تستطيع الدفع بها إلى أكثر من هذا الحد، لأن الفلتان الأمني سيؤثر على إسرائيل، ولا مصلحة لأحد في المنطقة من شن حرب حتى ولو كانت محدودة. ولا يهم أمريكا أن يكون سعد الحريري رئيساً للحكومة ام لا، فما يهمها ضبط الأوضاع بما يهدئ من القلق الإسرائيلي وهذا هو بيت القصيد.
أما العراق، فالجميع يعلم أن هنا خلافاً أمريكياً على شخص الوزير المستقيل عادل عبد المهدي الموالي لإيران، فمع إستقالته لم يتم الاتفاق على شخص آخر، يلائم التوجهات والتطلعات الأمريكية، فإذا كان الوضع في لبنان محصوراً بحزب الله، ففي العراق الوضع مختلف تماماً، إذ تريد واشنطن التخلص من الحشد الشعبي بأية طريقة كانت، وما تعزيز الحشد لمواقعه على الحدود السورية إلا دليل على ما تنوي أمريكا فعله، إذ ذكرت مصادر إعلامية، أن واشنطن قامت بنقل المئات من عناصر تنظيم داعش من سوريا إلى العراق، وهذا يدلل على أن هناك ما يحاك لتفجير الأوضاع وعودة داعش إلى المسرح العراقي مجدداً، لكن كل هذه التكهنات سيتم حسمها عندما يصل مساعد وزير الخارجية الأمريكية ديفيد هيل، فبحسب من يجتمع معهم من الحكومة العراقية يتوضح عنوان المرحلة القادمة.
من هنا، تسعى الإدارة الأمريكية إلى الإستحواذ على العراق مجدداً لضمان خروج إيران من المعادلة، عبر قصقصة أجنحتها في المنطقة، ففي سوريا، تقوم إسرائيل بقصف مواقع للقوات الإيرانية، وتأمل واشنطن في قلب المعادلة على حزب الله الحليف المتين لطهران في لبنان، وأما العراق فليس أفضل من تأجيج صراع شيعي – شيعي، خاصة وأن المعلومات تتحدث عن إجتماعات أمريكية تمت في وقت سابق، برؤساء عشائر الأنبار في إحدى القواعد الأمريكية وتحريضهم على أبناء بلدهم وتفكيك الحشد الشعبي، لكن كما ذكرنا أعلاه، سيتبين الخيط الأسود من الأبيض عند وصول ديفيد هيل والإدلاء بما جاء من أجله ليتبين العراق ولبنان إلى أين!
فريق عمل “رياليست”