أنقرة – (رياليست عربي): في مثل هذا الوقت من العام الماضي 2020، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يعتلي منبره السياسي، لإلقاء خُطب عصماء حول الأوضاع في الدول العربية، مهاجماً أنظمة الحكم العربية، يصف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بـ “لانقلابي”، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بـ”القاتل”، ومعايراً قادة الإمارات بماضي الأجداد.
وقبل أن ينتهي العام الحالي 2021، تبدل الحال وهبط أردوغان من المنبر العالي في أنقرة، ليقف على أرض الواقع الاقتصادي المرير، بعد فشل حزبه في صناعة الجنة التي وعد بها الأتراك، انهارت الليرة بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد، رفع الغطاء عن قضايا فساد متورط فيها رموز حكمه، ووجد في أموال الخليج العربي طوق نجاة في إنقاذه من السقوط المروع مع تصدع شعبيته داخلياً وخارجياً.
واستقبل مؤخراً ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد زايد، وسط تنظيم مراسم تتناسب مع الأمل في ضخ الأموال والاستثمارات لإنعاش الحالة الاقتصادية المنهارة، وبعد الأحضان البرتوكولية وصف الإمارات بالشريكة الاستراتيجية.
عقب لقاء ولي عهد أبوظبي، وضع أردوغان عينيه على المملكة العربية السعودية، وبحسب تقارير إعلامية طلب من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، الوساطة بينه وبين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لعقد لقاء مع الأخير في الدوحة خلال زيارته الأخيرة إلى هناك.
مصادر قريبة الصلة من النظام السعودي، أكدت أن أردوغان حمّل الأمير تميم برسالة اعتذار للقيادة السعودية، عما بدر من أنقرة خلال أزمة مقتل الكاتب جمال خاشقجي، وجاءت زيارته غير المرتبة إلى قطر على أمل موافقة ولي العهد السعودي، على مقابلته هناك بحضور الشيخ تميم، لكن جاء الرد السعودي صادماً للأتراك، ورفض “بن سلمان” هذا اللقاء، وتم إبلاغ الوسيط القطري أن بوادر حسن النوايا غير كافية لطي صفحة خلافات معقدة وصلت لحد التحريض على محاكمة ولي عهد السعودية أمام جهات دولية عقب مقتل خاشقجي، علاوة على ممارسة التحريض ضده بالداخل لزعزعة استقرار المملكة.
التحرك تجاه السعودية، استبقه خطوات مشابهة تجاه مصر، وبدأت أنقرة فتح الاتصالات مع القاهرة، من خلال ملحقها العسكري لدى سفارتها بالجزائر، والذي أبلغ وقتها نظيره المصري هناك، برغبة بلاده في إنهاء حالة الجفاء السياسي، وفتح أفق أرحب للتعاون السياسي والاقتصادي بالمنطقة، وتبلور ذلك الاتصال بلقاء استخباراتي بين الطرفين قدم الجانب المصري فيه كافة مطالبه من الأتراك، سواء تلك المتعلقة بإيواء عناصر جماعة الإخوان “الإرهابية”، وكذلك التدخلات في الملفات العربية، واشترطت سحب العناصر المرتزقة من ليبيا، واكتفت الدبلوماسية المصرية بتنظيم لقاءات أطلقت عليها مسمى “استكشافية” للتأكد من تنفيذ قائمة المطالب.
عودة تركيا إلى دول المنطقة الواحدة تلو الأخرى، ورغبتها في فتح صفحات جديدة، لم تلقَ الترحاب داخل أجهزة الاستخبارات بالمنطقة، لقناعة عناصرها بسلوكيات الرئيس التركي، الذي يجيد الطعن في الظهر، كما وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقت إسقاط المقاتلة الروسية على الحدود مع سوريا.
دفع التشكيك في نوايا أنقرة تجاه الإقليم وفق المصادر، لإجراء مشاورات متبادلة بينهم جميعاً لاتخاذ خطوات العودة بهدوء حذر وشروط مسبقة متفق عليها في الإقليم.
خاص وكالة رياليست.