أبو ظبي – (رياليست عربي): لم تعد الخلافات الإقليمية بين دول منطقة الشرق الأوسط خفية، خاصة تلك طالت العلاقات السعودية الإماراتية، وصلت لمرحلة تهديد تماسك وحدة دول التعاون الخليجي ووضعتها على محك التفكك.
منذ أشهر طويلة تشهد مرت العلاقات السعودية الإماراتية، بحالة من الفتور تطورت للجمود، وبلغت ذروتها مؤخرا بغياب واضح لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن حضور أي فاعلية سياسية تنظمها الإمارات، ولم يعد خفيا غياب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، عن فعاليات مماثلة تشرف على تنظيمها الرياض.
وحسب مصادر دبلوماسية خليجية رفيعة المستوى، إن الخلافات بين الرئيس والأمير، سببها الأساسي اندفاع الأخير في صدام مع الجارة الخليجية، وسط رغبة عارمة بنقل تجاربها التقدمية إلى الرياض وسحب البساط من أسفل قدم الإمارات.
الخلاف بدأ برغبة ولى عهد السعودية فى نقل جميع أفرع الشركات الدولية العاملة فى الإمارات إلى المملكة، ووصلت لحد التهديد بمقاطعة المنتجات وسحب الاستثمارات، الأمر الذي دفع العديد منها إلى المغادرة الطوعية خشية خسارة أكبر سوق خليجي.
تطورت تلك الخلافات وفق كلام المصدر، وانتقلت إلى المجال الإعلامي وقررت الرياض نقل مقرات جميع القنوات والصحف التي تتبعها من دبي إلى الرياض، وحرمان الجارة الإماراتية من حصة الأخبار المخصصة لها على تلك المنصات.
من الأمور الاقتصادية انتقلت الخلافات إلى الساحة السياسية الإقليمية، وتداخلت الرياض فى قضايا إقليمية شائكة متعاونة مع أميركا فى تلك الملفات، وخلطت جميع الأوراق التي رتبتها أبوظبي مع القاهرة وعمان خلال السنوات الفائتة فى ظل انشغال السعودية بتداعيات نقل السلطة وتصعيد ولي العهد الحالي للبلاد، على حساب الأمير محمد بن نايف، وهو الملف الذي تعاونت فيه أبو ظبي بدون مواربة الأمير محمد بن سلمان، وخففت من الضغوطات الأميركية حينها، جاء ذلك على خلفية قناعة الشيخ محمد بن زايد بخطورة تعرض السعودية التي ينظر لها على أنها عمود الخيمة الخليجية لأي هزات سياسية.
الخلافات والأخذ في ارتفاع منسوبها بطريقة تثير القلق من غرق مركب الخليج، فجرها التقارب المحسوب بين الإمارات وسوريا، ووضع أبو ظبي خطة متدرجة لانخراط الدولة السورية في محيطها العربي، بعيدا عن الصدام والشروط، وأردت الرياض اختطاف الملف ومهدت له قبل إعلانها في القمة العربية الأخيرة التي استضافتها مدينة جدة، ووضع شروط وعراقيل أمام الرئيس السوري بشار الأسد، تهدد مسار تلك المصالحة ولم تراعى الضغوطات التي تعرضت لها دمشق لأكثر من عقد، بطريقة تعيد إلى الذاكرة توريط حافظ الأسد في اتفاق الطائف ودفعه لدخول لبنان إبان الحرب الأهلية، ومن ثم التحريض ضد دوليا فيما بعد، وهو الأمر الذي تتخوف من تكرارها أبوظبي بهدف تجنب المنطقة الانزلاق فى الفوضى من جديد بعد عشرية سوداء منذ اندلاع ثورات الربيع العربي “الملونة”.
تعقيد ملفات السودان وليبيا وحتى مناكفة النظام المصري نكاية في الإمارات، لم يعد خفيا على الدوائر السياسية والاستخباراتية في الإقليم، واستغلت الرياض ما يميزها من إمكانات مالية لتسهيل تلك التدخلات.
وحسب المصدر الدبلوماسي، بالرغم من الانفعال السياسي لولي العهد السعودي في القضايا الإقليمية والاقتصادية التي باتت تلحق الضرر بمصالح أبو ظبي، يحافظ رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، على «شعرة معاوية» ويلتزم ممارسة ضبط النفس خشية صدام غير محمود مع الجارة الخليجية التي يعتبرها عمود الخيمة الخليجية، ويراهن على فهم الواقع من زوايا مختلفة وتفويت فرصة تفكيك التعاون الخليجي حماية لمقدرات دوله وشعوبه.