أديس أبابا – (رياليست عربي): تراوح الحرب الأهلية في إثيوبيا مكانها، لا مهزوم ولا منتصر حتى الآن، معارك الكر والفر تسيطر على المشهد المتأزم بين القوات الحكومية وقوات المعارضة التي تقودها جبهة تحرير تيغراي والأورومو.
في ظل المشهد المعقد والتغني بالانتصارات الوهمية، تطالب الولايات المتحدة الأمريكية رعاياها، بضرورة مغادرة إثيوبيا فوراً، بالرغم من ضابية الصورة وعدم حدوث ما يثير المخاوف على أرواح الرعايا الأجانب، وتنضم لواشنطن في الدعوة عواصم غربية تكرر ذات النداء على مدار الساعة، فالمعارضة لم تقتحم العاصمة، ولا النظام دك حصون تيغراي، وأقصى ما يتم رسمه هو عملية تبادل أراضي بين السيطرة والتراجع.
كما تحدثت مؤخراً تقارير أمريكية، حول تلقي نظام آبي أحمد على دعم مسلح تمثل في طائرات مسيرة غيرت معادلة الحرب لصالح نظامه، واتهم التقرير إيران بالدخول على خط الانحياز للحكومة الإثيوبية.
للتعليق على أسباب حرص واشنطن على مطالبة رعاياها بالمغادرة الفورية دون انتصار، يقول الباحث السوداني في الشؤون الدولية، والخبير في قضايا القرن الإفريقي، إبراهيم ناصر، لفترات طويلة السفارة الأميركية في أديس أبابا، تناشد رعاياها بمغادرة إثيوبيا على وجه السرعة، بل أكثر من ذلك عرضت عليهم قرض لشراء تذاكر الطيران التجاري، ما جعل المتابعين في حيرة من أمرهم لماذا واشنطن تكرار هذه المناشدات، وآبي احمد حسم المعركة وأبعد خطر عناصر جبهة التيغراي عن العاصمة فينفيني؟
ويرى ناصر أن انتشار السلاح بين مليشيات الأمهرة، والنشاط المخابراتي الإريتري الكثيف في كل أطراف إثيوبيا، يثير قلق واشنطن، فضلاً عن المعلومات المخابراتية المتوفرة، والتي تشير إلى أن عمليات إرهابية قد تستهدف الجاليات الأجنبية، لذلك أميركا حريصة على مغادرة مواطنيها هذا البلد بأسرع ما يكون.
مؤكداً أنها تمتلك معلومات مؤكدة، حول نشاط ملحوظ على الأرض لعناصر مخابرات الجبهة الشعبية الإرتيرية، في ربوع الدولة، وهم من سيقومون بتنفيذ المخطاطات التخريبية، فآبي أحمد، بات مسلوب القرار وفاقد للإرادة لذلك يكرر زياراته السرية إلى أسمرة، بهدف استرضاء وفاة الرئيس أسياس أفورقي، والذي بات يوصف بـ “كبير السحرة” في أزمات القرن الإفريقي، وبات يملك مفتاح القرار في أديس أبابا.
وفي تطور لافت، دعا المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، إلى بدء مفاوضات جادة مع الحكومة الإثيوبية تحت مراقبة المجتمع الدولي، من أجل السلام وإعادة بناء الإقليم.
ويقول ناصر، يظن البعض أن توازن القوة، الذي فرضته المسيرات الأجنبية في الساحة الإثيوبية، ربما يعجل من حركة التفاوض بين الأطراف المتقاتلة، نعم ربما المقاربة صحيحة إلى حد ما، وقد تجلس المجموعات المتحاربة على طاولة المفاوضات لإيقاف الأعمال العدائية فقط، وتبقى التباينات باقية ومتجذرة.
وعلى القوى الساعية لحل الأزمة الإثيوبية دراسة التاريخ التاريخ الحبشي بعمق، والتبحر في أسباب الاختلافات السياسية والعرقية التاريخية، والبحث في التركيبة النفسية للعقل الحبشي في إدارة الاختلاف، وبالتالي الحرب الأهلية الإثيوبية هي حرب عدمية صفرية النتائج لكنها مستمرة ولن تتوقف.
خاص وكالة رياليست.