فتحت مغادرة قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر لموسكو، دون التوقيع على إتفاق وقف إطلاق النار مع حكومة الوفاق الليبية، التي تحدد شروط الهدنة في ليبيا تحت رعاية روسية – تركية، باب التكهنات على مصراعيه، بشأن الأسباب التي دفعت الجنرال الليبي لعدم التوقيع على الوثيقة، وكذلك بشأن مستقبل الأزمة الليبية، التي تسعى أطراف دولية عدة إلى إيجاد حل سلمي لها، طبقاً لقناة الـ بي بي سي البريطانية.
دخل النظام التركي إلى ليبيا من بوابة توقيع إتفاقيات مع حكومة الوفاق الليبية بقيادة فائز السراج، وتعزيز الموقف التركي في ليبيا من خلال الإتفاقيتين الأمنية والبحرية الأخيرتين، اللتين أحدثتا رفضاً دولياً لم يتوقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذا الأمر، مما فرض عليه حرجاً دولياً كبيراً، حيث أن عمليته العسكرية في سوريا “نبع السلام” هي الأخرى لاقت شجباً دولياً، ما جعله يسارع للبحث عن مخرج ولم يجد أفضل من روسيا لهذه المهمة، ففي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة إلى أنقرة، تم إنهاء بعض الملفات العالقة ومنها ملف الشمال السوري وتحرير إدلب، مقابل مساعدة النظام التركي في ليبيا، فيما يبدو أنها معادلة غير متكافئة نظراً لتدهور الأوضاع في ليبيا أكثر منها في سوريا، ومنها ولأول مرة بشكلٍ علني تم الإعلان عن جمع أطراف الصراع في موسكو، لتوقيع إتفاق هدنة، كانت شروطه مهيئة لأن يتم إبرامها، فماذا حدث حتى إنقلب الوضع ولم يتم التوقيع؟
في آخر إحصائية بلغ عدد قتلى الجماعات الإرهابية المسلحة الموالية لتركيا 14 قتيلاً وهم القادمين من إدلب إلى محيط المعارك الدائرة في طرابلس، حيث يتبعون لفصائل لواء صقور الشمال وفرقة المعتصم والسلطان مراد وغيرهم، وهم العاملون في سوريا في مناطق الاحتلال التركي سواء في عفرين أو منطقة درع الفرات وتل أبيض ورأس العين، في حين قدّر عدد الإرهابيين المغادرين من سوريا إلى الأراضي الليبية بما يقارب الـ 1620 مقاتل، يقابلهم عدد قريب من هذا الرقم ينتظرون المغادرة وهم موجودون في المعسكرات التركية، ما إن تتجدد المعارك بعد رفض حفتر الاتفاق.
هذا التصعيد التركي بدأ مع إعلان أنقرة الأول إرسال قوات تركية، الأمر الذي تلقفه عموم الليبيين بأنه إستعمار تركي ويلزم الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر الدفاع عن أرضه، فكما أشرنا أعلاه، يريد أردوغان أن تقف دولة قوية معه وتسانده في قراراته المتخذة في ليبيا، فكانت روسيا المبادرة إلى هذه المساعدة مقابل حل مسألة الشمال السوري، على حساب ليبيا، وهذا ما تنبه له المشير حفتر، فضلاً عن رفضه لأن تكون تركيا بصفة مراقب لوقف إطلاق النار في ليبيا لعدم ثقته بها، وطلبه إنسحاب الميليشيات غير الشرعية من الأراضي الليبية، كل هذه العوامل لم يقبل بها حفتر عطلت هذه الهدنة أو ربما تم تأجيلها إلى أن توافق ربما تركيا على شروط حفتر التي طالب بها.
من هنا، إن روسيا تهندس الوضع في ليبيا مع تركيا بمقابل إيجاد مخارج للحلول في سوريا، فيما حفتر أصر على إنهاء الإتفاقيتين بين حكومة الوفاق والنظام التركي إلى جانب النقاط أعلاه، إذ رأى أن روسيا مصطفة بطريقة أو بأخرى إلى جانب تركيا، على حساب حياة المواطن الليبي، فمسألة وقف إطلاق النار بعد تحرير مدينة سرت ومناطق كثيرة من ليبيا هي بطبيعة الحال تعطيل لتقدم الجيش الوطني الليبي، فما كان من المشير حفتر إلا الرفض أو تنفيذ شروطه، فهل توفق موسكو بين الأطراف جميعاً أم هذا الفصل الأول من مسرح الإرهاب الدائم في ليبيا؟
فريق عمل “رياليست”