موسكو – (رياليست عربي): إن مسألة حرق المصحف الشريف أمام السفارة التركية في ستوكهولم، تسبب في احتجاج عام في وسائل الإعلام والبلدان المسلمة على الصعيد الشعبي أكثر منه رسمياً.
بدأت القصة، عندما أحرق زعيم الحزب اليميني المتطرف، راسموس بالودان، مصحفاً أمام السفارة التركية في ستوكهولم، وبدل أن تقف حكومته موقف المتزن، أشار وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم إلى أن حرية التعبير مكرسة في دولتهم، في تصريح مسّ ملايين المسلمين حول العالم، في وقت خرجت الأصوات غير المسلمة تدين وتستنكر هذا الفعل الشائن، مقابل أصوات وتصريحات خجولة من الدول الإسلامية نفسها.
تعود المسلمون على الغرب الذي لا يدّخر جهداً في تأليب مشاعر المسلمين والمساس بعقائدهم إن كان عبر صور مسيئة لرموز دينية أو حرق القرآن الكريم، الأمر الذي قد يصل إلى اقتتال وحرب طائفية دون مراعاة لأي من هذا، مع الإشارة إلى أنه في القانون الدولي، يُحظر على المساس بعقائد الناس واحترامها، لكن ماذا يفعل الغرب؟ يدوس دائماً على القانون الدولي، ويمارس بلطجته المعهودة كما في العهد الاستعماري، وأكبر مثال على ذلك ما يحدث في فلسطين.
تنديدات خجولة
استنكر عدد من الدول والمنظمات الإسلامية في تصريحات واسعة النطاق، ما حدث بحرق المصحف الشريف بالقرب من السفارة التركية في ستوكهولم، معتبرين أن هذا العمل الاستفزازي هو مثال آخر على الإسلاموفوبيا التي وصلت إلى مستوى ينذر بالخطر، وتمت دعوة السلطات السويدية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد مرتكبي هذا الإجراء، في المقابل، كان الرد السويدي، بأن شدد رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون على أن حرية التعبير جزء أساسي من الديمقراطية، لكن الشرعية لا تعني دائماً الملاءمة، وأشار إلى أن حرق العديد من الكتب المقدسة يعد عملاً من أشكال عدم الاحترام العميق، وأعرب عن تعازيه في هذا الصدد.
لكن لو خرجت الدول الإسلامية مجتمعة، لكان رد الفعل أقوى، دون إنكار لدور المنظمات والحالات الشعبية، لكن إدانة الدول الإسلامية لهذا الفعل المشين غير كافية وسط تكرار لمثل هذه الأفعال “اللاأخلاقية”، بالتالي، هذا يضفي بعداً على عدم احترام الآخر للمشاعر الإسلامية حول العالم، لا بل بصمتهم يروجون أن ثمة أخطاء ترتبط بالدين الإسلامي لعل أبرزها إلصاق صفة الإرهاب به، فلماذا هذا الصمت المخزي؟
من المعروف أن فرصة دخول السويد إلى الناتو يبدو أنها ستتأخر بسبب ما فعله زعيم الحزب اليميني المتطرف، لكن وبحسب التقارير أنه لم يقم بتصرفه منفرداً بل السلطات تعلم به، ومع ذلك، لم تكترث السويد لمشاعر المسلمين، ففي كل مرة يحدث فيها مثل هكذا أفعال، يجد الغرب أن رد فعل الدول الإسلامية ضعيف مقارنةً بهول التصرف بحد ذاته.
هذا الصمت أعطى مفهوماً ربما أصبح شائعاً بالنسبة للغرب وهو أن ثمة حالة من الخوف هي من العقوبات أو من إطلاق العنان لمخططات ربما على غرار الربيع العربي، أو قطع العلاقات أو وقف التجارة، مع الإشارة إلى أن الدول الإسلامية في العموم قوية الاقتصاد نوعاً ما، والتأثير على الغرب أقوى من الحالة الأخرى، لكن يبدو أن الواقع هو مغاير لمضمون الحدث.
الموقف الروسي
روسيا دولة متعددة الجنسيات تحترم الناس من جميع الجنسيات، وتكمن قوة روسيا في حقيقة أن الناس على مدى قرون من لغات مختلفة وديانات مختلفة وجنسيات مختلفة يعيشون في سلام وانسجام، وإن منظمي مثل هذه الأعمال يخلقون بؤر توتر جديدة، وهذا تحريض على الكراهية العرقية.
وقد وجهت روسيا نداء إلى البرلمانات الأوروبية بإدانة جدية لحرق القرآن الكريم واقتراح لاتخاذ جميع التدابير لمنع مثل هذه الأعمال التي تحض على الكراهية، ورأت موسكو أن مثل هذه التصرفات هي فجور سياسي وتسامح، مغطاة بكلمات حول “حرية الكلام والتعبير عن الذات”، كل هذا، ينتج عنه إثارة الكراهية بين الأديان وإهانة مشاعر المؤمنين.
الموقف الروسي انطلق من التعايش السلمي، وقام بإرسال رسالة سلام للتعايش الديني بين الجميع، على العكس من الدول الإسلامية التي اكتفت بإدانات خجولة رغم أن تلك الدول تضم أبرز المؤسسات الدينية الإسلامية وكبار العلماء، لكن الهوان المستمر سيعود الغرب على استغلال المسلمين في كل مناسبة والمساس بعقائدهم، وحرق القرآن سيتكرر، إن لم تقف تلك الدول موقف أكثر صرامة وتشدد على أن المساس به قد يتطور إلى أبعاد كبيرة، فهل نشهد مثل هذا التضامن أم سيبقى الغرب يؤجج سياسة الكراهية والحقد ضد المسلمين حول العالم؟