قالت وزارة الخارجية التركية إن مسؤولين من تركيا وروسيا سيلتقون في أنقرة خلال هذا الأسبوع، لعقد جولة جديدة من المحادثات بشأن التطورات في سوريا وليبيا، وأضافت الوزارة، أن المشاورات ستستأنف بين الوفدين التركي والروسي الممثلين لأكثر من وكالة بخصوص سوريا وليبيا، على مستوى فني يومي 15 و16 سبتمبر/ أيلول “2020”. طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
ما أسباب دعوة أنقرة لجولة جديدة من المحادثات؟
من المعروف أن تركيا لا تلجأ إلى الجانب السياسي إلا إذا كان الوضع العسكري معقداً، أو هناك تطور ما أعاق مخططاتها سواء في سوريا أو في ليبيا، فبالنسبة إلى الملف السوري، ومع تطورات لم تألفها أنقرة سابقاً، وهو تعرض نقاط مراقبتها للقصف من قبل مجهولين، إضافة إلى قصف قواتها في شرق حلب أيضاً نسب إلى مجهولين، وجرح عدد من جنودها، ما يعني أن هناك وضع لم تألفه وبالتالي تريد المماطلة بإتباع الطريق السياسي ليتسنى لها كشف الجهات المسؤولة عن إستهدافها، خاصة وأنها على يقين من أن عملية الشمال السوري قد تبدأ في أية لحظة، فهي تريد معرفة الخطوات السورية في هذا الجانب.
من جهةٍ أخرى، يعلم الجميع أن تركيا مسيطرة على أجزاء واسعة من الشمال السوري، لكن من الناحية الاقتصادية لم تترك لها الولايات المتحدة الأمريكية أوراقاً رابحة فيه، فوجودها في سوريا لم يحقق لها شيء على الرغم من نشاط السوق السوداء في تلك المناطق، لكنه لا يشكل إلا الفتات مما كانت تتوقع أنها ستتحصل عليه، وبالتالي مع زيارة الوفد الروسي مؤخراً إلى دمشق، وإعلانه عن حجم الإستثمارات المبرمة مع الجانب السوري وخاصة في مجالات الطاقة وإعمار سوريا، أيقنت أنقرة أن من تحالف مع دمشق سيقطف ثمار هذا التحالف، بينما من إختار العكس لم يظفر بأي شيء، فهذه المحادثات ستتطرق إلى هذا الجانب حتماً حتى وإن كان من تحت الطاولة.
هل تتخوف تركيا من إتفاق المغرب؟
بعد توقيع الأطراف المتحاربة في ليبيا في المغرب لإتفاق يشبه في شكله العام إتفاق سلام وهدنة وتحديد المسؤولين للطرفين أي بين حكومة الوفاق وشرق ليبيا، من شأنها أن تتوسع وتشمل أموراً أكثر من ذلك، فليس من مصلحة أنقرة أن يتم السلام بين الأطراف الليبية، لتخسر كل ما بنته من تحالفات مع حكومة الوفاق، على الرغم من محاولات الأخيرة إلى إفشال الاتفاق قبيل عقده، لكنها لم تنجح، أما عن الدور الروسي في هذه المسألة وسط معلومات تتحدث عن وجود روسي قوي في إحدى الدول الأفريقية التي تعتبر مفتاح عبور إلى كل الدول الأخرى، لنفهم الآن عملية شيطنة روسيا في ليبيا من قبل قوات أفريكوم العاملة في أفريقيا، ما يعني أن موسكو إن صحت المعلومات فقد ضمنت موقعها في القارة السمراء وبالتالي، أصبحت في موقعٍ أقوى، ومن مصلحة تركيا التنسيق معها وقد يكون الأمر برمته تبادلاً للأدوار، إذ من الممكن جداً أن تتخلى أنقرة عن روسيا مقابل بسط نفوذها في ليبيا، حتى وإن كانت موجودة الآن لكن هذا الوجود غير مستقر، فيما هي تبحث عن تعزيز وجودها بأكثر مما هو متوفر لديها الآن.
من هنا، يبدو أن السياسة الروسية الخارجية، تعمل ولا تتكلم، في حين تحرق تركيا كل أوراقها من خلال المجاهرة بما تريد القيام به، وبالتالي، بينت الأخيرة لخصومها نقاط ضعفها الأمر الذي أتاح لهم التفكير في مواجهتها بأكثر من طريقة، على عكس الروسي الذي لا يتكلم إلا عندما يتوجب ذلك، فالملفات ليست معقدة كما تبدو للمتابع، بقدر ما هي واضحة خاصة من الناحية الاقتصادية، فكل التعقيدات السياسية هي مقدمة ومدخل للوصول إلى الجانب الاقتصادي، وسوريا وليبيا فيهما من الموارد مع يعوض سنوات تدخل الطرفين سواء بطريقة قانونية أو غير قانونية.
فريق عمل “رياليست”.