أنقرة (رياليست – عربي): كشف الرئيس التركي خارطة طريق لعقد قمة بين قادة تركيا وروسيا وسوريا، تسبقها لقاءات بين استخبارات الدول الثلاث ثم وزراء الدفاع والخارجية.
وقد رحبت موسكو بالقمة رسميا، بينما يظل الموقف السوري غير معروف، في مؤشر على استدارة تركية نحو التقارب مع دمشق، ومساع روسية لإنهاء الخلاف بين الطرفين؛ حيث يرى خبراء أن التقارب المحتمل بين سوريا وتركيا يعود إلى ملفات مشتركة قد تتقاطع عندها مصالح البلدين مثل مكافحة الإرهاب والأكراد.
تراوحت تصريحات الرئيس أردوغان في تأكيده أنه من الضروري اتخاذ مزيد من الخطوات الدبلوماسية مع دمشق، وأنه ليس مُهتماً بتحقيق انتصار على الرئيس السوري، وأن الأمور تفرض أن يكون هناك تعاون وتنسيق مشترك في مواجهة الإرهاب الذي يهدد البلدين.
أهداف تركيا
أشار الرئيس التركي إلى أن بلاده ليست لديها شروط مُسبقة، وأن المحادثات مع سوريا لابد أن تكون لها أهداف، وصرح أردوغان بأن الرئيس الروسي قد اقترح عليه تعاوناً بين تركيا وسوريا في مواجهة أعمال الإرهاب على حدودهما المشتركة.
يسعى أروغان من هذا التقارب إلى تحقيق عدة أهداف كالتالي:
أولاً، العلاقات مع روسيا
يدرك أردوغان أن تقاربه مع سوريا مدعوماً من كل من روسيا وإيران سيكون مربحاً اقتصادياً واستراتيجياً في عدد من الملفات الأخرى غير السورية.
لا شكّ في أن سنوات من الحرب التي انخرطت فيها أنقرة مباشرة في سوريا تأييداً للولايات المتحدة وحلف الناتو، لم تؤدِ إلى النتائج المرغوب فيها تركياً، ولم يستطيع أردوغان أن يدفع الناتو إلى توفير غطاء عسكري وسياسي ودولي لتدخل عسكري واسع في سوريا أو الإطاحة بالأسد.
ثانياً، الداخل التركي
التطبيع مع الجانب السوري يفيد أردوغان داخليًا بالأخص مع الانتخابات الرئاسية في 2023، ونظرًا للتراجع الاقتصادي يريد أردوغان إعادة نحو مليون لاجئ سوري طوعاً إلى بلادهم، وذلك بعدما بدأت المشكلات الداخلية بين المجتمعات المضيفة والسوريين.
قيام أردوغان بحل أزمة الأكراد والتخلص من خطرهم على حدود تركيا يعطيه تأييداً داخليا في المرحلة المقبلة واستغلال تلك النقطة للترويج للانتخابات.
ثالثاً، ملف الطاقة
التقارب بين دمشق وأنقرة وحل أزمة الحدود يتيحان للأتراك أن يحقّقوا ربحاً استراتيجياً طويل الأمد، وذلك على صعيد خطوط الطاقة، التي يهدفون من خلالها إلى استغلال موقع تركيا الجغرافي لتصبح تركيا “محوراً دولياً” للطاقة، تمر عبرها جميع الخطوط.
يتطلع الأتراك أيضًا بكل قوة إلى الغاز المكتشف في شرقي المتوسط، ويطمحون إلى أن تكون تركيا ممر عبور لذلك الغاز إلى أوروبا في ظل تصاعد أزمة الطاقة بالقارة العجوز نتيجة العملية الروسية في أوكرانيا.
سقف المطالب
على الرغم من أن الاستراتيجية التركية كانت ثابتة خلال العمليات العسكرية الأربع التي قامت بها في الشمال السوري، فإنه من الواضح أنها تباينت بخصوص كل منطقة من المناطق الثلاث التي استهدفتها؛ عفرين، وريف حلب الشمالي، ومنطقة تل أبيض.
على مدار الاجتماعات السابقة التي جرت بين أجهزة الأمن السورية والتركية، وكذلك في لقاءات القمة التركية – الروسية – الإيرانية سواء في طهران أو سوتشي، قد تناولت بصورة تفصيلية مطالب أنقرة بإبعاد العناصر العسكرية كافة التابعة لحزب العمال الكردستاني من شمال سوريا، ورفض إقامة دولة مستقلة في منطقة الحكم الذاتي، ووقف التعاون بين الحكومة السورية وسلطة الحكم الذاتي.
وفي المقابل، اشترطت دمشق، خلال هذه الاتصالات، ضرورة إبعاد القوات العسكرية التابعة للفصائل التي تستغلها تركيا في مواجهة الأكراد، بجانب أن ترفع أنقرة يدها عن دعم هيئة تحرير الشام التي تستولي على إدلب، كما طالبت سوريا تأكيد ما سبق الاتفاق عليه بفتح طريق حلب – اللاذقية – دمشق الدولي والذي يُسمى M4، والذي لا تزال القوات التركية لا تسمح بفتحه.
ومن الواضح أن مطالب كل من تركيا وسوريا حتى الآن ترتفع إلى سقف كبير يصعب تطبيقه، فلا يُتصور أن يسلم النظام السوري لتركيا باحتلالها إدلب ومنطقة عفرين بصورة كاملة، وأن يتم الحديث حول الوجود التركي في باقي المناطق بالشمال وتجاهل تلك المناطق التي تم احتلالها.
خاص وكالة رياليست.