كشفت وسائل إعلام سورية، عن حصول تقارب غير مسبوق بين سوريا والسعودية، بعد دعوة مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى حفل أقامته السعودية في أروقة الأمم المتحدة بنيويورك، وذلك استعدادا لرئاسة الرياض للاجتماع القادم لمجموعة العشرين، طبقاً لصحيفة الوطن السورية.
يبدو أن السعودية تسير على خطى شقيقتها وجارتها دولة الإمارات العربية التي قررت الانسحاب بدايةً من التحالف العربي في حربه على اليمن، ثم مشاركتها في معرض دمشق الدولي في دورته الـ 61 من العام 2016، بحضور رسمي كبير، حيث وفق رئيس سلطنة عمان السابق السلطان قابوس بتقريب وجهات النظر، إذ يبدو ان زيارة مبعوث السلطنة إلى دمشق من خلال وزير خارجيتها بن علوي حملت رسائل كثيرة وقطفت ثمارها.
إذ أن الحرب السورية وضعت العلاقات الثنائية مع كثير من الدول موضع شبهات ووصلت إلى حد القطيعة في التسع سنوات الماضية، لكن التطورات التي شهدتها الساحة السورية منذ العام 2015 وغلى اليوم، دفعت بكثير من الدول إلى تغيير سياساتها مع الدولة السورية، وفي المقدمة بعض دول الخليج، خاصة على ضوء ترك الساحة مفتوحة للنظام التركي، وهذا ما ترفضه الدول العربية جملةً وتفصيلاً وفي مقدمتهم السعودية والإمارات ومصر.
وبصرف النظر عن الخلافات العميقة مع توجهات الدولة السورية وتحالفها المتين مع إيران، لكن يجب النظر بعين واقعية، هي أن النظام التركي هو من يتحدى هذه الدول، وبدأ في ذلك مع تمركزه في قطر عقب القطيعة الخليجية – القطرية، ومعاداته باقي الدول، ولم يتوقف عند هذا الحد بل عمد إلى التحالف مع نظام الرئيس المخلوع عمر البشير وسيطرته على جزيرة سواكن، يضاف إلى ذلك محاولة سيطرته على ليبيا من خلال تحالفه مع حكومة الوفاق الليبية.
وبالنظر إلى هذا التمدد التركي، يجب على الدول الخليجية أن تدرك أهمية الخطر الذي يمارسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدءاً من سوريا وليس إنتهاءاً بليبيا، فعودة وإحياء العلاقات السعودية – السورية هي بداية للجم التركي ووضع حد له خاصة وأنه أصبح يشكل تهديداً حقيقياً للأمن القومي العربي بشكل عام، وإن صحت التسريبات المتداولة فإن ما ستقوم به المملكة لهو عين الصواب طالما تلتقي مصلحتها مع سوريا في مواجهة النظام التركي، وأن تصل متأخراً خير من ألا تصل.
فمركزية سوريا ووضعها الجيوسياسي وإرتباط عشائرها بصلات قرابة مع عشائر دول الخليج، فضلاً عن الجالية السورية الكبيرة المنتشرة في الدول الخليجية، تؤكد ان العلاقات كانت في اوجها، وأن السعودية تعرضت لضغوط وإملاءات خارجية، تتفهم الدولة السورية هذا الجانب، وفي الأعراف الدبلوماسية لا صديق دائم ولا عدو دائم، بل العدو الحقيقي هو من سيطر على أراضي دولة أخرى ويحاول تمدد سيطرته على أكثر من محور تحقيقاً لمكاسب شخصية وهذه هي حقيقة النظام التركي.
فلقد إعتبر مسؤولون سعوديين في الأمم المتحدة في الحفل الذي حضره مندوب سوريا الدائم الجعفري، أن ما حصل بين البلدين هو سحابة صيف، مشددين على عمق ومتانة أواصر الشعبين، لكن على المقلب الآخر، تجدر الإشارة إلى أن هذه البادرة من السعودية ليست الأولى فقد سبق وأن دعت وفداً صحافياً سورياً إلى الرياض، فضلاً عن زيارة رئيس جهاز الأمن الوطني السوري الالواء علي مملوك إلى الرياض أكثر من مرة، يضاف إلى ذلك الدور الروسي الرامي إلى إعادة العلاقات إلى سابق عهدها والجهود الروسية المبذولة في هذا الإتجاه.
أخيراً، يبدو أن عام 2020، محمل بالمفاجآت، إذ من الممكن أن تنتهي الحرب السورية كما بدأت، لكن كما أشرنا في أخبار سابقة، أن العقدة الأكبر هي الوجود الأمريكي والتركي، مع الإشارة إلى أن الأخير، من المحتمل ان تتوصل روسيا معه إلى حل، وأما الولايات المتحدة، سيبقى الوضع مرتبطاً بالإنتخابات الرئاسية الأمريكية، ولربما عودة العلاقات السورية – السعودية تكون بضوء أحمر أمريكي، وهذا ما يمكن إعتباره بداية الحل.
فريق عمل “رياليست”