الأمس القريب وبالعودة إلى أحداث الحرب العراقية – الإيرانية الممنهجة والتي إستهدفت التخلص المستمر من تفوق القوات المسلحة العراقية إقليماً وتدمير الإقتصاد العراقي وتدمير الإقتصاد الإيراني وكسر القوة العسكرية الإيرانية وخلق حالة من الصراع السني – الشيعي والتي تقود إلى إنهيار المنطقة وهذه حالة نعيشها الآن ومنذ فترة وستستمر، وزيادة التوتر بين دول الخليج وإيران لإستمرار إبتزاز دول الخليج بالفزاعة الإيرانية وهذا مستمر حتى الآن ولسنوات قادمة.
كل هذا كان بترتيب المؤسسات الأمريكية والإدارات المتعاقبة والتي تنفذ نفس الأجندة بنصوصها وأهدافها التي تتفق مع أجندات دولية أخرى تتوافق فيما بينها على هدم وإحتلال والإستيلاء على مقدرات المنطقة الغربية وهدم كل القدرات العسكرية لإبقاء إسرائيل قوة عسكرية وحيده قادرة على الحل والعقد لبدء مرحلة جديدة في المنطقة.
وهذا يدفعنا لإسترجاع الذاكرة حول كيف كانت العلاقات العراقية – الأمريكية إبان فترة حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فلقد كانت علاقة قوية دفعت بموجبها أمريكا الرئيس العراقي آنذاك لقتال العدو الذى صنعته المخابرات الأمريكية في طهران تحت مسمى الثورة الإسلامية والتي يجب إيقافها من طرف الدول السنية، دفعت العراق لهذا وسخّرت مقدرات الدول الخليجية لدعم هذا التوجه.
ولكي تستفيد أمريكا ومصانع السلاح والوكلاء والوسطاء كان دونالد رامسفيلد على علاقة قوية مع الرئيس صدام حسين وكان مكلفاً بإدارة هذا الملف معه، وبعد حرب الثماني سنوات والتي إستنزفت العراق وإيران ودول مجلس التعاون الخليجي وتقديم الرئيس صدام حسين على أنه المنتصر، كان لابد أن تصنع للمنتصر أعداء وصنعت له مشاكل عاجلة مع الكويت ودفعته بتوافق بيني لإجتياح الكويت وصنعت له أعداء جدد كانوا بالأمس الأشقاء والحلفاء، وإبتلع الجميع طعم الصيد مرة أخرى، وتم تمهيد الأرض لجمع العالم أجمع على رأس العراق وأهله وبنفس المال الخليجي الذي كان بالأمس داعما له ونفس الفريق الداعم له بقيادة دونالد رامسفيلد هو نفس فريق المحافظين الجدد والذي وصل لسده الحكم في أمريكا مع جورج بوش الإبن وهم مجموعة هاليبيرتون بالكامل وهم نفسهم الشركاء مع شقيق بن لادن في أحد الشركات الكبرى والتي تقوم بالتوريد المباشر لإحتياجات الجيش الأمريكي. وهو شقيق أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وهي نفس المجموعة التي قامت بالإعداد لإحتلال العراق مباشرة وإتهامه بأنه يمتلك أسلحة نووية وهي نفس الإتهامات التي إعتذر عنها من قاموا بها.
ومما سبق نعود لمشهد اليوم والذي تمت صناعته أيضاً سابقاً في تركيا على أنقاض حزب الرفاة الإسلامي بزعامة نجم الدين أربكان والمحظور في تركيا آنذاك وتم تجنيد وتوظيف أعضاء وقيادات الحزب ضمن مشروع المخابرات الأمريكية بصناعة مشروع تدميري يصب في صالح المصالح الأمريكية والغربية والإسرائيلية في المنطقة وأطلق عليه كذباً الإسلام السياسي وبدأ ظهور نجوم جدد على الساحة السياسية التركية وبدأت مرحلة التلميع الإعلامي الغربية للشخصيات التي تمت صناعتها في البيوت الآمنة وتم تكليف عناصر الشر بالمخطط لإسقاط دول المنطقة وكان لابد من تحقيق التواصل بين العرابين الأتراك للمشروع والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية، وبدأ الضغط الأمريكي والغربي لصالح الإرهابيين لتمكينهم من المحيط للخليج، وكان لابد من تهييج الشعوب وتدريب ناشطين هم بالأساس خدم للمشروع وخلق قيادة لقيادة الجماهير، ولعبت قطر دوراً كبيراً في تمويل الخراب على أمل يكون لها دوراً في المنطقة تخرج بها من خانة التقزم والنقص والتي تشعر بها بين جيرانها.
وبناء على ما سبق تم تصعيد رجب طيب أردوغان وصناعة نجمه الشعبوي من داخل الساحات الشعبية والحشد الجماهيري إلى دواوين السلطة ومساعدته على الإطاحة وتقزيم وتحييد كل من يعيق تقدم المخطط المكلف به أردوغان من قبل أصحاب المشروع الكبير وتصويره لعناصر الجماعة الإرهابية في تركيا والمغيبين والقوميين من فرقة الذئاب الرمادية على أن كل هذا يصب في خانة إعادة إحياء الخلافة العثمانية مرة أخرى.
وبناء على ذلك تم قيادة عناصر الجماعة الإرهابية وتجنيدهم من المحيط للخليج للعمل على التمكين تحت قيادة الخليفة التركي الحالم وشاركت الجماعة الإرهابية بقيادة خليفتها المزعوم في هدم تونس وليبيا وسوريا وتوغلت في العراق وحاولت هدم مصر وجيشها على رؤوس أهلها وساعدوا في تجنيد العناصر الإرهابية وإرسالها إلى العراق وسوريا وليبيا وسرقة مقدرات هذه الدول ووصولاً إلى مرحلة العدوان والعداء المباشر تتحرك تركيا تحت قيادة أردوغان وبغطاء أمريكي وغربي ظاهرة الغضب من تصرفات تركيا وباطنة الدعم والرضا الكامل منهم جميعا لأنه مكلف بتمهيد الأرض للتدخل الأمريكي والغربي الموسع للمنطقة، وقام بنفس الدور بالمشاركة مع إيران في إحتلال العراق، وقام بنفس الدور مباشرة مع سوريا وليبيا عوضا على مباشرة عمله الدائم ضد مصر ودول المنطقة وللأسف الشديد أن بعض الدول العربية إستجابت للضغوط الأمريكية والغربية والتسلل التركي ومكنت للجماعة الإرهابية عناصرها خوفاً من السقوط المبكر وهي لا تعلم أنها في كل الحالات ستدخل مرحلة الإنهيار ضمن المشروع التدميري.
ويكمن التشابه بين ما دفع إليه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان والراحل لاحقا وعلى أيادي من يوظفونه تطابق كامل للسيناريو الأمريكي في كل الحالات مع إختلاف في بعض التفاصيل.
مصدر الصورة: وكالة تسنيم
والواقع الحالي على الأرض في منطقة غاز شرق المتوسط خير دليل على ما سبق ذكره حيث تعلم تركيا التي لم توقع على إتفاقية أممية خاصة بترسيم الحدود البحرية بين دول العالم أنه ليس لها حق نهائيا في المنطقة الإقتصادية لغاز شرق المتوسط وليس لها حق في التنقيب أمام سواحل قبرص وليس لها حق في توقيع إتفاقية أمنية وبحرية مع حكومة الفرقاطة غير الشرعية في طرابلس برئاسة فائز السراج الذي أحدث الزواج الكاثوليكي بين مجلسه والجماعات الإرهابية وتركيا مخالفاً إتفاقية الصخيرات ومتجاوزاً صلاحياته بما يلغي قانونية القرارات المتخذة خاصة بعد طلبه تفعيل الإتفاقية مع تركيا ومطالبته الجزائر وبريطانيا وأمريكا وإيطاليا بأن يدعموا تفعيلها وتقديم الدعم.
مع إستمرار إرسال تركيا – أردوغان .. الأسلحة والإرهابيين ومحاولة التواجد الباطل في منطقة شرق المتوسط الإقتصادية فهو يسعى للصدام من أجل تمهيد الأرض والبحر والجو أمام فتح صراع عسكري مباشر مع مصر ويعقبه تدخل غربي في المنطقة بقيادة أمريكا وإحتلال ليبيا، وتمهيد للهجوم على مصر من الحدود الشمالية الغربية ومن سواحلها الشمالية بالكامل من سواحل السلوم والساحل الشمالي والإسكندرية وكفر الشيخ دمياط وبورسعيد حتى قناة السويس وتحريك قوات وعناصر إرهابية عبر حدودها الجنوبية مع السودان وفي نفس الوقت إشعال منطقة الخليج بالصراع الإيراني الخليجي وسوف يتزامن مع ذلك خلق حالة صراع داخل الأسرة الحاكمة في السعودية تمهيداً لإحتلال المنطقة بالكامل وهي منطقة مكتظة بالقواعد العسكرية أي أن هذه المنطقة ستكون ساحة حرب عالمية وعند إكتمال عقدها ستستخدم فيها الأسلحة النووية الغربية في المنطقة ما بين العراق وسوريا.
وفي هذه الحالة والسيناريوهات الأقرب للتحقق وعلى مراحل أمام الدولة المصرية وشعبها وقياداتها وجيشها إلا التكاتف ومواجهة الأزمة بكاملها وبكل سيناريوهاتها المحتملة لأننا لن نسلم ولن نستسلم نهائيا ولن أنسى كلمة جورج بوش الإبن عام 2000 عندما تحدث عن مشروع الشرق الأوسط الكبير وقال ستسقط مصر في أيدينا مثل التفاحة الطازجة ولنرى من سيسقط في يد من هم يخططون ويتآمرون ويمولون وينفذون ونحن صامدون ومعركة ذات الصواري البحرية الجديدة قادمة ولن ينجو منها معتد واحد.
محمد الألفي- خبير في العلاقات الدولية، خاص لوكالة أنباء “رياليست”