طرابلس – (رياليست عربي): أثار تسجيل صوتي لاجتماع بين رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي ورئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة العديد من التساؤلات حول مصدر التسريب وأهدافه.
وبحسب الأنباء المتداولة في ليبيا عبر عدة وسائل إعلام ووسائط التواصل فإن التسريب قد يتسبب في أزمة سياسية بين مصر وحكومة الدبيبة أو سيجعل مصر ترفع يدها عن التدخل في موضوع النزاع بين الحكومة الليبية وشركة الخرافي الكويتية، وفق ما طالب به الدبيبة في التسريب الصوتي.
التسريب الصوتي تم تداوله عبر كل الصفحات التي تربطها صلة بوزير الدولة والاتصال في الحكومة الليبية، وليد اللافي، مما جعل أصابع الاتهام في ليبيا تتوجه للافي بمسؤوليته عن هذا الأمر.
وبحسب صحيفة العنوان الليبية فإن مصادر بالقاهرة اكدت لها، أن السلطات المصرية فتحت تحقيقاً في القضية، وأوضحت نفس المصادر إلى أن مسؤولين مصريين تواصلوا مع الدبيبة للتعبير له عن انزعاجهم من هذه الأفعال غير الدبلوماسية، والتي تعد اختراق لسرية المداولات بين الحكومتين.
يذكر أن “اللافي”، سبق أن شغل مدير “قناة النبأ”، لصاحبهاعبد الحكيم بلحاج، المدرج على قوائم الإرهاب والمعروف بتوجهاته المتشددة ومنذ شهور جاء اسم وليد عمار اللافي، ضمن أسماء حكومة الوحدة.
وتولى اللافي إدارة عدة قنوات مؤيدة لتيار الاسلام المتشدد مثل قناة النبأ ثم فبراير ثم قناة “سلام”، كما كان وليد اللافي ذات نفسه ناطقاً باسم مجالس شورى الجماعات الإرهابية في درنة وبنغازي.
وكان المركز الليبي لحرية الصحافة، صنف في تقرير منشور له قبل 4 سنوات، قناة النبأ لصاحبها بلحاج ومديرها وليد اللافي، في مقدمة القنوات الليبية الداعمة للإرهاب والفتنة.
تجدر الإشارة إلى أن النزاع بين شركة الخرافي الكويتية والدولة الليبية يعود للعام 2010، عندما سحبت الحكومة الليبية إبان عهد حكم الرئيس الراحل معمر القذافي من مجموعة “الخرافي” الكويتية، أرض بمساحة تقارب 60 فداناً بمنطقة تاجوراء بالعاصمة طرابلس، كانت قد حصلت عليها الشركة بحق انتفاع لمدة 90 عاماً بقيمة إيجار سنوية تقدر بـ730 ألف دينار ليبي بموجب تعاقد بينهما عام 2006، نظير إقامة مشروع استثماري بقيمة 130 مليون دولار؛ وذلك “لعدم التزام الشركة ببنود التعاقد”.
وفى أعقاب ذلك، دخل الجانبان في نزاع قضائي بالمحاكم المصرية؛ على خلفية ما نص عليه العقد الموقع بينهما على أنه “حال نشوء نزاع بين الطرفين يتعلق بتفسير نصوص العقد أو تنفيذه أثناء سريانه، يتم التسوية ودياً، وإذا تعذر ذلك يحال النزاع إلى التحكيم وفقاً لأحكام الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية الصادرة بتاريخ 26 نوفمبر 1980”.
وفي 22 مارسم آذار 2013، حصلت المجموعة الكويتية على حكم لصالحها من هيئة التحكيم العربي الممثلة في مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، بتعويضها بقيمة 30 مليون دولار عن الأضرار الأدبية، و5 مليون دولار قيمة خسائر مصروفات، و900 مليون دولار عن الكسب الفائت عن الفرص الضائعة المحققة والمؤكدة، ومليون و940 ألف دولار رسوم ومصاريف التحكيم، فضلاً عن فائدة 4% من إجمالي مبالغ التعويضات المحكوم بها من تاريخ الحكم وحتى السداد التام لها.
لم يلقَ حكم التحكيم قبولاً لدى الحكومة الليبية فلجأت للقضاء المصري الذي يقع مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي على أرضه، وذلك باستئناف على حكم التحكيم أمام محكمة استئناف القاهرة، مستندة إلى أن قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 يتيح رفع دعوى بطلان على حكم التحكيم الذي جرى في مصر.
وأثار استئناف الحكومة الليبية على حكم التحكيم، جدلاً قانونياً واسعاً مع الطرف الكويتي، ليس في فكرة أحقية التعويض من عدمه فحسب، بل حول مشروعية قابلية حكم التحكيم للطعن من الأساس، وذلك لصدوره وفقا للاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربي الموقعة عليها ليبيا، والتي بمقتضاها لا يُقبل الطعن على أحكام التحكيم من الأساس.
من جهتها، قضت محكمة الاستئناف فى حكمها الأول، الصادر في 5 فبراير/ شباط 2014، برد الطلب عملاً بالاتفاقية الموحدة، فطعنت الحكومة الليبية بدورها على حكم الاستئناف أمام محكمة النقض.
وإبان النزاع أمام المحاكم المصرية، وتحديداً فى أبريل/ نيسان 2014، حجزت المجموعة الكويتية على 120 مليون دولار أمريكي من أموال المؤسسة الليبية للاستثمار في فرنسا، بموجب حكم التحكيم العربي بتعويضها بقيمة قاربت المليار دولار.
وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، قضت محكمة النقض فى حكمها الأول، بقبول طعن الحكومة الليبية وإلغاء حكم الاستئناف، معتبرة أن حكم التحكيم قابلاً للطعن عليه، لتعود القضية من جديد إلى الاستئناف، والتي قضت مرة ثانية في 6 أغسطس 2018 بعدم اختصاصها دولياً بنظر النزاع؛ لتطعن الحكومة الليبية من جديد أمام النقض.
وقضت محكمة النقض في حكمها الحديث بقبول الطعن وإعادة القضية للمرة الثالثة إلى الاستئناف لتحكم فيها بهيئة مشكلة من قضاة آخرين، مؤكدة أن حكم محكمة الاستئناف جاء معيباً مستوجباً الإلغاء؛ لعدم اتباعه حكم النقض السابق فى الدعوى، والذي قضى صراحة باختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم، مشيرة إلى أنه كان إلزاماً على محكمة “الإعادة” أن تتبع حكم النقض ولا تخالفه أو تمس بحجيته -أياً كان رأيها فيه-؛ كون أحكام النقض تظل محتفظة بقوة الأمر المقضي أمام جميع محاكم الجهة القضائية التي أصدرته إحدى محاكمها، فلا يجوز حتى مجادلتها، أو تعيب أحكامها بأي وجه من الوجوه.