تساتوريان: أعتقد أن ألمانيا هنا تنطلق من مصلحتها الخاصة والولايات المتحدة وبريطانيا كذلك، يتصرفان بذات المنطق، ويبدو لي أن القرار بتسليم الفحوصات أو قضية نافالني إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يقصد بها تعطيل هذه المسألة، لكن علينا القول بأن العلاقات بين روسيا وألمانيا ستزداد سوءاً على خلفية قصة نافالني وسيخسر جرّاء ذلك الجميع، وفي المقام الأول شركة غاز بروم التي وضعت الكثير من الأموال في إستثماراتها، وكذلك الشركات الأوروبية المختلفة.
من هنا ستكون واشنطن سعيدة إذا ما إستاءت العلاقات بين الألمان والروس، وفيما يتعلق بأن الروس إستخدموا غاز الأعصاب نوفيتشوك وسمموا نافالني، فهذا خطأ كبير وغباء للغاية، لأنه لو كان نافالني تم تسميمه بذلك الغاز لكان قد فارق الحياة منذ فترة طويلة.
ويضيف تستاتوريان، بالطبع هذه الأحداث في مصلحة من يرغب في توتير الأوضاع بين روسيا وألمانيا، والأخيرة اليوم التي تترأس المجلس الأوروبي تنطلق من إستخدام قضية نافالني للحصول على موقفٍ أوروبي موحد، وهي تستخدم هذه المسألة كذلك لمعالجة ملف الهجرة، إذ أن ميركل تربط بين ملف الهجرة وقضية نافالني، أي أنها تسعى لتوحيد أوروبا على خلفية قضيةٍ ما لأنه هناك مشكلة تحتاج إليها أوروبا في موقف سياسي موحد، وليس إقتصادي.
بما يتعلق بالمسؤولين الأمريكيين والإتهامات التي يحاولون توجيهها إلى المسؤولين الروس، مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في هذا الشأن، إضافة إلى نقل نتائج الفحوصات إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
هل يمكن الحديث عن تصعيد مرتقب بهذا الملف وما حدوده رغم غياب الأدلة؟
تساتوريان: أعتقد أن هذه القضية في خلال الأسابيع الثلاثة القادمة ستنحسر هذه المسألة، لأنه ليس هناك أحد في ألمانيا يحتاج إلى زيادة رفع حدة الخلاف مع روسيا، الأوروبيون لا يرغبون في ذلك، أما الولايات المتحدة قد ترغب في ذلك، لكنها لن تنجح، وأود التنويه هنا إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حتى عندما كانت هناك حالات إستخدام للأسلحة الكيميائية، نأخذ هنا على سبيل المثال، الهجوم الذي وقع في حلب السورية، العام 2017، إذ أنه حتى خبراء المنظمة لم يصلوا إلى مكان إستخدام الأسلحة، ما يعني أن هذه المنظمة تعمل في مجال الديماغوجيا السياسية، وبرأيي أن هناك أشخاص يجلسون في تلك المنظمة وهم على مقربة من أجهزة الإستخبارات البريطانية والأمريكية، وفقط يكون سعيهم لإستخدام هذه القصص من ناحية سياسية، خصوصاً مسألة نافالني لتوتير الأوضاع بين روسيا وأوروبا.
لكن أعتقد هنا أن الألمان سيكونون أكثر عقلانية ولن يستجيبوا لهذه المساعي، وأعتقد أنه لن يكون من مصلحتهم أن تسوء الأوضاع مع روسيا، هذا الأمر لا يقتصر على ألمانيا وحدها، بل كذلك فرنسا التي لديها موردون للغاز آخرين غير روسيا، ويضاف إلى ذلك أنه ليس لألمانيا طاقة نووية ذرية الآن ويحتاجون إلى الغاز الروسي، لذلك يحتاجون إلى لغةٍ مشتركة مع روسيا.
ساركيس تساتوريان – رئيس تحرير وكالة رياليست.