أثارت مسألة ترك رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج لمهام عمله ردود أفعال واسعة خصوصا من مؤيدي حكومة الوفاق وأنصار التقارب مع تركيا. وتشكل مسألة ترك السراج للحكم أمراً متوقعا خصوصاً أن ما تم تداوله عبر الاتصالات المحلية والدولية، تؤكد على أن الفترة القادمة ستشهد عدة تغييرات جوهرية في المجلس الرئاسي وكذلك في الحكومة التابعة له، أي أن مسألة خروج السراج قد تحدث باستقالة أو بدونها.
وترتكز ردود أفعال المستفيدين من حكومة السراج على المخاوف من تعطيل كافة الاتفاقيات والتفاهمات مع تركيا، بحكم أن أغلب هذه الشخصيات لديها مصالح مباشرة مع تركيا، بالإضافة إلى أن أغلب هذه الشخصيات تقيم في تركيا. وتمحورت التصريحات التي صدرت عن قيادات مقربة من الوفاق، وكذلك شخصيات سياسية تركية، حول نية السراج ترك مهام عمله، حول ما يتعلق بالتفاهمات التركية مع حكومة السراج، كما أن تركيا وعبر المتحدث باسم رئاستها ابراهيم قالن، استبقت أي تطور في الأمر وإشارات بوضوح إلى أن الاتفاقيات الموقعة مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ستبقى نافذة رغم تنحيه.
وبمتابعة تصريحات عدة شخصيات ليبية مسئولة في حكومة الوفاق ومقربة من تركيا فكل تركيزها على التفاهمات ما بين الوفاق وتركيا، ولم تركز على قانونية ترك السراج لمنصبه، وهذا يبين مدى ارتباط هذه الشخصيات بمصالحها مع تركيا، وليس خوفا على مغادرة السراج لموقعه فالنتيجة سواء ظلَّ أو رحل، لكن الموضوع يتعلق بمصالح تيارات متعددة داخل ليبيا مع تركيا.
ويدرك المتخوفون من مغادرة السراج في هذه الآونة، عدم قانونية ابرام حكومة فايز السراج للعديد من التفاهمات مع تركيا، وذلك بموجب اتفاق الصخيرات الذي جاء بالسراج للحكم، بالإضافة إلى مخالفتها لمذكرات قرارات مجلس الأمن الدولى ذات الصلة بالحالة الليبية، كما أن تغيير السراج سيفتح ملفات مخالفة تركيا لقرار حظر السلاح على ليبيا، والذي انتهكته الحكومة التركية قبل توقيع الاتفاق مع حكومة السراج.
بالإضافة إلى أن مسألة رحيل السراج ستثير أمور قانونية كثيرة من شأنها ابطال كل تفاهماته مع تركيا، لذلك يرى أنصار التواجد التركي في ليبيا أنه إذا ظلَّ السراج في موقعه، قد يُختار لرئاسة الحكومة الجديدة، إذا انتهت الحوارات الليبية إلى رسم خريطة طريق جديدة، وبالتالي سيكون السراج موجوداً لإعطاء هذه الاتفاقيات بُعدا قانونيا ودستوريا مُلزما.
ويأتي في مقدمة المتخوفين من اختفاء السراج من المشهد عدة قيادات مقربة من جماعات ذات توجه “اسلاموي ” متشدد يثير قلقهم مستقبل الاتفاقيات مع تركيا، وهذا ما ظهر واضحاً في تصريح أحد قيادات الجماعة الاسلامية، وعضو الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، والمجلس الرئاسي ابراهيم صهد الذي أشار إلى أن الاتفاقية الليبية التركية لن تتأثر باستقالة ، فائز السراج، وحكومته، لأنه تم توقيعها بين حكومتين، وستبقى سارية المفعول طالما استمر الغرض منها قائمًا وهو خدمة مصالح كل طرف.
ومن الأمور التي زادت من حدة تخوفات “المتكسبين ” من وجود السراج هو ظهور نائبه أحمد معيتيق على المشهد بصورة الشخصية التوافقية التي بإمكانها أن تخطوا بعملية السلام بين غرب البلاد وبين قوات الجيش بقيادة حفتر، وتوصله لاتفاق اعادة تصدير النفط مع قيادة الجيش الليبي بعد فترة توقفت أثرت على الوضع الاقتصادي للبلاد والحياة اليومية للمواطن.
خاص وكالة “رياليست” – عبد العزيز الرواف – كاتب وصحفي ليبي.