يرى مراقبون أن تركيا قد تقدم على ضم جمهورية شمال قبرص غير المعترف بها دولياً، بحلول 2023، العام الذي ستحتفل فيه بمئوية إنشاء الدولة التركية الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك، ويمكن أن تكون الخطوة ضمن سيناريو الرغبة التوسعية التي يبديها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وهو أمر يثير مخاوف لدى الحكومة القبرصية، وقال وزير الخارجية القبرصي، نيكوس كريستودوليدس، إن أردوغان قد يضم شمال الجزيرة في غضون عامين، طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز عربية“.
هل عجز العالم عن وقف التمدد التركي؟
إن أحلام الرئيس التركي أردوغان، تتوسع وتفوق المتوقع في العشر سنوات الأخيرة، وبات التمدد التركي يشكل خطراً جسيماً، ليس على العالم العربي في القسم الآسيوي فحسب، بل تعداه ذلك إلى القارة الأفريقية، والآن تنحو أنقرة بإتجاه أوروبا، وباتت قاب قوسين أو أدنى من مشارفها، والأخيرة لا تزال في إطار التنديد والتصريحات التي لا تقدم أو تؤخر.
إن العجز الدولي مسألة أصبحت خطيرة، لجهة الترهل والضعف الذي تعاني منه مؤخراً، فلا حققت أي تقدم ولا على أي صعيد أقله على صعيد ملف اللاجئين وإبتزاز أردوغان للإتحاد الأوروبي من خلاله، حتى مع أزمة شرق المتوسط، لم يقوَ المجلس الأوروبي على فرض عقوبات كما صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ونفذت تركيا إتفاقية أمنية – بحرية مع حكومة الوفاق، التي إعتبرتها أوروبا الغربية تضر بها شخصياً، أيضاً غلف الصمت عاصمة القرار الأوروبي – بروكسل.
إن هذا العجز فهمته أنقرة جيداً، وإستثمرته لصالحها، فلقد لوحت بالحرب على اليونان، ونفذت تقريباً كل ما تريده في سوريا من خلال السيطرة على أجزاء من الشمال الغربي والشرقي منها، كذلك الأمر في ليبيا، والآن قبرص الشمالية، فهذا تحدٍّ صارخ للقرار الأوروبي، وهو إستراتيجياً إنجاز تركي كبير.
ما سر التوقيت التركي للحديث عن خطة الضم؟
إن زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى شمال الجزيرة وشملت منتجع فاروشا السياحي، ليست بريئة، فهي رسالة لليونان بالدرجة الأولى، وإعلان الضم مع حلول العام 2023 والذي هو عام الإنتخابات الرئاسية التركية يحمل الكثير من الدلالات، فمع الفشل الكبير للسياسة الداخلية التركية والوضع الإقتصادي الهش والمتراخي والمعارضة التركية تتحين الفرصة المؤاتية للإنقضاض على الحزب الحاكم التركي، جعلت من أردوغان يوسع آفاق طموح الدولة التركية من خلال الإهتمام بالسياسة الخارجية التي قد يتوقف عندها وتصبح سياسات الداخل أمراً ثانوياً إن أصبح تركيا إمبراطورية قوية ليس بمقدار الإمبراطورية العثمانية، لكن على الأقل لجهة وضع اليد على الدول التي تحوي مصادر دخل تجعل من أنقرة قوة كبيرة تقارع كبرى الدول.
التوقيت مناسب، وسط الخلل الكبير الذي تعاني منه دول العالم لأسباب معروفة، أيضاً، إعطاء الأولوية مجدداً للإسلام السياسي في الأروقة السياسية العالمية، وبالتالي، صعد نجم التيارات الإسلامية مجدداً، وهو طموح أردوغان الذي لا يخفيه ولا ينكره، فمسألة الضم وإن رفضها الإتحاد الأوروبي، لن توقف أنقرة عن مسعاها، وبالتالي، وإلى أن يحين وقت إستطاعة الإتحاد الأوروبي توجيه قرار سيادي على مستوى الإتحاد ستكون تركيا صعدت وحققت كل ما تريد.
من هنا، إن تركيا أردوغان، تتمدد ولم يستطع بمقدور العالم إيقافها حتى الآن، فلقد أثبتت أنها الدول الأكثر تهرباً من إلتزاماتها والتنصل منها بحسب المصلحة التي تريدها، وبالتالي، إن كانت جزيرة قبرص تحلم بالوحدة يوماً ما، فحلم تركيا شطر الجزيرة إلى قسمين شمالي – تركي، وجنوبي – يوناني، قد نرى إشتعال حربٍ مستقبلاً لحلم أنقرة بالسيطرة على الجزيرة كاملةً، كما لواء إسكندرون السوري، في ظل جنوح العالم عن مواجهة تركيا وإيقافها، سنكون أمام قوة تكبر وتتنامى، وقد تصل فعلاً إلى القارة العجوز يوم ما.
فريق عمل “رياليست”.