وقعت حكومة الوفاق الوطني الليبية مع تركيا مذكرة تفاهم في الأمن والحقوق البحرية بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ووزراء الداخلية والدفاع والخارجية في البلدين، طبقاً لقناة الجزيرة.
لم يلقَ توقيع تركيا وحكومة فائز السراج الليبية توافقاً على مستويات دولية وإقليمية، إذ أن إتفاق الصخيرات وبموجبه لا يحق لحكومة الوفاق توقيع إتفاقيات دولية عموما، وخاصة مع الجانب التركي الذي يلعب دوراً سلبياً في ليبيا، خاصة لجهة نقل الإرهابيين من سوريا والعراق إليها، إضافة لإمداد هذه الحكومة بالطائرات المسيرة والكثير من الأسلحة، فلقد أكد وزيرا كل من مصر واليونان عدم شرعية هذا الاتفاق، خصوصا وأنه يتعارض مع سبل التسوية السياسية، فيما إعتبرت فرنسا ومصر أيضاً أن هذا الاتفاق يعد إنتهاكا للقوانين الدولية، مشددان على أن حل الأزمة الليبية مرتبط بإكمال مساعي مسار برلين للتوصل إلى حل سياسي شامل.
إلى ذلك، ترى حكومة الوفاق أن مذكرات التفاهم هذه من شأنها الحفاظ على الأمن وحماية سيادة ليبيا وتنظيم ملفات كثيرة كالهجرة غير الشرعية، إضافة إلى الحد من الجرائم، فيما يرى معظم الشعب الليبي أن هذه الحكومة وعلى الرغم من أنها تملك شرعية دولية وتحظى بقبول من الأمم المتحدة، إلا أن العنف لم يتوقف منذ إنهيار ليبيا بعد سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي، مؤكدين أن لتركيا وقطر دورا بارزا في تأجيج الصراعات عبر ما قاموا ويقومون به، خصوصا حجم صفقات الأسلحة بين الجانبين الذي كان كبيرا وتبين من خلال رصد إجتماعات للسراج ومن معه في إسطنبول التركية أكثر من مرة، ما يعني أن تركيا تحاول مجددا تأجيج الصراع في ليبيا، في ضواء مساعي المشير خليفة حفتر مجابهة الإرهاب كونه ممسك بالورقة الأقوى ألا وهي الجيش الوطني الليبي، إضافة إلى القبول الشعبي الذي يقف في صفه.
فمع زيادة حدة المشادات بين بعض الدول الغربية والعربية وتركيا حول الملف السوري تحديدا، تعمل تركيا على توطين نفسها وتحصينها في ليبيا، لتؤكد أنها موجودة كثقل دولي ولاعب إقليمي له وزنه، وهذا ما يدركه الغرب جيدا، لكن مع فقدان حكومة الوفاق لحاضنتها الشعبية الداخلية في الداخل الليبي، يبدو أن التموضع التركي مؤقت حاله كحال سوريا، لكثرة اللاعبين في الملف الليبي، خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا وإيطاليا، فمساعي أنقرة بدأت تفقد بريقها شيئاً فشيئاً، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، إذ أن مصر لن تسمح للتواجد التركي بشكل شرعي أو غير شرعي على حدودها مع ليبيا بأي شكل من الأشكال، فالتدخل التركي في ليبيا هو أمر رفضته القاهرة مرارا وتجدد رفضها له طالما أنه يقوض إمكانية الحل ويهدم المباحثات التي عقدت في هذا الشأن.
من هنا، يبدو أن النظام التركي بدأ يخرج عن السيطرة في الملفات الدولية والإقليمية، إذ لم تعد تصرفاته مقبولة لدى المجتمع الدولي خاصة وان العنف في ليبا وصل إلى أعلى مستوياته، ما يؤكد ان وجود تركيا عامل مساعد على دعم الإرهاب لا مكافحته بعكس الدول الأخرى كالإتحاد الروسي ومصر، فيما يبقى التعويل الأكبر على الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر، لينهض بهذا البلد خاصة وأن حكومة الوفاق لم تقدم لليبيا شيء، فكيف توقع على مذكرات أمنية وبحرية وغير ذلك، فيما هي تسيطر على مساحات قليلة من الأراضي الليبية.
فريق عمل “رياليست”