وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات إلى روسيا بشأن الملف السوري، محملاً إياها المسؤولية عن استهداف مركز تأهيل تابع لـ”الجيش الوطني السوري” المعارض المدعوم من أنقرة في إدلب، واصفاً هذا الاستهداف بأنه “مؤشر على عدم دعم روسيا للسلام الدائم والاستقرار في المنطقة”، وذلك خلال كلمة ألقاها أمام الكتلة النيابية لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم في مقر البرلمان بالعاصمة التركية – أنقرة. طبقاً لوكالات أنباء.
لماذا يحرّف أردوغان الحقائق؟
بعد صمتٍ دام قرابة يومين من بعد الغارة التي نفذها سلاح الجو الروسي على معسكر يعود لـ “فيلق الشام” الإرهابي بريف إدلب، كان بصدد تخريج دفعة جديدة من المقاتلين بطلبٍ من أنقرة، لإستخدامهم في القتال في قره باغ إلى جانب القوات الأذرية، إتهم الرئيس أردوغان، الدولة الروسية بأنها إستهدفت فصيلاً معارضاً (غير إرهابياً) وفق أردوغان، معلناً أن القصف أصاب مركز تأهيل تابع للجيش الوطني السوري المعارض، الأمر الذي نفته الإستخبارات الروسية من خلال الصور الفضائية، والفيديو المصور للعملية، الموجود في كل وسائل الإعلام، ما يعني أن سياسة ازدواجية المعايير مهنة تركية، إمتهنتها خلال سنوات الحرب السورية.
فكذب تركيا في هذا الموضوع، إعطاء شرعية للجسد الإرهابي بأنه معارض وحاملاً للسلام على عكس الحقيقة، فلقد صرح مسؤولو أرمينيا مؤخراً أن لديهم دلائل تثبت على تواجد مرتزقة سوريين تقاتل إلى جانب القوات الأذرية.
هل سينجح أردوغان في رده على الغارة؟
قال أردوغان إن بلاده تحتفظ بحق اتخاذ إجراءات عسكرية جديدة في سوريا، إذا لم تطبق الاتفاقات الخاصة بانسحاب الفصائل التي يعتبرها إرهابية من المناطق الحدودية، في إشارة إلى الفصائل الكردية، هذا التصريح تمويه يُراد به الإشغال للتفرغ للشمال السوري، فلقد أطبقت القوات التركية في المناطق التي سيطرت عليها على الكثير من القرى والبلدات، وأجبرت ساكنيها على الإخلاء وتحت تهديد سلاح الجيش الحر الموالي لها، والجميع شاهد ذلك إيان عملية غصن الزيتون وإحتلال مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية في ريف حلب، وطرد معظم سكانها، ومؤخراً نشر الإعلام الألماني ما أسماه “زيتون سلقين”، وهي منطقة تقع في ريف إدلب وتشتهر بزراعة الزيتون، حيث يقوم الإرهابيون بتصديره إلى ألمانيا عبر تركيا، ما يعني أن الإحتلال التركي وجوده لا يقتصر فقط على الناحية العسكرية، بل يعمد إلى سرقة خيرات سوريا وبيعها علناً في صمت من المجتمع الدولي، وكلام روسيا عن ضرورة إنهاء الإرهاب في الشمال السوري، امر غير مستساغ لدى أردوغان، فالمنطقة الآن في وضع دقيق، فلدى أنقرة ورقة رابحة ستستخدمها وهي أن ترسل من لديها من اللاجئين السوريين وتنشرهم في مناطق الأكراد، وهذا مشروع سبق وأن أعلنته في شمال شرق سوريا، من خلال بناء مشروعات سكنية حديثة مقسمة بالتساوي بعد إحتساب إستيعاب كل منطقة عن أخرى، هذا المشروع لم يبصر النور بعد، لكن مخططاته برزت على وسائل الإعلام، ولعل هذا الأمر هو نقطة الخلاف الجذرية بين أنقرة وموسكو.
أخيراً، إن النوايا التركية في المناطق التي تدخلت فيها غير سليمة، وتصريحات أردوغان توحي بأن هناك ما يُحضّر، وبنفس الوقت سيكون هناك ترقب وحذر من روسيا وسوريا معاً، لكن التوقعات الأخيرة ستجعل أنقرة تتصرف بسرعة لدرء مخاطر خروجها خاسرة من الشمال السوري، فالتصريح بأن الغارة إستهدفت مركز تأهيل، نافياً أن يكون مركز تدريب، هو تحصين تركي له وللفصائل الإرهابية معاً، ما يعني أن الأوراق المبيّتة ستخرج تباعاً لعل إسكان اللاجئين الموالين لتركيا في بعض المناطق هو الجزء الأول من خطة ونوايا تركيا في سوريا.
فريق عمل “رياليست”.