كشف مصدران مقربان من قادة الجماعات المسلحة التابعة لتركيا في شمال شرق سوريا، عن اجتماع جرى بين قادة مليشيات الحزب التركستاني المعروف بـ”الإيغور” الموالي لأنقرة، والاستخبارات التركية في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عرضت فيه الحكومة التركية صفقة تمثلت في نقلهم إلى مؤسسات ومراكز أمنية بمحيط مدينة ديار بكر جنوب شرقي تركيا، والمشاركة في معارك جديدة ضد الأكراد شمالي سوريا، طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز عربية“.
وقال المصدران إن خلافات نشبت بين الحزب التركستاني وأبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة التي تسيطر على مدينة إدلب، شمال غرب سوريا، بسبب رفض الأخير انتقال مليشيات التركستان إلى تركيا بكافة أسلحتها، وتمسكه بخروجهم بعد تسليم كافة أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة، طبقاً لذات المصدر.
ماذا وراء نقل الإيغور إلى ديار بكر؟
بعد أن إعتقدت تركيا أنها أطبقت سيطرتها على شمال شرق وشمال غرب سوريا، تلمست الخطر المحيط بها من الأكراد التابعين لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً في تركيا، فهي اليوم تحاول تكرار سيناريو عفرين ومنبج ورأس العين، لجهة إطباقها على الأكراد والسكان المحليين المقيمين هناك بالعمل على تهجيرهم وإسكان عائلات الفصائل الإرهابية المسلحة بدلاً منهم، لكن إختيار أنقرة للحزب الإسلامي التركستاني، “الإيغور” الموالي لتركيا حتى النخاع، هم عبارة عن جيش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإحتياطي لأي تطور مقبل قد يتعرض له، سواء إنقلاب جديد، أو خسارته في إنتخابات العام 2023، وبالتالي هو يحتاج إلى جيش إحتياطي يقلب من خلاله الطاولة على خصومه سواء في الداخل التركي أو خارجه، خاصة بعد أن طلب أردوغان من الإدارة الأمريكية إزالة إسم هذا الفصيل عن لائحة الإرهاب الدولي، وبالفعل تم ذلك.
ومن المعروف أن أكثر من 350 ألف “إيغوري” من الصين والشيشان والطاجيك والأوزبك يعيشون في تركيا ويملكون إقامات مفتوحة المدة، ولهم مزايا كما المواطن التركي، وبعضهم حصل على الجنسية التركية، كما دخل إلى الأراضي التركية ما بعد العام 2015 أكثر من 50 ألف مقاتل من الحزب الإسلامي التركستاني، وبالتالي إن عملية نقلهم إلى تركيا، ليس إفراغاً للساحة السورية، بل إعادة تدوير لهم وإستخدامهم في القتال ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي يبدو أنه ينشط مؤخراً من خلال التنسيق بينه وبين أكراد سوريا لمواجهة المد التركي.
هل يكون أردوغان نسخة ثانية عن ترامب؟
يبدو أن زعماء الفترة الحالية خاصة أولئك الذين إنخرطوا في صراعات المنطقة، ضاربين القوانين والأعراف الدولية عرض الحائط لا يتقبلون فكرة إنتهاء ولايتهم ومجيء بديل عنهم، فالجميع علم بالحرب الإنتخابية التي شنها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، كذلك يعمل أردوغان على تحصين نفسه حتى قبيل إنتهاء ولايته بسنتين، وبالتالي، فرضية الخسارة أو الإنسحاب ليست من قاموسه، وسيعمل على خلط الأوراق والتي قد تكون نتيجتها حرب أهلية تعصف بتركيا إذا لم يتحقق مراده، فنقل الإرهابيين والمقدر عددهم بـ 7000 مقاتل من إدلب السورية إلى ديار بكر، إضافة إلى الآلاف الآخرين الموجودين في الداخل التركي، هم بكل وضوح جيش متكامل، يستطيع من خلالهم كما أشرنا أعلاه قلب الطاولة، فضلاً عن أن الرئيس أردوغان مهتم بشكل شخصي بالشركات الأمنية والتي بدأت تتنامى منذ العام 2004، وبلغ عددها حتى اليوم 283 ألفاً و431 موظفاً، بينما بلغ عدد الأشخاص الحاصلين على شهادة أمنية خاصة حوالي مليون و556 ألفا و250 شخصاً، ما يؤكد أن الأولوية لهذه الشركات التي قد تواجه يوماً ما الجيوش الرسمية إذا ما حدث أي خلل أو طارئ، وهو ليس ببعيد.
أخيراً، إن التطورات الأخيرة التي حققتها تركيا (أردوغان) توجب إدارة الأيام القادمة والتنعم بالمكرمات التي حصدها، في سوريا وليبيا وناغورنو قره باغ، وهذا لن يتحقق بمعدل سنتين قبيل إنتهاء مدة ولايته، وبالتالي، هو في سباق مع الزمن للتخلص من خصومه وكل أعدائه المحتملين وخاصة الأكراد منهم، ليستطيع بدء تنفيذ مشروعه المتمثل بنشر الطورانية والعثمانية الجديدة إلى ما هو أبعد من حدود الدولة الواحدة أو حتى محيط الدول الناطقة باللغة التركية.
فريق عمل ” رياليست”.