بغداد – (رياليست عربي): في الفترة الأخيرة عاد الحديث عن مقترح قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن ترحيل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن وتحويل غزة إلى منطقة سياحية شبيهة بـ”ريفييرا البحر المتوسط” هذا الطرح أثار موجة من الجدل والرفض القاطع من الدول المعنية والمجتمع الدولي الذي رأى فيه تعديًا على الحقوق الفلسطينية وانتهاكًا للقانون الدولي.
من ثم جاء رد فعل مصر حاسمًا تجاه هذا المقترح حيث أكدت القاهرة رفضها القاطع لفكرة توطين الفلسطينيين في سيناء على لسان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أشار إلى أن بلاده لن تقبل بأي محاولة لفرض واقع جديد يتجاوز الحقوق المشروعة للفلسطينيين مصر ترى في هذا المخطط محاولة لتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها وتحويلها إلى أزمة إنسانية بدلاً من كونها قضية تحرر وطني كما أن هذا الطرح يمس بالسيادة المصرية ويشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي.
أما الأردن فقد عبرت عن موقف مماثل حيث أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني رفض بلاده لأي خطة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال توطين اللاجئين أو تهجيرهم من أرضهم كما أن عمان تدرك أن تنفيذ مثل هذه الخطط سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة ويفتح الباب أمام موجة جديدة من التوترات الأمنية والسياسية.
اما المجتمع الدولي بدوره لم يكن بعيدًا عن المشهد فقد أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء أي خطة تهدف إلى نقل السكان قسرًا باعتبار ذلك انتهاكًا للقانون الدولي كما عبر الاتحاد الأوروبي عن رفضه لأي حلول غير قائمة على احترام الحقوق الفلسطينية وإقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 هذا إلى جانب الرفض الشعبي الذي ظهر في تظاهرات ومواقف رسمية وغير رسمية في مختلف أنحاء العالم.
ولابد منا ان نقف على الأهداف الخفية لهذا المقترح الذي يأتي ضمن توجهات سياسية تهدف إلى فرض رؤية إسرائيلية للصراع تقوم على تقويض أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية تحت غطاء مشاريع اقتصادية وسياحية طرح فكرة تحويل غزة إلى منطقة سياحية لا يبدو إلا محاولة لتجميل واقع خطير يتمثل في اقتلاع السكان من أرضهم وإجبارهم على الهجرة القسرية كما أن هذا المخطط يخدم أهدافًا استراتيجية لإسرائيل تتمثل في التخلص من عبء غزة من الناحية الأمنية والديموغرافية.
على الرغم من الضغوط الأمريكية فإن تنفيذ مثل هذا المخطط يبدو مستبعدًا في ظل الموقف الرافض من مصر والأردن والمجتمع الدولي إلا أن خطورة الفكرة تكمن في أنها تعكس توجهاً مستمرًا لدى بعض الدوائر الغربية والإسرائيلية لإيجاد حلول على حساب الشعب الفلسطيني بدلاً من الاعتراف بحقوقه التاريخية والقانونية هذا يعني أن السيناريوهات المستقبلية قد تتجه نحو المزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية لإجبار الفلسطينيين على القبول بواقع جديد يكرس الاحتلال ويفرض حلولًا غير عادلة.
في ظل هذه المعطيات تبقى القضية الفلسطينية أمام تحديات كبيرة تتطلب موقفًا عربيًا ودوليًا أكثر صلابة لمنع تمرير مثل هذه المخططات التي تستهدف جوهر الصراع وتجعل من الحقوق الفلسطينية مجرد تفاصيل قابلة للمساومة متى شاءت الدولة المزعومة وحليفتها قرن الشر.
خاص وكالة رياليست – عبدالله الصالح – كاتب، باحث ومحلل سياسي – العراق.