قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه بحث الصراع في ليبيا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مكالمة هاتفية وإنهما اتفقا على “بعض القضايا” المتعلقة بالتطورات هناك، وقال أردوغان في مقابلة مع تلفزيون (تي.آر.تي) الرسمي قد تبدأ حقبة جديدة بين تركيا والولايات المتحدة بعد مكالمتنا الهاتفية. اتفقنا على بعض القضايا، لكنه لم يذكر تفاصيل، وذلك طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
هذا الحدث من حيث الشكل هو حدث طبيعي يمر بين أي رئيسين حليفين لقوة عظمى، وقوة أصبحت لا يستهان بها، أي “تركيا”، فهذا التمدد التركي إلى خارج حدود دولتها، وبعيداً عن جغرافيتها، يعيد بالذاكرة إلى تمدد السلطنة العثمانية في الزمن الماضي، إلا أن الإختلاف بين الماضي والحاضر، أن تركيا تحالفت مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر إلى يومنا هذا القوة العظمى في العالم، على الرغم من تمنيات البعض تراجع هذه القوة محللين ومعللين أن جائحة “كورونا” والبطالة الحاصلة إثر ذلك، وسوء الأوضاع الاقتصادية جرّاء التقييد والإقفال قد يضعف هذه القوة، وهذا الأمر لن يحدث على الأطلاق، رغم الأماني بخصوصه.
فتركيا “أردوغان” تظهر للعيان تحالفاتها الوثقى مع الجميع، لكن ثبت بالتجربة أنها لا تهاب أحد، طالما الحليف القوي يساندها ويدعمها، وبالتالي تمددها أمر طبيعي رغم محاولات المعسكر الآخر، صد هذا التمدد كدولة الإمارات ومصر، فنجاح أنقرة في ليبيا، هو خسارة كبرى لأبو ظبي ومعها القاهرة، على الرغم من أن هذه الخسارة تحتسب كجولة من حرب لم تنتهِ بعد، إلا أن المرجح أن ما من تحالف مع الولايات المتحدة سيخرج صفر اليدين، وأقله أن نعتبر الدولة الليبية دولة إنتداب وإستعمار لن تستطيع النهوض بعشرات السنين، ودون الخوض في الأسباب والتفاصيل، لكن هذا واقع حالياً وعلى الجميع التعاطي والتعامل معه على هذا الأساس.
ولم تستطع روسيا فعل الكثير في الملف الليبي، قد يكون ذلك، بحسب معلومات خاصة لـ “وكالة رياليست”، أنه تاريخياً لا إرتباط روسي بالقارة الأفريقية، التي لطالما كانت مستعمرات أوروبية وخصوصاً “فرنسا وإيطاليا”، ما يعني أن موسكو تعلم ذلك جيداً، لكنها تحاول التهدئة ومساعدة حليفها الجنرال خليفة حفتر، عسى أن يتغير الواقع الميداني ويحقق نقلة نوعية يعاد فيها التوازن عبر قوات شق ليبيا من جديد.
فالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين ترامب وأردوغان، وتحفظهما على ذكر تفاصيلها، ليس صعباً معرفة ما دار من حديث، فالمرحلة اليوم هي مرحلة تثبيت التواجد التركي، وكيل أمريكا في ليبيا، وهذا التثبيت يحتاج إلى أموال وإستمرار الضواء الأخضر الداعم لأنقرة، خاصة وأن أردوغان اليوم بعدما حجز لنفسه مقعداً في سوريا وليبيا، على الأقل في هذه المرحلة، بدأ بتوسيع نشاطه، فلقد ذكرت دار الإفتاء المصرية عن معلومات تتحدث عن تنسيق الرئيس التركي مع داعية إسلامي “سوري” مقيم في أستراليا، يعتبر صلة الوصل بين أنقرة وتنظيم القاعدة، وذلك لا يفهم منه إلا حاجة تركيا لاستقدام المزيد من الإنغماسيين مقابل مبالغ مالية، وهذا أمر إعتاد عليه نظام أردوغان خاصة في سوريا، فلقد جلب مؤخراً 40 داعشي عراقي وأنشأ لهم كتيبة في مدينة الباب السورية، مهمتهم “التفخيخ والإغتيالات”، ما يعني أن حقبة سوداء تنتظر البلدين طالما أن المجتمع الدولي لا دور له وكل الدور أمريكي بإمتياز.
من هنا، تعمد واشنطن وأنقرة على البدء بقطف ثمار جهودهما معاً، فسوريا لا تشكل مورد مالي مهم للولايات المتحدة، على عكس ليبيا، وعلى الرغم من الرفض الدولي والإقليمي، إلا أن تركيا ماضية في بدء الكسب جراء تدخلها هذا، فالغاز والنفط والثروات الأخرى، تشكل مورد إقتصادي مهم لهما، خاصة بعد السيطرة عليه من خلال إبرام إتفاقيات مع حكومة الوفاق التي قد تبيع ليبيا في مقابل الإبقاء على شرعيتها، وهذا الأمر هو ورقة الضغط الأمريكية عليها، ولن يتغير هذا الواقع حتى تقوم قوات حفتر بتغييره بتصميمها على إستعادة العاصمة طرابلس والتي هي الأهم من كل مناطق الصراع في ليبيا.
فريق عمل “رياليست”.