قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الولايات المتحدة تعتزم تصنيف حركة الحوثيين في اليمن منظمة إرهابية أجنبية، في خطوة يخشى دبلوماسيون وجماعات إغاثة أن تهدد محادثات السلام وتُعقد جهود مكافحة أكبر أزمة إنسانية في العالم، ويأتي قرار إدراج الحركة المتحالفة مع إيران على القائمة السوداء، بينما تستعد إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن لتولي السلطة من إدارة دونالد ترامب في 20 يناير/ كانون الثاني، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
إن إدراج جماعة أنصار الله اليمنية أو التي تُعرف بإسم “الحوثيين”، على القائمة السوداء، خطوة متأخرة كثيراً، لها دلالاتها التي في مجملها هي خطة من إدارة ترامب في لحظاتها الأخيرة، فما هي هذه الخطة؟ وكيف سيؤثر ذلك على التسوية السياسية اليمنية؟ وهل ستقرب هذه الخطوة أنصار الله أكثر من إيران؟ وما هو موقف الأمم المتحدة ودول التحالف العربي إزاء هذا الأمر؟
الهدف “إدارة بايدن”
إن سلاح العقوبات الأمريكي لا يزال نشطاً حتى في أيام ترامب الأخيرة، فبعد زيادة العقوبات على إيران في الآونة الأخيرة، كانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت عقوبات على مسؤول عراقي سابق في الحشد الشعبي “فالح الفياض”، ومن ثم جاء دور الحوثيين بشكل عام كمنظمة إرهابية، مع وضع ثلاثة من قياداتها على اللائحة السوداء وهم: عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين المدرج على قوائم عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهو المطلوب الأول ضمن قائمة الـ40 إرهابياً لتحالف دعم الشرعية في اليمن، والشقيق الأصغر لعبد الملك، واسمه عبد الخالق الحوثي وهو مدرج أيضاً على قائمة العقوبات التي فرضها مجلس الأمن، والمطلوب السادس ضمن قائمة تحالف دعم الشرعية في اليمن، كذلك عبدالله يحيى الحاكم القائد الميداني لميليشيات الحوثي، المدرج أيضاً على قائمة العقوبات التي فرضها مجلس الأمن، والمطلوب الخامس ضمن قائمة التحالف، طبقاً للمعلومات.
ومما لا شك فيه أن للحوثيين دوراً سلبياً في إدارة الحرب على الطريقة الميليشاوية من خلال السيطرة على صنعاء ومعظم وأغلب المراكز الحضرية الكبرى، وبالتالي هم خصم لا يُستهان به، فالخطوة الأمريكية خطوة غير مدروسة، لكن المستهدف منها ليس الحوثيين بقدر ما هو الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، الذي كان قد صرح في كثير من المناسبات حول تصحيح أخطاء الإدارة السابقة، وبالطبع منها خطأ الخروج من اتفاقية الملف النووي مع إيران، فالإدارة الحالية تسعى إلى الحد من قدرة الإدارة القائمة على معالجة هذه الملفات لتداخلها خاصة تلك المتعلقة بإيران، سواء في اليمن أو العراق.
قرار “إنتقامي”
إن توقيت هذه العقوبات في هذه المرحلة من شأنه تقويض الجهود الأممية لعملية السلام والتسوية السياسية، حيث تحاول الأمم المتحدة استئناف المفاوضات بشأن اليمن، إلا أن العقوبات هذه ستخلق معوقات قانونية حقيقية حول آلية إشراك الحوثيين في المفاوضات المقبلة، إضافة إلى ذلك، ستقطع العقوبات كل الصلات التي تجري خلف الكواليس أو في الخفاء وعبر وسطاء بين السعودية والحوثيين لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد، فتكون الإدارة الأمريكية قد أجهزت على هذا الأمر أيضاً، وبنفس الوقت يعمل ترامب ومساعديه على الانتقام من السعودية نفسها التي هنأت بايدن على فوزه في الانتخابات قبيل عملية تنصيبه الرسمية.
إلى ذلك، قد يستفيد الحوثيون من هذه العقوبات من خلال زيادة الاستهدافات والعمليات العسكرية، ضد أهداف داخل وخارج اليمن، كما من شأن القرار الأمريكي أن يؤثر على العملية الإنسانية برمّتها ويفاقم الأوضاع لأن قسم كبير من المساعدات يدخل إلى البلاد عن طريق موافقة الحوثيين، وهذا أمر أيضاً سيزيد من تفاقم الوضع الإنساني في ظل مجاعة تهدد البلاد.
نتائج عكسية
نفى الحوثيون مراراً دعم إيران لهم، كذلك الأخيرة، حتى اعترفت مؤخراً بتقديمها للملفات الفنية والتقنية التي تتعلق بتصنيع الطائرات المسيرة والتي كانت السبب الرئيسي في توسع أنشطة الحوثيين لما هو أبعد من أهداف داخل اليمن وبالتالي، فخطوة فرض الجماعة على القائمة السوداء، سيفتح الباب إلى مزيد من التعاون بين الجانبين، خاصة وأن طهران كانت قد أرسلت سفيراً إلى صنعاء في أكتوبر/ تشرين الأول العام 2020، ما يعني أن التعاون سيزداد، وهذا ما سيعقد ويفاقم الأوضاع أكثر مما تبدو عليه، لأن الحوثيين يتحكمون عملياً بمنطقة شمال اليمن كلها، فهم قد منحوها صك التوسع والنشاط الأكبر لها بدلاً من العكس.
فهذه الخطوة لن تحقق أية فوائد، لأن الولايات المتحدة ستحولهم من ميليشيا تقاتل ضمن إمكانيات محدودة إلى عدو استراتيجي أعطته الأهمية الكبرى لجعله خصماً لن تمر أية تسوية بدونه.
أخيراً، إن الإدارة الأمريكية الحالية تستخدم الوقت بدل الضائع، لإيذاء الخصم الجديد بايدن، وتحميله ملفات شائكة ستستنفذ قوى الإدارة الجديدة، بينما لم تستطع الإدارة الحالية معالجة الملفات الأكثر خطورة في منطقة الشرق الأوسط خصوصاً النزاع في اليمن، منذ العام 2015، عام الحرب اليمنية، وإلى يومنا هذا، ما يجعل جماعة أنصار الله أقوى مما كانت عليه، الأمر الذي ستنظر له السعودية بقلق إلى أن يتولى الرئيس الجديد مهامه لعلاج هذه المشكلة الكبيرة والتي تشكل تهديداً حقيقياً لمنطقة الخليج، بالسرعة القصوى، أو أن المنطقة اليوم أمام تصاعد للعنف من خلال استثمار الوقت حتى 20 يناير/ كانون الثاني 2021، أو أكثر من ذلك بقليل.
فريق عمل “رياليست”.