أعلنت وزارة الخارجية التركية أن تركيا ستستضيف قمة كبرى حول عملية السلام في أفغانستان في إسطنبول خلال الفترة من 24 أبريل/نيسان إلى الرابع من مايو/أيار، مضيفة أن ممثلين عن حركة طالبان والحكومة الأفغانية سيحضرون المحادثات، طبقاً لوكالات أنباء.
وكان قد بحث المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين والمبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، مستجدات عملية السلام الأفغانية والاجتماع المزمع عقده في اسطنبول دعماً لها، ومن أجل تسريع عملية التفاوض بين الفرقاء الأفغان.
عامل الوقت
في كل أزمة دولية لا بد أن تكون تركيا حاضرة بطريقة أو بأخرى، في الأزمة الأفغانية، والتي لم تتحول إلى أزمة بمعناها الواسع، لأن المهلة المقررة بحسب اتفاق الدوحة بين الأفرقاء الأفغانيين والولايات المتحدة الأمريكية لم تنتهِ بعد، وموعدها 1 مايو/أيار بحسب آخر اتفاق، إلا أن بايدن فجر قنبلة لم يُعرف صداها بعد حيث قرر إرجاء سحب قواته من أفغانستان إلى الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول المقبل دون العودة إلى أطراف الاتفاق ومناقشتهم في هذا الأمر، معللاً في وقت سابق أن الإرجاء يعود لأسباب لوجستية نظراً للأعداد الكبيرة من القوات الأمريكية الموجودة في أفغانستان.
هذا الموعد أعلن عنه فجأة ودون سابق إنذار، لكن المخطط الذي تم تداوله هو رعاية تركيا لمفاوضات جديدة اعتبرت أنها امتداد لمحادثات الدوحة، لكنها من طرف الحكومة في كابول بعيداً عن طالبان التي سبق وأن هددت أن القوات الأمريكية ستكون أهدافاً مباشرة إذا لم تلتزم واشنطن بالاتفاق أول مايو/ أيار المقبل. هذا يعني أن المحادثات التي ستستقبلها أنقرة من 24 أبريل/ نيسان وحتى الرابع من مايو أيار، يعني انقضاء موعد الانسحاب وجعل المحادثات المرتقبة بداية لامتصاص غضب طالبان التي من غير المعروف إذا كانت ستحضر تلك المحادثات أم لا، والمرجح أنه من الممكن أن تحضر، لكن يبقى الخلاف قائم على موعد الانسحاب.
الغاية التركية هنا وحتى قطر ورعاية هذا الأمر، هو فهم الدوحة لتفاصيل هذا الملف، وشراء عامل الوقت، كي يستطيع بايدن إيجاد حل ما، يُبقي على قواته في أفغانستان لأن نية الانسحاب غير متوفرة ولا يمكن أن نقول إن سياسته الحالية هي امتداد لسلفه دونالد ترامب، بل على العكس تماماً، هو يجد في أفغانستان نقطة التقاء الشرق الأقصى لآسيا ووجوده متربعاً فيها، يعني ضمان الحد من التحركات الروسية خاصة من أطراف حديقتها الخلفية من دول البلقان وجوارها.
مكافحة الإرهاب
قال عضو بارز في مجلس النواب الأمريكي: (إن إدارة الرئيس جو بايدن تسعى إلى إبقاء القوات الأمريكية في أفغانستان بعد الموعد النهائي المقرر في الأول من مايو/ أيار بينما تبحث اتفاقا تسمح فيه طالبان لقوة أمريكية لمكافحة الإرهاب بالبقاء في البلاد لمواجهة تنظيم داعش)، هذا التصريح قبل حوالي عشرة أيام من الآن، وحتى قبل أن تقترح تركيا احتضان محادثات اسطنبول لإيجاد مخرج للأزمة الأفغانية، ما يؤكد الفرضية التي تقول بأن السعي الأمريكي بعد عامل الوقت، إيجاد أسباب على الأرض تدفع بهم للبقاء، قد يكون منها استفزاز طالبان نفسها، لارتكاب أعمال إرهابية، وبالتالي نسف اتفاق الدوحة ونسف البنود المتفق عليها، وهذا السيناريو من الممكن أن تعتمده واشنطن كأحد آخر الحلول، لأن اتفاق الدوحة كان واضحاً، والموعد المحدد كان واضحاً، لو أراد بايدن إخراج كما يقول 7000 جندي أمريكي لاستطاع على مراحل والإبقاء على بعض الوحدات حتى الموعد المتفق عليه.
أما مسألة بقاء قوة أمريكية لمكافحة الإرهاب، من غير الممكن أن يتم التوافق عليه، خاصة وأن الحركة كانت واضحة في مسألة الانسحاب الشامل للقوات الأمريكية، ليكون موضوع محادثات اسطنبول في هذا الشأن فارغ المضمون حتى من قبل أن يبدأ.
أخيراً، إن محادثات السلام في اسطنبول التركية حول الأزمة الأفغانية، يؤكد من جديد عمق التحالف التركي – الأمريكي، وعمق الملفات المشتركة بينهما، هذا التشبيك الجيو – استراتيجي، لمصالح بعضهما، أصبح مكشوفاً، في المنطقة، وبالتالي كما كل الأزمات المتجددة والعالقة والجديدة، الأزمة الأفغانية فصل جديد من فصول إدارة بايدن الذي يريد تقسيمها، وهو راعي الفدرلة منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، الانسحاب لا يمكن أن يحقق مخططه لا من أفغانستان ولا من العراق، وكله بدعم تركي أصبح أساسياً في أغلب الملفات التي تريدها الولايات المتحدة لنفسها.
فريق عمل “رياليست”.