تم تعليق الإجتماعات المتعلقة بنقاشات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، في ظل استمرار الخلاف بين وفدي المعارضة ووفد الحكومة السورية داخل اللجنة على جدول أعمال اللجنة المصغرة، طبقاً لموقع قناة الجزيرة.
نقاط خلافية
إجتمع المبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسون مع رئيسي الوفدين الحكومي السوري والمعارض، بغية التوصل إلى تحديد موعد للإجتماع والإتفاق على البنود الأساسية حول تحديد آلية جدول الأعمال المصغرة، إلا أن الاجتماع مع رئيسي الوفدين وصل إلى طريق مسدود، دون التوصل إلى حل.
فلقد حدد وفد الحكومة السورية الاتفاق على الأساسيات التي من خلالها يتم التوافق على النقاط الأخرى المشتركة، إلا أن وفد المعارضة والذي يتخذ من تركيا مقرّاً له، رفض هذه الثوابت والتي هي: “إدانة الإرهاب والتأكيد على وحدة وإستقلال الأراضي السورية، من خلال إدانة الاحتلال التركي والأمريكي والإسرائيلي، وغيره من التواجد الأجنبي دون موافقة الدولة السورية، إلى جانب المطالبة برفع العقوبات الأحادية الجانب المفروضة على سوريا”، إذ إعتبر الوفد السوري الرسمي أن الاتفاق حول هذه النقاط هو أساس لكل ما هو قادم، إذ أصبحت هذه المطالب نقاط خلافية بين الوفدين.
تمرير أجندات غربية
أشارت وكالات إعلامية على هامش الإجتماعات في جنيف إلى أن الوفد السوري الرسمي إنسحب من مقر الأمم المتحدة في جنيف، عندما لم يتم التوصل إلى تحديد موعد لمناقشة جدول الأعمال مع الوفد المعارض، حيث أن الوفد المعارض يمرر ما يريده من خلال لقاءات إعلامية دون إعتبار لوجود الوفد الآخر هناك، الأمر الآخر، إن رفض الاتفاق على تلك الثوابت التي يطالب بها الوفد السوري، يعني أن الدستور الجديد إن تغاضى عنها قد يترك ثغرات تبرر التواجد الأجنبي في سوريا، فضلاً عن أن هذا التعنت يؤكد أن هناك قوى أجنبية تحاول إفشال هذا الأمر برمّته، فرفض بند مكافحة الإرهاب وإستقلال سوريا، يشرعن تواجد القوى الدولية على الأراضي السورية، إذ لطالما ترى هذه القوى أن هناك إرهاب فلها حق البقاء وهذا من شأنه إطالة أمد الحرب السورية.
تبريرات غير مقنعة
تؤكد أوساط سياسية أن الأمم المتحدة منحازة إلى الوفد المعارض، فمع فشل أعمال اللجنة الدستورية إذا لم تلتزم الأمم المتحدة بتعهداتها وحياديتها سيكون التدخل العسكري في سوريا أمراً مبرراً، وقد يصل الأمر إلى تغيير النظام في سوريا بالقوة، وهذا ما تحاول كل القوى المنخرطة في الملف السوري أن يحدث، بإستثناء حلفاء سوريا، فإتفاق الوفدين وبرعاية أممية يلزم الأطراف جميعها بتقديم التنازلات إن كانت جميعها تصب في مصلحة الشعب السوري والذي يبدو أن الوفد المعارض ينطلق من مصلحة تنفيذ الأجندات الغربية إلى جانب مصلحته الخاصة على حساب سوريا والشعب السوري.
ماذا تعني هذه الثوابت؟
إن الثوابت التي طالب بها وفد الحكومة السورية، هي ثوابت متفق عليها من جميع السوريين، خاصة أنها تهدف إلى إرساء الاستقرار في البلد ككل، لكن عدم موافقة الوفد المعارض على سبيل المثال لا الحصر، بمكافحة الإرهاب وإعتبار التواجد الأجنبي إحتلالاً، سيعطل مساعي الحل السياسي سواء على مسار أستانا أو سوتشي، ويقوّض الإتفاقات الدولية سواء بين روسيا وتركيا وإيران، أو بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن روسيا وكما جاء في تصريحات وزير الخارجية سيرجيه لافروف، أن هناك من يحاول إفشال اللجنة الدستورية لشرعنة التدخل الخارجي وإسقاط النظام بالقوة كما أشرنا أعلاه، ويؤكد أن الإتحاد الروسي سيتدخل في إجتماعات جنيف بما يحقق التوافق العام وتقريب وجهات النظر بين الطرفين الرسمي والمعارض.
إذ أكد الوفد الرسمي السوري، أنه سيتم تعليق كافة الإجتماعات ما لم يتم التوافق على النقاط الخلافية على حد تعبيره.
من هنا، يخطئ من يعتقد أنه من الممكن أن يتم الاتفاق بين الوفدين السوري والمعارض، على الرغم من المساعي الدولية لإنجاح العملية السياسية ودفعها إلى الأمام، لكن مع تطورات الملف السوري وتعقيداته، خاصة من الناحية الميدانية، هناك من يقف في وجه الاتحاد الروسي لجهة إفشال مساعيه وإعادة الأمور إلى المربع الأول، فكيف تسعى كل هذه القوى إلى الاجتماع حول صياغة دستور جديد، في حين أن مناطق كثيرة لا تزال خاضعة لسيطرة قوى أجنبية وقوى إرهابية مدعومة من قوى خارجية، فهذا الأمر لن يتحقق ما لم يتم إتفاق بين القوى الفاعلة والمتداخلة معاً في الملف السوري أي أن الحل وبكل تأكيد هو توافق روسي – أمريكي – تركي الذي من شأنه أن ينهي الإقتتال الدائر في البلاد.
فريق عمل رياليست