قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنفسه هدية في عيد ميلاده في 7 أكتوبر، فقد وقع مرسومًا بزيادة بأثر رجعي، اعتبارًا من 1 أكتوبر 2019، ليزيد المرتب الشهري للرئيس و لرئيس الوزراء بقيمة 4.3%. فطبقاً للوثيقة الخاصة “بزيادة أجور الأشخاص الذين يشغلون مناصب حكومية في الاتحاد الروسي”. و ذلك من أجل زيادة مستوى الضمان الإجتماعي. تم زيادة أجور عدد من المسئولين. و هؤلاء المسئولين طبقاً للقائمة: وزير الدفاع، وزير الشؤون الداخلية، وزير الدفاع المدني، مدير FSB، رئيس الحرس الوطني، مدير جهاز الاستخبارات الخارجية، مدير FSO، مدير خدمة البريد السريع للدولة، أمين مجلس الأمن، النائب الأول لرئيس الحكومة، رئيس ونائب وأمين لجنة الانتخابات المركزية، وكذلك مفوض حقوق الإنسان. إذا نظرنا إلى هذه القائمة نجد أنها مثيرة جدا، و المثير أكثر لماذا تمت هذه الزيادة في يوم عيد ميلاد الرئيس؟! و المثير أكثر و أكثر ماذا تعني الضمانات الإجتماعية لهؤلاء؟ 1- وجود هذا العدد من المسئولين في هذه القائمة، و الذي يمثل قطاعات الأمن العادي و الأمن الخاص و الدفاع و حقوق الإنسان و الأجهزة المخابراتية، و يبدو أن مسألة رفع مرتبات رئيس الوزراء و رئيس الدولة لا تستقيم دون رفع مرتبات هؤلاء المسئولين، الذين يشاركون في حكم الإتحاد الروسي و من أجل أن يتم تقوية هرم السلطة بشكل رأسي.2-إختيار يوم عيد ميلاد رئيس الدولة، مقصود بالطبع من جانب القائمين على سياسة الكرملين، فالقرار تم تحضيره من قبل مجلس رئيس الوزراء المختص بهذه الأمور الإدارية. و تم التصديق على هذا القرار من جانب رئيس الجمهورية في نفس يوم ميلاد الرئيس، فسيصل مرتب الرئيس بعد هذا القارار إلى 773.4 ألف روبل شهريا (هذا هو المرتب الأساسي بدون أي إضافات) فهي هدية مقصودة من جانب مجلس الوزراء و الرئيس قبل الهدية بالتصديق على هذا القرار.3- زيادة مستوى الضمانات الإجتماعية المذكور في القرار، هل يقصدون به أن هذه الزيادة ستوجه إلى مساعدة هؤلاء المسئولين في تحمل الزيادة في أسعار المواصلات العامة! أم أن هذه الزيادة ستساعدهم في الإدخار من أجل مواجهة صعوبات الحياة بعد المعاش! أم أن هذه الزيادة ستساعد المسئولين في تحمل زيادات أسعار المواد الغذائية في الإتحاد الروسي! هذا القرار الغير مسئول من وجهة نظرنا، سيعمل على إثارة الشعب الروسي الذي خرج للشوارع في الفترة الماضية من أجل الإحتجاج على نظام التقاعد المثير للجدل و الذي خرج للشوارع من أجل الحصول على بعض المطالب الخاصة بإنتخابات المحليات، و الذي يعيش تحت آثار الأزمة الإقتصادية في روسيا و التي تؤثر بشكل كبير على قطاع عريض جدا من الشعب الروسي. فعندما يصطدم صبر الشعب على هذه الأزمة بمثل هذه القرارات الغريبة جدا من حيث مؤداها و توقيتها، فإن هذا النوع من القرارات الغير مسئولة تساعد في تكوين صورة سلبية أكثر و أكثر في عقول قطاع واسع من أفراد الشعب، و هذه الصورة السلبية يمكن أن يتم إستخدامها في أي توقيت بعد عام أو عامين أو ثلاثة في حالة سوء الأوضاع، خصوصا و أن الحالة السياسية الروسية الداخلية تنتظر عملية إنتقال للسلطة في الإنتخابات الرئاسية القادمة في عام ٢٠٢٤ و التي يبدو أنها ستكون ساخنة جدا لأنها ستمثل لحظة خروج أقوى رئيس في العالم من الكرملين، و هذا في حالة إذا وصل بوتين إلى هذه الإنتخابات.
كل الحقوق محفوظة و محمية بالقانون
رياليست عربي ©️ 2017–2025