أستانا – (رياليست عربي): إن روسيا وكازاخستان هما أقرب الحلفاء، ولا توجد خلافات جوهرية بينهما في ظل الوضع الدولي الصعب، وأصبحت هذه الأطروحات هي الأطروحات الرئيسية في المفاوضات بين زعيمي البلدين، فلاديمير بوتين وقاسم جومارت توكاييف، جنباً إلى جنب مع رئيس الاتحاد الروسي، ذهب وفد كامل إلى أستانا: وزراء الخارجية والاقتصاد والمالية والرياضة، فضلاً عن رئيس روسكوزموس، ونتيجة للاجتماعات، وقع الطرفان على عدة اتفاقيات واتفقا على بيان مشترك، حددا فيه اتجاه مزيد من التعاون.
ما هي المرحلة التي تمر بها العلاقات بين روسيا وكازاخستان اليوم وما الذي اتفق عليه السياسيون في الاجتماعات؟
وصل فلاديمير بوتين إلى العاصمة أستانا، وقد استقبله شخصياً رئيس الجمهورية قاسم جومارت توكاييف، وهذا هو اللقاء الخامس بين زعيمي البلدين في عام 2023، كما تعاظمت أهمية هذه الزيارة على خلفية كونها تأتي عشية الذكرى السنوية العاشرة لمعاهدة حسن الجوار والتحالف في القرن الحادي والعشرين (الموقعة في 11 نوفمبر 2013)، والتي تنشئ أسس العلاقات الثنائية بين الاتحاد الروسي وكازاخستان.
وحتى قبل وصول فلاديمير بوتين، وصل إلى مطار العاصمة جزء من الوفد الروسي الذي ضم، على سبيل المثال، رئيس وكالة روسكوزموس يوري بوريسوف، ووزير الرياضة أوليغ ماتيتسين، فضلاً عن رئيس وزارة التنمية الاقتصادية مكسيم ريشيتنيكوف.
تم تنفيذ البرنامج الرئيسي لزيارة فلاديمير بوتين في مقر إقامة رئيس الجمهورية في أكوردا، وبعد أن استمع القادة إلى أناشيد بلدانهم، تواصلوا عبر رابط فيديو مع الجلسة العامة للمنتدى التاسع عشر للتعاون الأقاليمي، الذي يعقد في كوستاناي.
يلعب التعاون بين المناطق دوراً حيوياً في تطوير العلاقات الثنائية، حيث أن روسيا وكازاخستان لديهما أطول حدود برية في العالم – 7598.8 كم، وأشار فلاديمير بوتين إلى أن 76 منطقة روسية من أصل 89 أنشأت الآن اتصالات مباشرة مع مناطق كازاخستان .
وأضاف: “وعلى حد علمي، تم الإعداد للتوقيع على سلسلة كاملة من الاتفاقيات والمذكرات الجديدة، فضلا عن العقود التجارية التي يبلغ مجموعها نحو 100 مليون دولار، بعد نتائج هذا المنتدى”.
كان الموضوع الرئيسي للمنتدى الأقاليمي لهذا العام هو الزراعة، والرئيسان واثقان من أن موسكو وأستانا لديهما آفاق كبيرة في هذا المجال، وفي الوقت نفسه، أكد قاسم جومارت توكاييف: “لتعزيز الأمن الغذائي العالمي، يجب رفع المنتجات الغذائية والأسمدة والبذور من العقوبات الدولية”.
بشكل عام، هناك الآن ديناميات إيجابية في الاتصالات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد الروسي وكازاخستان، وفي عام 2022، زاد حجم التجارة بنسبة 10% ووصل، وفقا للبيانات الروسية، إلى مستوى قياسي بلغ 28.2 مليار دولار، وفي الفترة من يناير إلى أغسطس 2023، ارتفع هذا الرقم بنسبة 7% أخرى، ويتوسع استخدام العملات الوطنية في التجارة المتبادلة، 75% من التسويات المتبادلة تتم بالروبل والتنغي.
ومن حيث الإمكانات الاقتصادية، تعد كازاخستان الشريك الواعد لروسيا في منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي، إن أستانا لها أيضاً أهمية لوجستية مهمة – حيث يتم تصدير البضائع الروسية إلى دول الجنوب العالمي عبر الأراضي الكازاخستانية، وهناك مجال مهم للتعاون هو صناعة النفط والغاز.
وهناك مشروع لنقل الغاز الروسي إلى أوزبكستان عبر أراضي كازاخستان، وهذا من شأنه توسيع وتحديث البنية التحتية لنقل الغاز في كازاخستان (بدأ الاتحاد الروسي توريد الغاز الطبيعي في 7 أكتوبر)، ويعد هذا أيضاً تعاوناً استراتيجياً بين حكومة كازاخستان وشركة غازبروم بأفق يصل إلى 15 عاماً، وقد تم توقيع الاتفاقية في 1 نوفمبر 2023.
بالتالي، أستانا ليست أقل اهتماماً بالتعاون مع موسكو، حيث يتم نقل النفط الكازاخستاني إلى المحطة البحرية لاتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين في إقليم كراسنودار، حيث يتم تحميله على ناقلات لشحنه إلى الأسواق العالمية، وتخطط كازاخستان لنقل أكثر من 100 مليون طن من النفط الروسي عبر أراضيها إلى الصين بحلول عام 2033، حسبما أوضح قاسم جومارت توكاييف في وقت سابق.
كما أن الجمهورية بالإضافة إلى ذلك، تعد حلقة وصل مهمة في مشروع “حزام واحد، طريق واحد” الصيني، الذي تنقل بكين في إطاره بضائعها إلى أوروبا عبر الأراضي الكازاخستانية والروسية.
وبعد المشاركة في المنتدى، بدأ فلاديمير بوتين وقاسم جومارت توكاييف المفاوضات الثنائية، وقد تم عقدهما في شكل ضيق (حضر من بين الوزراء مكسيم ريشتنيكوف وسيرجي لافروف وأنطون سيلوانوف) وفي شكل موسع – بمشاركة التشكيلة الكاملة لوفدي البلدين، وهنا أكد الزعيمان على أن موسكو وأستانا شريكان وحلفاء استراتيجيان، وفي الوقت نفسه، وفقاً لقاسم زومارت توكاييف، “لا توجد قضايا أو مشاكل أساسية في تعاوننا ” .
وقال فلاديمير بوتين : “أود أن أؤكد، على أي حال، أن هذه هي الطريقة التي ننظر بها إلى الأمور في روسيا، فنحن لسنا مجرد حلفاء، بل نحن أقرب الحلفاء” .
في المجمل، وقع الطرفان على سبع وثائق في أستانا، بما في ذلك خطة عمل لتطوير التعاون في مجال الرياضة ومذكرة تفاهم بين وزارات الطاقة بشأن مشاريع بناء محطات الطاقة الحرارية كوكشيتاو وسيمي وأوست-كامينوجورسك.
بالإضافة إلى ذلك، اعتمد الرئيسان بيانًا مشتركًا، أكدا فيه نية موسكو وأستانا تعميق التعاون في جميع المجالات، وبالمناسبة، فإن الافتتاح الوشيك للقنصلية العامة الروسية في أكتاو، والذي أعلن عنه رئيس كازاخستان، سيساعد في تحقيق هذه الأهداف.
بالتالي، إن العلاقات بين الاتحاد الروسي وكازاخستان لا تقتصر على المجال التجاري والاقتصادي، على سبيل المثال، يتطور التعاون في قطاع الفضاء بنشاط، وفي عام 2018، اتفق الطرفان على تمديد التعاون في قاعدة بايكونور الفضائية حتى عام 2050، وفي الوقت نفسه، المشروع الرئيسي هو بناء مجمع الصواريخ الفضائية بايتيريك لإطلاق مركبة الإطلاق سويوز-5 في عام 2025.
وتتفاعل الدولتان بشكل وثيق في المجالين العسكري والأمني، بما في ذلك من خلال المنظمات الدولية، لقد لعبت منظمة معاهدة الأمن الجماعي دورًا رئيسيًا في تطبيع الوضع في كازاخستان خلال اضطرابات يناير في عام 2022، وأشار رئيس الاتحاد الروسي إلى أنه يتم تدريب عدد كبير من العسكريين في الجامعات الروسية المتخصصة.
ومن المحتمل أن يكون الطرفان قد ناقشا خلال المفاوضات افتتاح مركز عمليات حفظ السلام التابع لحلف شمال الأطلسي في ألماتي مؤخراً.
بالتالي، وعلى الرغم من النتائج الإيجابية للمفاوضات، في الوضع الحالي، تخضع العلاقات بين روسيا وكازاخستان إلى حد ما لاختبار القوة، خاصة وأن الولايات المتحدة والغرب ككل يحاولان تدمير العلاقات الاقتصادية الروسية الكازاخستانية وتقويض الثقة بين قيادة البلدين، والأداة الرئيسية هي الضغط على أستانا من خلال التهديد بفرض عقوبات ثانوية من أجل منع موسكو من التحايل على التدابير التقييدية الغربية، وفي مثل هذه الظروف الجيوسياسية الصعبة للاتحاد الروسي، من المهم الحفاظ على نهج متوازن لبناء العلاقات مع الجمهورية – لمتابعة المصالح بشكل عملي، وفهم موقف شركائك الكازاخستانيين وعدم إطلاق العنان للعواطف.
لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكد في مقابلة مع صحيفة كازاخستانسكايا برافدا: أن الشراكة بين روسيا وكازاخستان “تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل والاعتراف بالسيادة ووحدة الأراضي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”.