أربيل – (رياليست عربي): إيران تمر بمرحلة حساسة تاريخياً، حيث يعم القلق والشكوک بين المواطنين والأطراف الداخلية حول قدرة النظام على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدوليةو اقل دورا منذو ٤٦ عاما. يعتقد الكثير من الإيرانيين أن النظام الذي تسيطر عليه النخبة المتشددة قد استنفد خياراته في الاستمرار، ولا يستطيع معالجة القضايا الأساسية مثل البطالة وارتفاع الأسعار والفساد. كما يواجه ضغوطاً غير مسبوقة على الصعيدين الإقليمي والدولي، فقد تكبدت إيران خسائر في جبهات غزة ولبنان وسوريا بسبب هجمات إسرائيل والولايات المتحدة، ما يعزز عزلة النظام ويزيد من دعوات التغيير الجذري، حتى من بعض رجال الدين وأعضاء الحرس الثوري.
الاحتكاكات بين الفصائل الداعمة للنظام
تجلى هذا الانقسام في الاحتكاكات المتزايدة بين الفصائل الداعمة للنظام، حيث أصبح من الواضح أن نظام “ولاية الفقيه” الذي يرأسه المرشد الأعلى علي الخامنئي) لم يعد يحظى بدعم من جميع الأطراف المؤثرة. الفصائل الحاكمة، سواء كانت دينية أو عسكرية، باتت تشهد توترات داخلية نتيجة لعدم توافقها حول كيفية إدارة البلاد في ظل الوضع الحالي. حتى رجال الدين الذين كانوا يعدون من أكبر داعمي النظام بدأوا في الانقسام، بدأ بعضهم يشكك في دور ولاية الفقيه في مستقبل إيران السياسي والديني.
هذا التباين لا يقتصر فقط على الفصائل السياسية والدينية، بل يمتد أيضاً إلى قادة الحرس الثوري الإيراني، حيث تظهر خلافات عميقة حول كيفية التعامل مع الضغوط الداخلية والخارجية. البعض يعتقد أن الوضع الحالي يتطلب تغييراً جذرياً، بينما يصر البعض الآخر على الحفاظ على الوضع الراهن، وهو ما يزيد من حدة الاحتكاكات.
مخاطر التصعيد الطائفي واحتمالية الحرب الأهلية
في ظل هذه التوترات، يمكن أن تؤدي الصراعات الطائفية داخل النظام وتوسيع نطاق الاحتجاجات في المناطق ذات التعدد الإثني مثل كردستان وبلوشستان والأحواز وآذربيجان ……،إلى تصعيد الأوضاع إلى حرب أهلية. هذه المناطق شهدت في السنوات الأخيرة احتجاجات واسعة في ثورة (ژن ژیان ازادي_ المرأة الحیاة الحریة) ضد النظام بسبب السياسات الاقتصادية والاجتماعية التمييزية التي تنتهجها الحكومة تجاه الأقليات العرقية والدينية. في هذه الظروف، قد تسهم الأزمات السياسية في إيران في زيادة مشاعر التهميش وتدفع المناطق المستضعفة إلى البحث عن تغيير جذري.
الضعف الداخلي وفرص التغيير بعد رحيل المرشد الأعلى
يشير معظم المحللين السياسيين إلى أن النظام الإيراني لن يكون قادراً على الحفاظ على سلطته لفترة طويلة بعد وفات الخامنئي، خاصة في ظل هذه الظروف المتدهورة. الفصائل التي يمكن أن تساهم في تشكيل بديل للنظام تظهر هي الأخرى غير مهيأة لتولي المسؤولية في فترة ما بعد النظام، وذلك بسبب انعدام الخبرة الإدارية وفقدان الرؤية السياسية الموحدة.
رغم ذلك، هناك من يعتقد أن التغيير قد يكون السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية. لكن محاولة التغيير هذا قد يواجه مقاومة شديدة من داخل النظام ، سواء من القوى العسكرية أو الدينية، ما قد يؤدي إلى المزيد من العنف الداخلي. الحكومة الإيرانية قد تلجأ إلى تكتيكات قمعية مشابهة لتلك التي استخدمتها في ثورة “ژن ژیان آزادي”، التي لا تزال ذكراها حاضرة في الأذهان.
الخشية من انهيار اقتصادي وأزمة داخلية
هناك قلق متزايد من أن أي انهيار كبير للنظام سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الاقتصاد الإيراني، مما يهدد استقرار البلاد بشكل أكبر. من الممكن أن يعطل هذا الانهيار شرايين الاقتصاد، ويؤجج العنف في الشوارع، مما يؤدي إلى مزيد من التفكك الاجتماعي. تشير التوقعات إلى أن هذه السيناريوهات قد تتحقق بنسبة 20% في المستقبل القريب، مما يزيد من القلق داخل إيران ويضع البلاد أمام تحديات جديدة.
استنتاجات حول مستقبل النظام
على الرغم من التحديات التي يواجهها النظام الإيراني، فإن القوى الرئيسية داخل البلاد تشعر بأن التغيير هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية. لكن هذا التغيير، في حال حدوثه، قد يواجه تحديات كبيرة ويؤدي إلى مزيد من الضغوط على النظام. هذا لا يعني أن إيران ستنجو من الأزمة بسهولة، بل يشير إلى بداية مرحلة جديدة قد تكون مليئة بالمخاطر والانقسامات الداخلية.
خاص وكالة رياليست – کاوە نادر قادر – باحث ومحلل سياسي – كردستان.