موسكو – (رياليست عربي): إن زيارة وفد سياسي أوكراني رفيع المستوى إلى جمهورية صربيا برئاسة سيدة أوكرانيا الأولى (يلينا زيلنسكايا) زوجة الرئيس الحالي (فولوديمير زيلينسكي) ومعها وزير خارجية نظام كييف (دميترو كوليبا) تضمنت لقاء مع الرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش) ومع رئيس حكومته الجديد (ميلوس فوتشيفيتش) وغيرهم من المسؤولين الصرب الذين بحثوا مع أعضاء الوفد الأوكراني الضيف سبل توسيع التجارة الثنائية بين أوكرانيا وجمهورية صربيا (حليفة روسيا) وإعادتها إلى مستوياتها السابقة التي كانت عليها ما قبل بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا على الرغم من التطورات الأمنية المتسارعة التي تشهدها جبهات القتال (الروسية الأوكرانية) حالياً.
وعلى ضوء المعلومات التي وصلت من العاصمة الصربية بلغراد، والتي أكدت وصول وزير الخارجية الأوكراني (دميترو كوليبا) إلى جمهورية صربيا بصحبة سيدة أوكرانيا الأولى (يلينا زيلينسكايا)، واجتماعهم مع الرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش) وكذلك مع رئيس الوزراء الصربي (ميلوس فوتشيفيتش)، ومع وزير الخارجية (ماركو ديوريتش) ورئيسة البرلمان (آنا برنابيتش)، حيث أجريت العديد من المباحثات:
• يتابع المسؤولون في روسيا فحوى ونتائج المحادثات التي جرت بين أعضاء الوفد الأوكراني والمسؤولين الصرب، حيث تفيد المعلومات أن الوفد الأوكراني ناقش سبل توسيع التجارة الثنائية بين أوكرانيا وجمهورية صربيا (حليفة روسيا) وإعادتها إلى مستوياتها السابقة التي كانت عليها ما قبل بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
• وقد ضمَّ الوفد الأوكراني كلاً من وزير الخارجية (دميترو كوليبا) ومعه زوجة الرئيس الأوكراني السيدة الأوكرانية الأولى (أولينا زيلينسكايا) والتي تمت استضافتها من قبل زوجة الرئيس الصربي، سيدة صربيا الأولى (تمارا فوتشيتش) لمدة يومين، طيلة يومي الأحد والإثنين الموافقين لتاريخ 12 و13 مايو 2024 حيث افتتحت سيدتا صربيا وأوكرانيا مؤتمراً طبياً لأبحاث الصحة النفسية والعقلية في بلغراد.
• فيما قام الرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش) نفسه باستضافة سيدة أوكرانيا الأولى في جولة سياحية طاف فيها مختلف معالم العاصمة الصربية بلغراد، حيث زارت (أولينا زيلينسكايا) ما يعرف بـــــجناح (الجرف الأوكراني)، وهو ركن من المكتبة الصربية الكبرى تم تأسيسه تحت رعايتها شخصياً، ويضم كتباً أوكرانية ثقافية وتاريخية.
• وخلال هذه الجولة، شكر الرئيس ألكسندر فوتشيتش سيدة أوكرانيا الأولى (يلينا زيلينسكايا) على زيارة بلغراد، وأيضاً على سعيها لتعزيز العلاقات مع جمهورية صربيا في هذه الأوقات الصعبة التي ما زالت تعيشها الجارة أوكرانيا (على حدِّ وصف وتعبير الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش).
• من الجانب الأوكراني: أعلن وزير الخارجية الأوكراني (دميترو كوليبا) أن الجانبين الصربي والأوكراني، اتفقا معاً على عقد الاجتماع الأول لأعمال اللجنة الحكومية (الأوكرانية الصربية) المشتركة لقضايا التعاون التجاري والاقتصادي والعلوم والتكنولوجيا، حيث سيكون الاجتماع المزمع والمنتظر عقده بين الجانبين، هو الأول منذ عام 2013.
• كما التقى وزير الخارجية الأوكراني إلى جانب الرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش)، وكذلك رئيس وزرائه (ميلوس فوتشيفيتش)، كلاً من وزير الخارجية (ماركو ديوريتش) ورئيسة البرلمان (آنا برنابيتش) حيث وصف الوزير الأوكراني محادثاته مع نظيره الصربي بأنها محادثة جيدة وبناءة للغاية، لأنها تناولت السبل المتاحة حالياً لتحسين العلاقات الثنائية بين كييف وبلغراد، مع وجود رغبة خاصة لتنظيم منتدى اقتصادي قريباً بين رجال الأعمال في أوكرانيا وصربيا لإيجاد سبل للتعاون بين البلدين.
آراء المراقبين و المحللين و الخبراء في مراكز الدراسات السياسية و الإستراتيجية
الروسية و العالمية:
• يرى العديد من المراقبين و المحللين و الخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف دول منطقة البلقان ودول الاتحاد اليوغسلافي السابق، وعلى رأسها جمهورية صربيا، مثل الخبيرة الصربية العالمية (ميليكا ستيوبانوفيتش) والتي فازت بجائزة الصحافة الاستقصائية الأوروبية لعام 2017، أن زيارة الوفد الأوكراني إلى جمهورية صربيا (حليفة روسيا) في هذا الوقت بالذات، إنما يعكس سعي أوكرانيا لتعزيز الدعم بين الحلفاء والدول التي كانت فاترة تجاهها ضمن منطقة البلقان منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، خاصةً بعدما أفادت العديد من التقارير الإعلامية أن روسيا تحقق تقدماً عسكرياً في محيط إقليم (خاركوف) شمال البلاد، وهو الأمر الذي سيكون له تأثير على تطورات الوضع العسكري في الحرب (الروسية – الأوكرانية) المستمرة حالياً.
• وتضيف الخبيرة الصربية (ميليكا ستيوبانوفيتش) أنه ومنذ بداية الحرب كانت دول البلقان داعمة بشكل أساسي لأوكرانيا حيث فرضت معظمها عقوبات ضدَّ موسكو، ودعت إلى إجراء تحقيقات في جرائم الحرب المرتكبة من قبل الجانبين الروسي والأوكراني بدون انحيازٍ إلى جانب أحدٍ منهما.
• كما استضافت جمهورية صربيا الكثير من المهاجرين الأوكرانيين الذين وصلوا إلى الأراضي الصربية أنهم أرادوا أن يهربوا من المعارك الدائرة بين الطرفين، حيث منحتهم صربيا ملاذاً آمناً، وفي الوقت نفسه، وبسبب علاقات صربيا التقليدية مع روسيا، بقيت صربيا هي الدولة البلقانية الوحيدة، التي لم تفرض عقوبات ضدَّ روسيا الإتحادية، وهو الأمر الذي يقدره الكرملين الروسي كثيراً للصرب.
• ولكن، ومن الجانب الروسي، ما زالت أجهزة الاستخبارات العسكرية الروسية تحاول أن تعرف كيف وصلت بعض الأسلحة الصربية إلى أوكرانيا، حيث ترجح معلومات الاستخبارات العسكرية الروسية، أن تلك الأسلحة قد أرسلت أولاً إلى دول حلف الناتو المتحالفة مع أوكرانيا، وهو ما يفسر للكرملين الروسي ظهور بعض الصواريخ الصربية في مناطق الحرب الأوكرانية.
• وقد أشارت إحدى الوثائق السرية المسربة من البنتاغون الأمريكي في شهر أبريل 2023، أن جمهورية صربيا قد وافقت على توريد الأسلحة إلى كييف، في الوقت الذي نفى فيه المسؤولون في بلغراد صحة هذه التقارير، ومع ذلك، أعلن الرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش) حينها لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية في يونيو 2023 إنه كان على علمٍ بأن بعض الأسلحة المصنعة في جمهورية صربيا قد ينتهي بها الأمر في أوكرانيا.
• وأعلنت هذه التصريحات بالتزامن مع أول اجتماع رسمي للرئيس الصربي (ألكسندر فوتشيتش) مع نظيره الأوكراني (فولوديمير زيلينسكي) خلال شهر يونيو 2023 في اجتماع المجموعة السياسية الأوروبية الذي جرى في جمهورية مولدوفا، والتي تتقاسم نخبتها السياسية الحالية في كيشنوف عداء روسيا مع نظام كييف الحالي، حيث يعتقد المراقبون والمحللون الروس أن تلك اللقاءات والتصريحات التي أعلنت في ذلك الوقت من قبل الجانب الصربي، كانت تجري في محاولة من قبل الدول الغربية لجر جمهورية صربيا إلى الخندق المعادي لروسيا الإتحادية.
• ومع ذلك، فشلت الدول الغربية المعادية لروسيا، والتي ما زالت تحتفظ بشيء من العلاقات السياسية والدبلوماسية مع جمهورية صربيا، في جرِّ النخبة السياسية الصربية إلى المنطقة المعادية لروسيا، حيث أوضحت القيادة الصربية في أكثر من مناسبة، بأنها لن تقوم بفرض عقوبات ضدَّ روسيا، ولن يكون لها موقف معادي من أوكرانيا، وهو الأمر الذي قد يمنح هذه الدولة البلقانية الفرصة لتكون مكاناً لأي مباحثات سلام قد تنهي الحرب الحالية المستمرة بين الجانبين الروسي والأوكراني منذ 22 فبراير 2024.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.