تونس – (رياليست عربي): انتهت تونس من الانتخابات التشريعية وبدأت الاستعداد للانتخابات الرئاسية، وتصدر اسم الرئيس قيس سعيد نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “سيغما كونساي”، حول المرشح الأوفر حظاً، الانتخاب بنسبة 49.9 بالمئة، يليه الناشط السياسي صافي سعيد بنسبة 10.3 بالمئة.
وفي المركز الثالث جاء مغني الراب كريم الغربي “كادوريم”، صهر الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، بـ 5.9 بالمئة، ثم رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي بـ 4.6 بالمئة.
هذه المؤشرات تأتي وسط مشهد سياسي واقتصادي معقد، وعلى ما يبدو أن هناك أطراف خارجية تلعب فى المشهد التونسي، ويعزز نظرية المؤامرة ترويج مزاعم دائمة حول خسارة تونس لمعركة الديمقراطية وعودتها إلى عهد الديكتاتورية بعد عقد ونيف من اندلاع ثورة مشكوك فى أهدافها أنهت نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
تونس لم تخسر معركة الديمقراطية لأسباب ثلاثة، هكذا علق الكاتب والمفكر المصري، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور عمرو الشويكي.. أولاً، لأن الرئيس قيس سعيد انتخب في انتخابات تنافسية حقيقية وحصل على 75% من أصوات الناخبين واتخذ في يوليو 2021 قرارات استثنائية أيدها أغلب الشعب التونسي ثم بدأت شعبيته في التراجع بسبب سوء الأداء وتجاهل كل الوسائط السياسية والنقابية، ومع ذلك لم يلغ المجال العام ولا السياسي وظلت المعارضة تتظاهر ضده وتنقده حتى لو تعرضوا لمضايقات لكنها لم تصل لحد الإقصاء والاعتقال.
ثانياً، في تونس هناك الاتحاد التونسي للشغل وهو كيان عملاق له قاعدة اجتماعية قوية وحقيقية أيد قرارات قيس سعيد في البداية واختلف معه حاليا، وهو يمثل رمانة ميزان في المنظومة السياسية، فهو ليس نقابة تديرها أجهزة الدولة وليس شلة ثوريين يتحدثون في غرف مغلقة عن العمال وهم لا يعرفونه لكنه يمثل قوة اجتماعية ونقابية حقيقية وصل عدد أعضائها إلي 600 ألف “منخرط” (كما يقول التونسيون) يتحركون في كل منشأة عمومية أو خاصة وليس كيان وهمي يضم على الورق ملايين الأعضاء.
ثالثاً، أن مؤسسات الدولة لديها حدود في الولاء للرئيس الشرعي فهي تدعمه طالما هو الرئيس المنتخب لكنها قد تقبل بغيره في انتخابات العام المقبل، ويكفي لمن تابع الأسبوع الماضي أداء رئيس اللجنة العليا المستقلة التي اشرفت على الانتخابات التشريعية (فاروق بو عسكر) سيكتشف تماسك الرجل وإنه لم ينافق الرئيس بكلمة واحدة كما إنه لم يزور الانتخابات أو يرفع نسبه المشاركة فيها إلى 40% بدلاً من النسبة الحقيقية الهزيلة (11%).
في تونس هناك تياران في التعامل مع قيس سعيد تيار حركة النهضة وحلفائها الذي يصف ما جرى بالانقلاب ويدعوا لرحيل الرئيس وهو خيار سيء سيعيد مرة أخرى منظومة الفشل التي شهدتها تونس أثناء حكم النهضة ورفضها أغلب الشعب، والتيار الثاني يمثله الاتحاد التونسي للشغل وبعض القوي السياسية المدنية وهم حريصين على استمرار المسار السياسي رغم معارضتهم لأداء الرئيس، ويتمسكون بالنظام الرئاسي الديمقراطي وعدم العودة للنظام الهجين الذي أفشل تونس 10 سنوات. ولكي ينجح هذا التيار يجب أن يعمل على تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية القادمة قادر على هزيمة الرئيس وفي حال حدوث ذلك ستكون تونس حققت خطوة كبرى في بناء ديمقراطية ناشئة في المنطقة تؤسس لدولة قانون.