موسكو – (رياليست عربي): يعتزم الأمريكيون السيطرة على مشاريع الرقمنة التي تنفذها الأمم المتحدة، من خلال التوسع ومحاولات ترسيخ الهيمنة في جميع المجالات الرئيسية للسياسة الدولية، هذا هو الأسلوب المؤسسي للقيادة الأمريكية، والذي ظل دون تغيير لعقود عديدة.
من أجل تحقيق أهدافهم، يسعى الأمريكيون إلى إخضاع أهم هياكل الأمم المتحدة لأنفسهم، بينما يحاولون في نفس الوقت تقليل نفوذ روسيا ودورها، كان أحدث مثال على مثل هذه السياسة، التي اعتبرها الجانب الروسي وقاحة صريحة، هو رفض الولايات المتحدة إصدار تأشيرات لأعضاء الوفد الروسي الذين خططوا للمشاركة في جلسة يوليو لمجموعة عمل الأمم المتحدة المفتوحة العضوية حول الأمن السيبراني.
تأسست مجموعة العمل في عام 2018 بمبادرة من روسيا كمنصة مفتوحة للتفاعل بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشأن قضايا الأمن الرقمي العالمي، عشية الدورة الماضية، أصبح معروفاً أن القيادة الأمريكية لم تسمح لرئيس وفد الحكومة الروسية، الممثل الخاص لرئيس الاتحاد الروسي للتعاون الدولي في مجال أمن المعلومات، أندريه كروتسكيخ، ومسؤولين آخرين لدخول الولايات المتحدة، من الجدير بالذكر أن الموقف غير الودي الصريح من جانب الولايات المتحدة تجاه روسيا قد ذهب دون أن يلاحظه أحد من قبل قيادة الأمم المتحدة، مما يثبت مرة أخرى عدم استقلالية هذا الهيكل في العديد من القضايا المهمة في السياسة العالمية.
ولكن إذا تم منع المبعوث الروسي الخاص من دخول الولايات المتحدة، فقد كان له تأثير دعائي أكثر ولم يتجاوز خدعة واحدة قذرة، فإن الوضع في الاتحاد الدولي للاتصالات –ITU في الأمم المتحدة سيكون بلا شك بعيداً، وستكون العواقب وخيمة.
يجمع الاتحاد ما يقرب من ألف من أكبر شركات الاتصالات من 193 دولة، وتنتهي صلاحيات الأمين العام الحالي للاتحاد هولين جاو هذا الخريف، وسيتم انتخاب أمين عام جديد في الفترة من 26 سبتمبر إلى 14 أكتوبر في بوخارست، ومع ذلك، فقد أطلق مجلس وزراء رئيس الولايات المتحدة بالفعل حملة نشطة لترقية دورين بوجدان مارتن، وهي أمريكية تشغل حالياً منصب مدير مكتب تنمية الاتصالات بالاتحاد الدولي للاتصالات، إلى منصب قيادي في الاتحاد.
كما تم الإعلان مؤخراً عن دعم السيدة بوجدان مارتن في تقرير المجلس إلى الكونغرس من قبل مدير إدارة تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في وزارة التجارة الأمريكية، آلان ديفيدسون، كما أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية أيضاً بياناً رسمياً لدعم ترشيح دورين بوجدان مارتن، حيث أشارت الوزارة إلى أن “القيادة المسؤولة والتفكير المستقبلي والشاملة والشفافة للاتحاد الدولي للاتصالات أمر حيوي لمصالح الولايات المتحدة، فضلاً عن أولويات الولايات المتحدة في الدفاع والاستخبارات والاقتصاد والتنمية والملاحة الجوية”.
ومن المثير للاهتمام أن تعلن وزارة الخارجية الأمريكية بصراحة عن نيتها إخضاع أحد أكثر هياكل الأمم المتحدة موثوقية لمصالح بلدها، بينما تتظاهر قيادة المنظمة بعدم حدوث أي شيء.
المثير للاهتمام بشكل خاص في بيان وزارة الخارجية هو الملاحظة حول أولويات الولايات المتحدة في عمل الاتحاد الدولي للاتصالات في مجال الدفاع والاستخبارات، يبدو أن دورين بوجدان مارتن بعيدة كل البعد عن كونها دخيلة في هذا المجال، إذ تتمتع الأمريكية بسجل حافل بالإعجاب، وبعض النقاط لا يسعها إلا أن تثير التساؤلات، على سبيل المثال، منذ بعض الوقت، قادت دورين بوجدان مارتن مشاريع مشتركة مع المركز Berkman-Klein حول تطوير الإنترنت والمجتمع في جامعة هارفارد، والتي قامت جنباً إلى جنب مع مؤسسة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وإدارته في مؤسسة ميامي، بإنشاء مشروع Disinfodex في عام 2020، المشروع عبارة عن قاعدة بيانات لـ “حملات التضليل”، أي الدعوة التخريبية، التي لا تتوافق بأي حال من الأحوال مع أهداف الاتحاد في جلب البلدان النامية إلى منافع الرقمنة.
لا يمكن المبالغة في تقدير دور أكبر اتحاد لشركات الاتصالات في العالم، والذي يساهم في حشد الموارد الفنية والمالية والبشرية لمساعدة البلدان النامية، ويوفر منصب رئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا فرصاً كبيرة ذات تأثير حقيقي على العديد من العمليات في السياسة الدولية.
خاص وكالة رياليست – عصمت الله العبدلي – كاتب سياسي – أفغانستان.