في ظل المتغيرات وتسارع الأحداث التي تحصل في العالم العربي، هناك خلط للأوراق وضغوطات سياسية بظاهرها عنوانين براقة وباطنها ابتزازات سياسية، الغاية منها تحصيل مكاسب إقتصادية تسعى لها بعض الدول التي تخشى على إقتصادها، وتريد حكومات تقدم لها الطاعة والولاء وتبرم معها صفقات إقتصادية ضد مصلحة شعوبها.
ولكن الحقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، لأن ما حصل ويحصل في ليبيا والعراق هو أكبر دليل على الكلام الآنف الذكر.
فبعد نجاح الدولة السورية في محاربة ومكافحة الإرهاب العالمي وإستعادة السيطرة على الجغرافيا السورية لم يبقَ سوى الورقة الأخيرة وهي ملف الشمال السوري “إدلب” التي لا يراد إنهاء ملفها حتى هذه اللحظة من قبل المستفيدين من بقاء محافظة إدلب خارج سيطرة الدولة السورية للضغط على الحكومة السورية في محاولة تحصيل مكاسب سياسية وإقتصادية، وما يجري في سوريا لا ينفصل دون أدنى شك عما يجري في العراق.
فبعد أن فشلوا في تدمير سوريا، وعدم إستطاعتهم تصدير الربيع العربي المزعوم إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لم يبقَ لهم سوى المحاولة مرة ثانية على تطويع دولة العراق لقطع الطريق بين إيران وسوريا وهو طريق التجاري الذي تسعى له أيضاً جمهورية الصين الشعبية. وهذا طريق تجاري تستفيد منه دول عدة ابتداءً من الصين والاتحاد الروسي وإيران والعراق وسوريا وصولاً إلى أوروبا، فهناك من يسعى جاهداً لقطع هذا الطريق وعدم السماح بفتحه.
ولذلك أعتقد أن الوضع الإقتصادي للعديد من دول العالم بات مهدداً بالإنهيار، فهناك غياب للكثير من الموارد لهذه الدول تسعى لتحصيلها من دول المنطقة، وبالتالي فإن الضغوطات السياسية للسيطرة على مراكز القرار وإبرام صفقات مشبوهة قد تكون بحسب قناعاتهم هي الحل للمشاكل الداخلية لتلك الدول. ومن هنا نلاحظ أن معظم الضغوطات تمارس على دول عربية لها موقفها من القضية الفلسطينية وليس لها أي علاقات مع إسرائيل، وهذا الكلام لا يحتاج إلى دليل فهو واضح، وإلا لماذا لا نشهد مثل هذه الضغوطات في دول أخرى من العالم العربي حيث يوجد الكثير من المتطلبات الإجتماعية والسياسية وحقوق الإنسان.
النتيجة أن هذه الدول معها ضوء أخضر لأنها تنفذ أجندات الدول الغربية التي لا تخوض حروباً مباشرة بل تخوضها عبر وكلاءها في المنطقة وعبر أذرعها من المجموعات والتنظيمات الإرهابية الممولة بالمال والسلاح والإمدادات العسكرية واللوجيستية. وبالتالي فهذه الحروب الغير مباشرة تحقق أكثر مما تحققه الحروب المباشرة ولا تكلف الدول الغربية سوى التصريحات التي تدل على تورطها، وهذا بالتأكيد يعتبر تدخل بالشؤون الداخلية للدول المستهدفة المراد بسط السيطرة عليها.
يأتي ذلك من خلال تسخير عشرات المحطات الإعلامية ووكالات الأنباء والمواقع الإخبارية لهذا الهدف في دول الوكلاء، ورغم كل ذلك بالمدى المنظور أعتقد أن هذه الدول فشلت في تحقيق مآربها ولم تستطع أن تحقق اي شيء سوى المزيد من القتل وسفك الدماء وتدمير للبنى التحتية، وبذلك يكون الموقف لدول المستهدفة ثابت تجاه كافة القضايا العربية وأهمها القضية الفلسطينية.
خاص وكالة “رياليست” – الدكتور قصي عبيدو، كاتب ومحلل سياسي سوري.