تعيش سوريا أجواء هادئة نسبياً، بعد دخول البلاد بالمرحلة الوبائية الرابعة والتي تُعتبر خطيرة نسبياً نظراً لارتفاع عدد الإصابات حتى في مناطق الفصائل الكردية شمال شرق البلاد، وكذلك الأمر في مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية المسلحة شمال غرب سوريا، لكن على الصعيد الدولي، تواصل الدول الغربية تسييس بعض الملفات ومنها ملف استخدام السلاح الكيميائي، لاتهام الدولة باستخدام السلاح الكيماوي في العام 2018، كما صدر مؤخراً عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
على الصعيد الميداني
يواصل الجيش السوري عملياته وخاصة في البادية السورية وسط البلاد، حيث استقدم تعزيزات ضخمة مؤخراً، بعد رصد تحركات لتنظيم داعش في المنطقة وذلك بالتعاون مع سلاح الجو الروسي، وأصبحت الطلعات الجوية في تلك المنطقة شبه يومية، خاصة وأن القوات الامريكية تواصل هي الأخرى نقل عناصر من التنظيم من شرق البلاد إلى قاعدة التنف القريبة من البادية السورية.
إلى ذلك تستمر قوات سوريا الديمقراطية – قسد بممارساتها الرامية لتهجير السكان المحليين من مناطق سيطرتها وسط منع إدخال المساعدات الإنسانية لهم، وفرض حصار شامل تحت ذريعة انتشار وباء فيروس “كورونا”، الأمر الذي تطور ووصل إلى مرحلة القتل، حيث بدأ عناصر التنظيم يطلقون الرصاص الحي على كل من يخالفهم، وفي آخر حادثة أن قتل أحد عناصر قسد شابين من مدينة الرقة، ما أخرج العشائر السورية عن طورها معلنة الثأر لأبنائها نتيجة لهذه الممارسات.
في مقابل ذلك، بدأت تركيا ببناء حدود مصطنعة مدعومة بقواعد عسكرية على عمق 32 كم داخل الأراضي السورية، إضافة إلى تعزيز عدد من قواعدها العسكرية بأسلحة ثقيلة ورادارات متطورة، وحفر الخنادق ورفع السواتر بطول 15 كم بمحاذاة الطريق الدولي الـM4 في محيط عين عيسى وذلك لعزل المناطق شمال الطريق الدولي عن جنوبه، وبمعنى أدق تعمل القوات التركية اليوم على ربط قواعدها الجديدة في تلك المنطقة لتحقيق عزل الشمال عن الجنوب، بين حلب والحسكة، وبالفعل إلى حدٍّ ما تم تهجير سكان حوالي 6 قرى محاذية لتلك المنطقة جراء القصف المتواصل للقوات التركية والتنظيمات الإرهابية التابعة لها في تلك المنطقة.
على الصعيد السياسي
(أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في بيان أن فريقها “خلص إلى أن وحدات من القوات الجوية العربية السورية استخدمت أسلحة كيميائية في سراقب في 4 فبراير/شباط 2018″، مشيرة إلى أنه “ثمة دوافع منطقية لاعتبار أن مروحية عسكرية تابعة لسلاح الجو السوري ضربت شرق سراقب بإلقاء برميل واحد على الأقل)، ورداً على هذا البيان، قالت الخارجية السورية: (سوريا تدين بأشد العبارات ما جاء في التقرير وترفض ما جاء فيه شكلاً ومضموناً، وتنفي نفياً قاطعاً قيامها باستخدام الغازات السامة في بلدة سراقب أو في أي مدينة أو قرية سورية أخرى).
ما يتفق والتصريح السوري، أن القوات الروسية العاملة في سوريا سبق وأن رصدت عشرات الاستفزازات الكيماوية من قبل هيئة تحرير الشام وجماعة الخوذ البيضاء، التي تلقت مبالغ ضخمة من الغرب وآخرهم كانت ألمانيا، وهناك وثائق وأدلة وصور حقيقية وصور أقمار صناعية تؤكد أن التنظيمات الإرهابية هي المسؤولة عن هذه المسألة، حتى لجهة تصوير مسرحيات مفبركة تم طرحها مرات عدة في مجلس الأمن الدولي، إلا أن القرار يبدو أنه متخذ حتى قبل صدور تقرير المنظمة، حيث سارعت الخارجية الأمريكية إلى التأكيد على ما جاء في تقرير المنظمة ما يبين أن هناك تماهياً مستمراً بين الجميع والهدف هو إدانة سوريا وإلصاق هذا الأمر بها على غرار ما حدث في العراق العام 2003 حيث تم تدميره بناءً على كذبة أسلحة الدمار الشامل آنذاك.
روسيا وعبر مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، خلال اجتماع غير رسمي لمجلس الأمن الدولي دعت روسيا إلى عقده من أجل مناقشة قضية الضغط السياسي على الدول النامية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تم التذكير بكلمة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، كولين باول، التي ألقاها في فبراير 2003، وأعاد نيبينزيا إلى الأذهان أن باول “كان يصف وصفاً حياً الجرائم المروعة للنظام العراقي وانتهاكاته لنظام منع انتشار أسلحة الدمار الشامل غير الموجودة أصلاً”. حيث رفضت روسيا هذه الإجراءات قائلة إن التقريرين صدرا بعد انتهاكات في نظام عمل المنظمة التي لا تمتلك صلاحيات لتوجيه اتهامات إلى أي طرف، بحسب وكالات إعلامية.
وبالتالي، يريد الغرب إفقاد شرعية الدولة السورية بأية طريقة ممكنة حتى عبر اتباع أساليب ملتوية، إلا أن الحالة السورية مختلفة كلياً عن المسألة العراقية، لأن الأخيرة استطاعت الولايات المتحدة إيهام العالم بتأكيد وجود أسلحة دمار شامل، في حين أن المسألة السورية، وتدخل روسيا يثبت وبالأدلة كذب هذه الادعاءات من أساسها.
أخيراً، إن ما تحاول أن تقوم به الولايات المتحدة ومحورها، يبين أنه ومع اقتراب الاستحقاق الرئاسي السوري في مايو/أيار المقبل استحصال إدانة دولية ضد شرعية الرئيس السوري بشار الأسد، وبالتالي إفقاد الانتخابات الرئاسية أهميتها، رغم أن غالبية الشعب السوري يريد رئيسه ولا يقبل ببديل عنه خاصة من المعارضة التي يعتبرها هي السبب المباشر في كل الظروف التي يعيشها، وهذا من جهة.
من جهةٍ ثانية، عملت الدولة السورية بجهود كبيرة خلال هذه الفترة واستطاعت إعادة ضبط الأسواق وضبط سعر الصرف وتحديد سقف متقارب له بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، الأمر الذي أنزل قيمة كل المواد في الأسواق ليس هذا فقط، أيضاً تم إنشاء غرفة عمليات مشتركة سورية – روسية – إيرانية، حول تأمين وصول النفط والقمح والمواد الأساسية إلى سوريا، وذلك عن طريق مرافقة بوارج حربية روسية لناقلات نفط إيرانية في البحر المتوسط حتى وصولها إلى الموانئ السورية في طريقة التفاف على العقوبات الأمريكية على سوريا، هذا الأمر من شأنه أن يخلق أجواء إيجابية بعد معاناة شديدة في هذا الخصوص، وهذه العوامل مجتمعة تصب في مصلحة سوريا، بعد أن اعتقد الغرب أن الضغط الاقتصادي سيدمر النظام الرسمي، إلا أن الواقع وبالتعاون مع الحلفاء، وضع البدائل التي تحد من انهيار كان محققاً بكل تأكيد.
فريق عمل “رياليست”.