برز دور الأصيل في المشهد السوري، بعد أن كان الاعتماد على الوكيل لسنوات طويلة، وباعتراف الجميع، كل المخططات التي اعتمدت على نشر الإرهاب فشلت فشلاً ذريعاً، الأمر الذي دفع بالأصلاء للبدء بتغيير الوقائع على الأرض مجدداً.
أصداء الغارة الأمريكية
إن ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية، ليس موقفاً بطولياً، وكل الادعاءات التي أطلقتها وزارة الدفاع الأمريكية – البنتاغون ليست حقيقية، إزاء الرد على الهجمات في أربيل – شمال العراق، وعلى عكس المعلومات التي تتحدث عن مقتل ما يقارب 17 عنصراً من الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران، تكمن الحقيقة بأن الرقم الأساس هو شخص واحد فقط وعدد من الإصابات، حيث استنكرت هيئة الحشد الشعبي هذا الأمر ونفت المزاعم الأمريكية، وقالت إن العناصر التي تم استهدافها كانت عند الشريط الحدودي العراقي – السوري، ضمن مساعي الحفاظ على أمن الحدود، على عكس الرواية الأمريكية التي تحدثت عن وجودهم في العمق السوري.
يُضاف إلى ذلك أن وزارة الدفاع العراقية نفت أيضاً وجود أي تنسيق بينها بين الجانب الأمريكي على عكس رواية وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، بالتالي، سوريا هي مسرح تصفية الحسابات الأمريكية – الإيرانية لأن لا قدرة لواشنطن على مواجهتها في الداخل العراقي أو استهداف أمر يخصها خارج حدود الدولة السورية، إذ أن تصرف جو بايدن، تصرف رغم أنه يوحي بأنه خطير، لكن في حقيقة الأمر تصرف صغير بحجم الولايات المتحدة الأمريكية، فالقوة العظمى لا تخشى أن تواجه أقطاب معادية لها، سواء إيران أو غيرها.
إنعاش الإرهاب
من المعروف أيضاً، أن تنظيم داعش عاد محاولاً خلط الأوراق مجدداً، وكل أسباب الغارة الأمريكية على سوريا تتعلق به، فلقد تزامنت الغارة الجوية الأمريكية مع نقل سجناء من التنظيم من سجن الصناعة المركزي الواقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية – قسد إلى قاعدة الشدادي الأمريكية ليصار نقلهم بعد ذلك إلى قاعدة التنف الأمريكية، اللافت هنا، أن لجنة طبية أمريكية علمت على فحص هؤلاء السجناء قبل نقلهم، وبالتالي تبين سبب الغارة الحقيقي، فالهدف المعلن إيراني، لكن روسيا ليست ببعيدة عن الأهداف الأمريكية أيضاً، فإطلاق عملية برية واسعة للجيش السوري، بتغطية نارية جوية سورية – روسية، أمر لا يروق للقوات الأمريكية، فلقد نفذت غارتها ولم تخبر القوات الروسية إلا قبل 4 دقائق تحديداً، وهذا الأمر خطير جداً، من المؤكد أن روسيا تلقفته بحذر شديد وأهمية بالغة، وبالتالي ستتعامل في ضوء المستجدات التي حدثت، كل هذه التصرفات تقول إن واشنطن لن تخرج من سوريا، وعلى القوات السورية والروسية التوقف عن العمليات العسكرية في منطقة البادية السورية، وهذا لن يحدث ما يعني أن فصول جديدة تتم كتابتها الآن وعنوانها الأبرز “استمرار الحرب”.
على المقلب الآخر، تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بمنع قاطني مخيم الركبان الراغبين بالعودة إلى مناطقهم في سوريا، وتقوم بالاستحواذ على المساعدات الأممية التي تصلهم، وتوزيعها على عناصرهم من الإرهابيين، بالتالي، هذه مخالفة صريحة أيضاً للقوانين الدولية في مجال حقوق اللاجئين، وهذا أمر تعمل عليه الولايات المتحدة الأمريكية، فهي لا تريد إغلاق هذا المخيم نظراً للفائدة الكبيرة التي تستحوذ عليها عن طريقه، حيث قال نائب مدير المركز الروسي، اللواء البحري فياتشيسلاف سيتنيك، في هذا الخصوص: إن “الوضع الإنساني في مخيم الركبان يستمر بالتدهور سريعاً. والقيادة الأمريكية في منطقة التنف لا تزال تعرقل حل هذه المشكلة، حيث تتخذ إجراءات إضافية لاحتجاز اللاجئين فيه قسراً”.
إرهاب من نوع آخر
أطلقت القوات السورية بالتعاون مع القوات الروسية ممرات سراقب وميزناز وأبو عزيدين لتسهيل خروج المدنيين من مدينة إدلب، لكن مباشرةً أقدم عناصر تنظيم جبهة النصرة في مدينة إدلب السورية منع المدنيين من الوصول إلى معبر ترنبة في محيط بلدة سراقب بريف المدينة الشرقي، وذلك عبر عمليات قنص، وإقامة حواجز عسكرية، منعاً لخروج أي شخص مدني خارج حدود سيطرتهم، لأن بقائهم هو ضمان لاستمرار وجودهم لأنهم يعتبرونهم دروع بشرية، سيستفيدون منهم في وقت أو آخر، إضافة إلى أن تفريغ المنطقة من المدنيين، يعني قيام عملية عسكرية واسعة لن يستطيعوا الصمود، لأن عامل البقاء بشكل عام مرتبط بالجسد البشري الذي يؤمن لهم البقاء الأطول في الشمال السوري.
وقال نائب مدير مركز حميميم للمصالحة في سوريا التابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء البحري فياتشيسلاف سيتنيك، في بيان: “تعرض ممر سراقب يوم 24 فبراير/ شباط لقصف بقذائف شنه مسلحو تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، كما تم استهدافه بضربة نفذتها طائرة مسيرة يدوية الصنع، مضيفاً أن القيادة العسكرية الروسية قررت إجلاء كوادر إدارة الممر، دون أن يوضح ما إذا أسفر الهجوم عن سقوط إصابات”. هذا الأمر يأخذنا إلى دور الضامن التركي لهؤلاء ودورهم في هذا الأمر، وهذا يعني أن تركيا تستطيع ضبط هذا الوضع إن رغبت لكن يبدو أن روسيا أصبحت هدفاً لأكثر من جهة في وقتٍ معاً، وهذا أمر يجب أن تتنبه له وتتصرف مع شريكتها تركيا بناءً على ضوئه، وإلا نحن أمام سيناريوهات مستقبلية لن تكون القوات الروسية في مأمنٍ من أي عمليات إرهابية سواء التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، أم التابعة لتركيا وغيرهما.
أخيراً، إن الوضع السوري ليس معقد بل هو عبارة عن مناطق نفوذ تسيطر عليها قوى أجنبية كثيرة، أخر ما تفكر به هو الانسحاب أو الخروج من سوريا، كل الادعاءات التي يحاولون ترويجها، لم تلحق ضرراً إلا بالشعب السوري وحده دون غيره، الذي يتم قصفه بسبب إيران، فبالأمس وبسبب انفجار سفينة شحن إسرائيلية في بحر عمان، اتهمت إسرائيل، إيران بهذا الأمر، وقصفت دمشق بدل أن تقصف طهران، لقد أصبحت سوريا مسرحاً لتصفية الصراعات الدولية، ويبدو أن الأوضاع ستسوء أكثر من ذلك، لأن الولايات المتحدة الأمريكية اعتادت على مناورات الخداع وكذلك تركيا، فالكرة اليوم في الملعب الروسي إما أن تضع أهدافها في سلة واحدة، أو ستخسر أمام الاستفزازات الأمريكية الجديدة التي تتحداها في الملعب السوري.
فريق عمل “رياليست”.