الملف الميداني:
1-تشهد منطقة عين عيسى الواقعة شمالي محافظة الرقة، عمليات كَرٍّ وفرّ بين القوات التركية وقوات قسد، إلا أن القوات التركية لم تتوقف عن قصفها بالمدفعية الثقيلة والصاروخية تلك المنطقة، حيث أن الإشتباكات تتم على أطراف مدينة عين عيسى، لكن على المقلب الآخر، لا صحة للأنباء التي تتحدث عن إنسحاب الجيش السوري منها، كما أن دوريات الشرطة الروسية لا تزال في تلك المنطقة.
2-تستمر القوات التركية بقصف المناطق السورية في شمال شرق البلاد، وحصد ريف رأس العين هجوما واسعا بقذائف الهاون وطائرات مسيرة على قرى الربيعات وتل الورد، الأمر الذي أسفر عنه قتيلين، بالإضافة إلى عددٍ آخر من الجرحى. يشار إلى أن تركيا تحاول أن تمهد من خلال هذه الخروقات لأجل توطين النازحين والذي بدأت فيه فعليا وتحديدا في مدينة تل أبيض.
3-أحبط الجيش السوري هجوما إرهابيا يعود لفصيل الحزب الإسلامي التركستاني المدعوم من تركيا، في ريف اللاذقية الشمالي، والذي وصف بالعنيف، على محاور منطقة كنسبّا ورويسة الملك، وعلى المقلب الآخر أحبط الطيران الروسي محاولة دخول فصيل آخر على خط الإشتباكات لمؤازرة زملائهم، يأتي هذا التصعيد بالتزامن مع تصعيد في شمال شرق سوريا وفي محافظة حلب، إضافة إلى إدلب ومحيطها.
4-بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنسحاب قوات بلاده من سوريا، ومن ثم إعادة الإنتشار في منطقة شرق الفرات، ما لبثت أن خطت فرنسا ذات الخطوة، وأعادت إنتشارها هي الأخرى أسوةً بواشنطن، وتمركزت في أربع نقاط لها في كل من محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، تأتي هذه الخطوة على خلفية الإستئثار بالنفط السوري، إذ أن إستخراج النفط ما قبل الحرب السورية كان عبر شركات أغلبها فرنسية، إذ أن الفرنسيين يعرفون تفاصيل المنطقة أكثر من غيرهم، ليبدأ التنافس الدولي على سرقة موارد سوريا بشكلٍ علني.
5-لا تتوقف جبهة تل تمر في ريف محافظة الحسكة الشمالي الغربي، عن الخروقات من قبل القوات التركية، على الرغم من الاتفاق الروسي – التركي الأخير حول التهدئة، إلا أن تركيا لم تلتزم بهذا الاتفاق، يأتي ذلك الضغط من قبل القوات التركية لتأمين الإنحساب الكامل للأكراد من المنطقة، وعدم ترك أي ورقة للتفاوض حول ذلك، فمع دخول الشرطة الروسية إلى شمال شرق البلاد، لم تنعم المنطقة بأي هدوء، بل الخروقات من قبل تركيا وأدواتها مستمرة.
الملف السياسي:
6-بدأت تركيا بنقل النازحين السوريين إلى المناطق التي سيطرت عليها في شمال سرق سوريا، فلقد بدأوا بتسجيل أسماء الراغبين بالإنتقال طوعا إلى مدينة تل أبيض الواقعة تحت سيطرة القوات التركية، ومن ثم ستعمل أنقرة على نقل ما تبقى منهم، ويشار إلى أن النظام التركي عمد إلى تهجير السكان الأصليين لتلك المناطق التي خضعت لسيطرته، ما يعني أن المنطقة برمّتها مقبلة على تغيير ديموغرافي، والذي سيشكل مستقبلا حربا من نوع آخر، خاصة بعد نزاعات على الأملاك الخاصة التي تمت السيطرة عليها.
7-يقول سليمان صويلو، وزير الداخلية التركي، إن قوات بلاده الموجودة في مدينة إعزاز السورية في ريف حلب، قد ألقت القبض على قيادي بارز في تنظيم داعش، وبحسب التصريحات التركية، هذا القيادي كان مسؤولا عن تدبير عمليات إرهابية في كل من روسيا وألمانيا، الإرهابي كان يجند شبّاناً عبر الإنترنت، إضافة إلى تعليمهم صناعة القنابل وغيرها، والجدير بذكره بحسب الوزير صويلو أن هذا الشخص مسؤولا عن 20 عملية إرهابية على الأقل، فيما كشف التحقيق معه، أنه كان مسؤولا عن العملية الإرهابية التي إستهدفت روسيا العام 2018، إضافة إلى إستهداف المركز التجاري في مدينة هامبورغ الألمانية.
8-في زيارة أوروبية إلى العاصمة السورية دمشق، أعلنت سويسرا تقديمها منحة مالية تدخل في إعادة إعمار البلاد، وقدرها 450 مليون يورو، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى منع أي محاولات لعودة العلاقات الأوروبية – السورية إلى سابق عهدها، يضاف إلى ذلك، معلومات تتحدث عن نية وزير الاتصالات الإيطالي زيارة سوريا هو الآخر، كما أن البرلمان الألماني طرح مشروعا كبيرا للتعاون مع سوريا مؤخرا.
9-بعد التقارب الأوروبي مؤخرا من الحكومة السورية الرسمية، تتحدث أوساط إعلامية عن نية أوروبا إيقاف الدعم المالي والسياسي الكامل، عن المعارضة السورية التي تتخذ تركيا مقرا لها، وذلك على خلفية العدوان التركي الذي يحمل إسم “نبع السلام”، إذ إعتبرت أوروبا أن مشاركة أطياف مسلحة ترجع إلى المعارضة السورية خاصة الجيش الوطني السوري في هذا العدوان، بعد الإنتهاكات الأخيرة التي قام بها الأتراك والمسلحين السوريين، أهم أسباب إيقاف الدعم عنهم.
10-في تطور لافت، هناك توجه سعودي – إماراتي من أعلى مستوى يحدث الآن بحسب أوساط إعلامية، لحشد كل القوى الفاعلة في البلدين سياسيا وعسكريا وماليا لصد العدوان التركي على سوريا، إنطلاقا من أنه يهدد الأمن القومي العربي ككل وليس سوريا فقط، فالعملية التركية الحالية على سوريا، من شأنها أن تحيي العلاقات العربية – العربية مجددا، خاصة الخليجية – السورية.
من هنا، يبدو أن سوريا ستشهد تصعيدا كبيرا على الصعيد الميداني، سواء من خلال الطيران الإسرائيلي أو من القوات التركية ووكلائها في البلاد، بعد إعلان المصدر العسكري السوري أن عملية تحرير الشمال السوري ستبدأ في أي لحظة ضمن 72 ساعة القادمة، إلا أن تركيا تحاول خلط الأوراق لكسب قوة في التفاوض بعدما أحرجت روسيا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحديدا، نظرا لخرقها الإتفاقيات التي تمت مؤخرا بينهما، وهذا من ناحية.
من ناحية أخرى، إن التقارب الأوروبي من سوريا ودعمه لها، يأتي في سياق مجابهة تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا حول تلويحه بفتح الحدود أمام النازحين، وهذا لا يمكن له أن يحدث فإن توجهوا إلى أوروبا سيخسر الورقة الأكبر له في سوريا حيال نيته توطينهم في شمال شرق البلاد، وعلى المقلب الآخر، حملت زيارة الرئيس أردوغان الأخيرة ولقائه نظيره الأمريكي دونالد ترامب، لربما إعطاء الضوء الأخضر لجهة التصعيد، الأمر الذي أضر مناطق عدة خاصة محافظة حلب، إلا أن هذا العدوان قد يقلب المعادلة كما أسلفنا أعلاه، أنه قد يعيد العلاقات بين سوريا وخصومها في مقارعة التركي، وإعتباره قوة غير شرعية، فإن كان يصنف نفسه كالأمريكي والفرنسي وغيرهم، سيتركونه لمصيره كما هي العادة معهم، لتنحسم الأمور لصالح سوريا، طبقا للمعلومات الأخيرة خاصة التقارب الأوروبي والخليجي من الدولة السورية، فهل ستستمر تركيا في مخططاتها، أم ستواجه مصيرا مجهولا إذا ما توسعت الجبهة السورية لجهة كسب المؤيدين لها والحلفاء، هذا الأمر سيتحدد في القادم من الأيام.
فريق عمل رياليست