على وقع إستهداف الدورية الروسية على الطريق حلب – اللاذقية الدولي، “إم -4″، وتعليقها من الجانب الروسي حتى تأمين الطريق من قبل أنقرة، الضامنة للفصائل الإرهابية، وعودة معلومات تجهيز الجيش السوري والتحضير لإستكمال معركة إدلب وتحريرها، وإعلان المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، موعد إستكمال إجتماعات اللجنة الدستورية، ملفات كثيرة على الساحة السورية بين ميداني وسياسي، تنتظر ساعات الصفر للبدء بالخوض فيها.
إقتناص الفرص
ما إن أعلنت القوات الروسية وقف دورياتها على إثر تعرض إحداها لعبوة ناسفة زرعها إرهابيون على الطريق الدولي، حتى أكملت تركيا تسيير دورياتها، لا بل إنتشرت قواتها بشكل مكثف على طول الطريق الدولي وصولاً إلى تل الحور بريف اللاذقية الشمالي، وهو المكان الذي وصلت إليه آخر الدوريات الروسية والتي حملت الرقم “22”، ولأن الإستخبارات التركية لديها معلومات حول التحشيد العسكري للجيش السوري الذي يريد وأد الإرهاب على طريق حلب – اللاذقية الدولي لما يشكل ذلك من خطر خاصة بعد إستهداف القوات التركية في وقت سابق لشاحنة تجارية، إضافة إلى النشاط الإرهابي الملحوظ للتنظيمات الإرهابية وفي مقدمتهم هيئة تحرير الشام، حيث تريد أنقرة الإطباق على هذا الطريق لقطع الطريق بين الساحل والداخل، خاصة من الناحية الاقتصادية، وبالتالي مع تعليق روسيا لدورياتها، تكون تركيا قد سيطرت إلى حد ما على مفاصل هذا الطريق على المدى المنظور، خاصة لجهة تسيير دورياتها الأحادية الجانب.
تقطيع الجسد
تتصرف قوات سوريا الديمقراطية – قسد المدعومة من القوات الأمريكية في الشرق السوري، مؤخراً، بقيامها بفرض التجنيد الإجباري على المدنيين من السوريين في مناطق سيطرتها خصوصاً أرياف كل من الرقة ودير الزور والحسكة، وذلك بحجة قتال بقايا فلول داعش، الذين كانت قد أعلنت القضاء عليهم في آخر معركة لها في منطقة الباغوز، إلا أن واشنطن أعادت إحياء هذا التنظيم، ما دفع قسد لتدق ناقوس الخطر، ليس لقتال داعش الواجهة التي طرحتها أمريكا، بل لخروج المظاهرات الرافضة لممارساتها بشكل يومي من قبل الأهالي، فضلاً عن قيامها بخطف أطفال من ذويهم في منطقة عين العرب “كوباني” وهم من الأكراد للإلتحاق بصفوفها، هذا الأمر مؤشر على يقينها بأنها ستواجه معركة مرتقبة مع الجيش السوري عاجلاً أم آجلاً، إلا أن حساباتها لم تكن دقيقة، فلقد إنشق من المتطوعين العرب ما نسبته 140 مقاتل، على خلفية إقتحامها لقرى وبلدات في مناطق سيطرتها وإعتقالها العشرات من شبان المنطقة، ورداً على ذلك إنشق المقاتلون عنها.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فلقد أغلقت قسد كل الطرق التي تؤدي إلى مناطق سيطرة الدولة السورية بشكل نهائي مجدداً، بعد إصابة 3 أشخاص من أفرادها بوباء “كورونا” وكما السابق أبقت على المعابر غير الشرعية مع العراق، ما يؤكد أن “كورونا” ذريعة لتقطيع الجسد السوري.
معارضة “معتدلة”
تقوم القوات التركية مؤخراً، بإستبدال تنظيم حراس الدين بجبهة النصرة ووضعه على آخر مناطق خفض التصعيد، خصوصاً على الطريق الدولي “إم -4” في آخر جزء له والممتد داخل سهل الغاب الشمالي الغربي وبمحاذاة جسر الشغور بريف ادلب الغربي، ونسق عملية التبادل هذه، القوات التركية الموجودة في نقاط المراقبة القريبة من مراكز السيطرة بين تحرير الشام وحراس الدين والإسلامي التركستاني بعد مشاورات استمرت منذ مطلع شهر يوليو/ تموز الماضي بين ممثلين لمتزعم الأولى أبو محمد الجولاني والاستخبارات التركية في مدينة مرسين التركية.
هذا الأمر من الجانب التركي له غاية تلميع صورة جبهة النصرة ومن لف لفيفها أمام المجتمع الدولي، وأنهم عنصر مساعد لتسيير الدوريات على الطريق الدولي، أي تحويلهم من إرهابيين إلى معارضة معتدلة ووضعهم كحالة توجب مشاركتهم بالعملية السياسية المقبلة، وطبعاً تبقى هذه الرؤية خاصة بتركيا، لكن لم تعلق عليها كل من الدولتين الروسية والسورية.
وفي سياقٍ متصل، قالت تقارير إعلامية معارضة إن هناك معلومات تتحدث عن الإعلان عن إطار سياسي جديد معارض في الحسكة، يضم قوى سياسية كردية وعربية وآشورية معارضة وسيحمل اسم جبهة الحرية والسلام في الشرق السوري، مع المنظمة الآشورية الديمقراطية والحزب الآشوري القومي وتيار الغد السوري، دون أن يؤثر هذا التشكيل على الحوار الكردي – الكردي، وفي نفس الوقت هذا الفصيل لن يكون بديلاً عن الإدارة الذاتية الكردية، بل اللافت فيه إدخال الآشوريين والعرب إلى جانب الأكراد كتقوية للجبهة المعارضة للدولة السورية في منطقة الجزيرة العربية.
تجارة الأعضاء البشرية
تداولت مواقع إخبارية، أخباراً تتحدث عن وجود جثث لأطفال ملقاة على جانب الطريق بريف الرقة، وقيام مجموعة عصابات في محاولة لخطف أطفال آخرين، دون تحديد هوية العصابات تلك ولمن تتبع، لكن نشاطها في الشرق السوري، يشير إلى أنه قد يكون خلف ذلك إما التنظيمات الإرهابية المسلحة التابعة لتركيا، أو القوات الأمريكية عبر قسد، بالتالي تتقاطع هذه المعلومات مع تقارير قديمة تحدثت عن وجود شبكات الإتجار بالأعضاء البشرية التي نشطت في مناطق الصراع خاصة شمال غرب وشمال شرق سوريا.
يتقاطع ذلك، مع عثور الجيش السوري على عدد كبير من الأعضاء البشرية محفوظة بمادة الكلوروفورم، داخل أحد أوكار الإرهابيين في قرية الغدفة بمنطقة معرة النعمان جنوب إدلب، العبوات الشفافة تحوي أعضاء بشرية منها رأس وعيون وقلوب ورئات وأكباد وكلى وأحشاء أخرى محفوظة في محلول الكلوروفورم، إضافة إلى ذلك، وجدت القوات السورية أيضاً أسماء لرجال ونساء مدونة على العلب الشفافة، في حين يوجد داخل المنزل سجلات مدون عليها أسماء أشخاص مع توصيف لحالاتهم الصحية ومعلومات شخصية عنهم.
على خلفية هذا الأمر، كشف مدير إدارة الاتجار بالأشخاص العميد نضال جريج، إلى أن جريمة الاتجار بالأشخاص مثلها مثل أي جريمة لا بد من توافر أركانها، وبناءً على ذلك، الدولة السورية تدرس خطة إيجاد محاكم مختصة بجرائم الاتجار بالأشخاص عبر إدراج ذلك ضمن الخطة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار لأعوام 2020/2022 بإيجاد نيابة عامة مختصة أسوة بجرائم المعلوماتية نظراً للطبيعة الخاصة بجرائم الاتجار بالأشخاص التي تتطلب التخصص فيها، ما يسهل عملية التنسيق بين الإدارة والسلطة القضائية وينعكس إيجاباً على مستوى العمل ومكافحة الجريمة والحد من انتشارها.
أخيراً، إن التطورات الحالية للأزمة السورية لا يبدو أن هناك حلولاً مرتقبة، لكن تنشط الدولة السورية والروسية من خلال إنعاش المسار السياسي والإجتماعات الدائمة، وذلك لقطع الطريق على الأطراف الأخرى، التي تواصل فرض العقوبات على سوريا، وتواصل تركيا، دعم الفصائل الإرهابية، إلى جانب نشاط تنظيم قسد، ومحاولة المعارضات تجميع نفسها وتهيئة أجساد معارضة جديدة تواجه من خلالها الدولة السورية، إلا أن كل هذه المساعي قيد العمل، لن تبصر النور في الوقت الحالي وخاصة مع إنتشار فيروس “كورونا” بشكل تصاعدي في عموم الجغرافيا السورية.
فريق عمل “رياليست”.