تشهد الساحة الليبية بشكل مستمر، تنافساً دولياً وإقليمياً شديداً، بعد تكشف أدوار اللاعبين فيها وإنتقالهم من الحرب بالوكالة، إلى التدخل المباشر، لعل الحدث الأبرز في ذلك كان إتهام القوات الأمريكية العاملة في أفريقيا “أفريكوم”، الدولة الروسية بإرسال “مقاتلات ميغ -29″ و”سو-34” إلى الداخل الليبي لدعم الجيش الوطني الليبي.
فما حقيقة الدور الروسي في ليبيا؟، وهل هناك من يحاول إخراج روسيا من المشهد الليبي؟، وما هو موقف الجيش الوطني الليبي من التدخلات الأجنبية؟ وما هي أهداف دول حلف شمال الأطلسي – الناتو والولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا؟
هذه الأسئلة وغيرها، أجاب عنها اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة الليبية، ضمن لقاء خاص لـ وكالة “رياليست الدولية“، قدّمه وأجراه الدكتور عمرو الديب، رئيس مركز خبراء “رياليست” الروسية.
د. الديب: فيما يتعلق بالدور الروسي الحقيقي داخل الأزمة، هل لروسيا بالفعل دور آخر غير دور الوساطة في الأزمة الليبية وخصوصا بعد تصريحات “أفريكوم” الصادرة من الجيش الأمريكي بأن روسيا أرسلت طائرات عسكرية إلى ليبيا؟
يقول المسماري: أولاً روسيا دولة عظمى وعضو في مجلس الأمن وتستطيع مجاراة السياسات الدولية للدول العظمى، نحن نعلم أن العالم تسيره أقطاب رئيسية، وتسيره كذلك المصالح الكبرى لهذه الدول، لقد قمنا بالرد ببيان رسمي على تصريحات القوات الأمريكية العاملة في أفريقيا “أفريكوم”، أن هذه الإدعاءات باطلة وذلك لتشويه نجاحات القوات المسلحة الليبية في حربها على الإرهاب ولبث الإشاعات في الرأي العام الدولي ليقلل من شأن نجاحات القوات المسلحة.
وما تم الحديث عنه بالنسبة للطائرات هي طائرات ليبية قديمة تم إصلاحها في قواعدنا الجوية وهذا ما تم في العام 2015، نحن لدينا خبرات ومهندسين وكلهم خريجي الأكاديميات الروسية ولدينا فنيين كذلك، ولدينا طواقم جيدة جدا، لإصلاح وإعمار هذه الطائرات.
د. الديب: هل ما ذكرته “أفريكوم” وغيرها من الأخبار هي في إطار البروباغندا المضادة ضد روسيا من أجل عدم إعطاءها فرصة للعب دور أكبر، أم أنها حقيقة بالفعل؟
يرى الناطق باسم القوات المسلحة الليبية، هذا الأمر تم توظيفه وتم تضخيمه بشكل كبير جدا من أجل شيء ما أو من أجب شيء يحاك في السياسة الدولية ضد ليبيا، وخاصة بعد نجاح روسيا الكبير في سوريا، هذا النجاح الكبير أدى إلى التخوف من وصول روسيا إلى شمال أفريقيا، وهذا يأتي في إطار الصراعات الدولية التي نأمل أن تكون ليبيا بعيدة جداً عنها، ونحن في ليبيا نريد الحقيقة، ونريد أن يكون هناك من يعرف الحرب وما هي؟
الحرب هي بين الجيش الوطني المخول من الشعب الليبي ومن البرلمان الليبي ضد مجموعات تكفيرية وإرهابية وإجرامية، واضيفت إليها الآن تركيا، وهناك دائماً من يحاول تدوير وتسيس هذه القضية، من أجل إطالة عمر الأزمة ومن أجل فرض إرادات أجنبية على الدولة الليبية.
د. عمرو: كانت القوات الليبية الخاصة على بعد 3 كلم فقط عن طرابلس، وإطالة أمد الصراع يبدو أنه نية دولية خصوصا من جانب دول حلف الناتو ومن جانب الولايات المتحدة الأمريكية وصمتهم على التدخل التركي السافر في هذه الأزمة، والسماح لها بتغيير موازين القوى على الأرض خصوصا بعد أن كان الجيش الليبي قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على العاصمة طرابلس، ما هو موقف الجيش الليبي وكيف ينظر إلى مسألة الرغبة الدولية في إطار إنهاء هذا الصراع؟ إلى جانب دور إيطاليا ودور الإستخبارات “أمريكية وفرنسية” وغيرها، والدور التركي؟
وما هو موقف الجيش الليبي من هذا الوضع؟ وهل يمكن للجيش الليبي أن يقدم بعض التنازلات التي لا تؤثر على موقفه من أجل التوصل إلى حل سياسي ما لإنهاء هذا الصراع الدائم؟
يقول المسماري: أولا، إيطاليا تعرف صلابة الليبيين وتعرف إرادة الليبيين، عشرون عاما وأجدادنا يقاتلون في إيطاليا حفاة عراة وأهلنا في المعتقلات الجماعية التي راح ضحيتها أكثر من 70 ألف ليبي في تلك الفترة، فإيطاليا لا تريد مصالحها فقط بل تريد شيء آخر وهو الإرتباط التاريخي الإستعماري لليبيا ليكون مستمراً.
وبخصوص إطالة أمد الأزمة يرى المسماري، أن هناك بعض الدول تريد فرض الإخوان المسلمين كقوة سياسية في ليبيا، وبالتالي يحق لها أن تكون شريك في أي حل سياسي قادم، في الوقت الذي تكلمنا وتحدثنا عن أن الإخوان المسلمين هم مجموعة متطرفة إرهابية، وهي العباءة الرئيسية لكل التنظيمات الإرهابية، هناك من يريد الآن فرض حل سياسي في أن يكون هذا التنظيم من ضمن مجموعة الحل السياسي، وهذا مرفوض في ليبيا ولدى الشعب الليبي بصفة عامة، وأعتقد أم محور السؤال يتمحور في هذه النقطة بالذات لأن الإخوان المسلمين في مصر قدموا تنازلات، لكن من أنشئ هذا التنظيم ومن قدمه، نحن نعلم هذا الدور للمخابرات البريطانية وغيرها في دعم هذا التنظيم من العام 1922 إلى هذه اللحظة.
ويضيف الناطق باسم القوات المسلحة الليبية، لكن نحن لن نسمح أبدا بعد فشل الإخوان وتدميرهم في القاهرة “رابعة العدوية” أن يعودوا من خلال النافذة الليبية ومن خلال الصحراء الغربية ودخولهم في مصر، هذا شيء مرفوض تماما. خاصة وأن هناك دول بعيدة ولكن تقاتل بمقاتلين من الإخوان والقاعدة وداعش.
إذاً نحن سنقاتل وهذا مبدأ عام وهذه مسألة وطنية ألا يكون للإخوان وتنظيم القاعدة وتنظيم داعش أي وجود سياسي أو وجود في المشهد الليبي ككل، السؤال إستراتيجي وسؤال هام جدا، وأتمنى أن يكون اللقاء فعال.
خاص وكالة “رياليست”.