دمشق – (رياليست عربي): نتيجة استمرار حرب الإبادة في غزة، فقد تم خلال الأسبوع الماضي اتخاذ 3 إجراءات قانونية ضد اسرائيل، تتمثل في قرار محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية بضرورة وقف الحرب في غزة، ومحاكمة القادة الإسرائيليين، الأمر الذي سيكون له عواقب ستترتب على الكيان الإسرائيلي في المستقبل، وهذا أيضاً ما يؤكد بأن جرائم اسرائيل دفعت كل الضمائر المستيقظة إلى مواجهة الجرائم الإسرائيلية ومنع تزايد القتل والمجازر بحق الفلسطينيين.
محكمة العدل الدولية ألزمت اسرائيل بالوقف الفوري للعمليات العسكرية في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، وهذا الحكم هو الأمر الثاني الذي تصدره محكمة العدل الدولية ضد اسرائيل في النصف الأول من عام 2024، كما أن محكمة العدل الدولية والمعروفة أيضًا باسم المحكمة العالمية، هي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة، وقد تم تأسيسها عام 1945 في الوقت نفسه الذي أنشئت فيه الأمم المتحدة لحل النزاعات بين الدول، ولا ينبغي الخلط بين هذه المحكمة والمحكمة الجنائية الدولية، والتي تُعرف أيضًا باسم محكمة جرائم الحرب، وفي المحكمة الجنائية الدولية يتم تقديم الالتماسات ضد الأفراد وتصدر الأحكام بحقهم نتيجة ارتكابهم أعمالاً إجرامية، وخاصة في الحروب.
ويتعلق الحكم الحالي بمحكمة العدل الدولية، التي تتعامل مع النزاعات الحدودية بين الدول وانتهاكات معاهدات الأمم المتحدة، وتتكون هيئة المحلفين في هذه المحكمة من 15 قاضيا، وفي الحالة الإسرائيلية، ونظراً لوجود قاض من جنوب أفريقيا في هيئة المحلفين كمقدم التماس، فقد تمت إضافة قاض إليها أيضا من إسرائيل. ولابد من التذكير بأنه وفي عام 1948، انضمت إسرائيل وجنوب أفريقيا إلى معاهدة منع الإبادة الجماعية، حيث تلزم هذه المعاهدة جميع الدول الأعضاء ليس فقط بعدم ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، بل أيضًا بمنع الإبادة الجماعية ومعاقبة الحكومة التي ترتكب جريمة الإبادة الجماعية، وتعريف “الإبادة الجماعية” في المعاهدة المذكورة هو القيام بأفعال بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو دينية.
وتمنح المسألة نفسها محكمة العدل الدولية الاختصاص القضائي في النزاعات التي تغطيها هذه المعاهدة، وكانت الشكوى الأولية التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد اسرائيل، في كانون الثاني/يناير الماضي، أشارت إلى قتل الفلسطينيين في غزة والتعذيب الجسدي والعقلي وخلق ظروف تهدف إلى التدمير والقتل، والتي ركزت على منع الاحتياجات الأساسية من الغذاء، وركزت على المياه والدواء والوقود والمأوى والهجمات التي أودت بحياة ما يقرب من 36 ألف فلسطيني.
وفي الـ 16 من مايو/أيار 2024، دعت جنوب أفريقيا إلى وقف الهجوم على منطقة رفح، حيث لجأ ما يقرب من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى المنطقة بعد العمليات العسكرية في الشمال، وطالبت جنوب أفريقيا بالانسحاب الكامل لإسرائيل من قطاع غزة، كما طالبت المحكمة تل ابيب بالوقف الفوري للهجوم العسكري في رفح وفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى إعلانها أنها سترسل فريق تحقيق لتقديم تقرير.
لكن رغم ذلك، فإنه لا يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تربط عدم تنفيذ أوامرها برافعة تنفيذية، فتبقى الأحكام الصادرة في هذه المحكمة في معظمها على مستوى التوصيات، ولا تؤدي إلا إلى تشويه صورة اسرائيل لدى الرأي العام، لكن يبقى ذلك سابقة قانونية تسجل ضد اسرائيل.
في ذات السياق فإن منظمة العفو الدولية طلبت من محكمة الجنايات الدولية إجراء تحقيق مستقل بشأن الغارات الجوية الثلاث التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وأحكام منفصلة بشأنها، وفي وصف الحوادث الثلاثة، ذكرت منظمة العفو الدولية أن 44 فلسطينيًا استشهدوا في هذه الهجمات الثلاث، منهم 32 طفلاً. والهجمات المذكورة هي: الهجوم الذي تم تنفيذه بتاريخ الـ 16 من نيسان/أبريل 2024 على معسكر “المغازي”، والهجمات التي تمت بتاريخ الـ19 والـ20 من نيسان/أبريل 2024 في رفح، وفي هذا الصدد، ذكرت إيريكا جيفارا روخاس، ممثلة منظمة العفو الدولية، أن منظمة العفو الدولية لديها أدلة وبراهين لا يمكن إنكارها فيما يتعلق بهذه الهجمات غير القانونية، وأجرت هذه المنظمة مقابلات مع 17 شخصاً نجوا من تلك المجازر، ووثقت أقوالهم بالصور.
ما نريد قوله بأنه يمكن للإجراءات في المحكمة الجنائية الدولية مقاضاة السلطات الإسرائيلية في 124 دولة عضو في اتفاقية جنيف، وقد أثارت هذه القضية قلقا كبيرا لدى القادة الإسرائيليين لأن معظم مؤيدي اسرائيل في الغرب هم من بين هذه الدول الـ 124، وسيكونون خطرا حقيقيا على السلطات الإسرائيلية.
باختصار، ينبغي القول إن من بين الإجراءات الأربعة التي تم اتخاذها ضد اسرائيل في المحاكم القانونية الدولية منذ يناير 2024، هناك إجراءان للمحكمة الجنائية الدولية – في حال استكمالهما – يمكن أن يخلقا قيودًا على “نتنياهو” ووزير الحرب في اسرائيل “يوآف غالانت”، وهذا القيد نفسه يمكن أن يفقد تأثيره أيضًا إذا تم تجاهله من قبل الدول الأعضاء في اتفاقية جنيف.
وكما ذكرنا، فإن إجراءات محكمة العدل الدولية ليس لها أي نفوذ تنفيذي وهي مجرد استشارية بطبيعتها، وذلك على الرغم من أن قرار إدانة اسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في غزة نفسها هو عملية تستغرق وقتًا طويلاً وقد تستمر حتى عقد من الزمن.
ومن الممكن أن يكون هذان الإجراءان مؤثرين وفعالين إذا تمت متابعة تنفيذهما من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ومنعت أي إجراء ضد إسرائيل، ولذلك لا بد من القول إن الإجراءات القانونية لن تكون لها نتيجة ميدانية كبيرة بالنسبة للإسرائيلين، ولكنها ستضر بصورتهم.
لكن حقيقة أننا في هذه المرحلة، وعلى الرغم من معرفة عدم فعالية الإجراءات القانونية الدولية، نشهد 3 إجراءات قانونية ضد اسرائيل في أسبوع واحد، تُظهر أن الجرائم الإسرائيلية أوصلت الرأي العام العالمي إلى حافة الانفجار، والآن أصبح الجميع يواجهون اسرائيل بأي وسيلة لوقف آلة القتل، ويمكن أن تكون هذه اللحظة أفضل فرصة لحركة عالمية ضد اسرائيل بطريقة تجعلها أقرب إلى الانهيار، أو توفر وسيلة لإزالة احتمال ارتكاب جرائم بهذا الحجم من هذا الكيان في المستقبل.
خاص وكالة رياليست – حلا حورية كاتبة وصحافية – سوريا.