قال مسؤول كبير بالأمم المتحدة: “إن تحذيرات المسؤولين الغربيين حول الحاجة إلى إصلاحات في لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت هذا الشهر لاقت في الغالب ردوداً مخيبة للآمال من جانب القادة السياسيين في البلاد”، وقال مسؤولون أمريكيون وفرنسيون زاروا المدينة بعد الانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس/ آب وأودى بحياة 178 شخصاً إنهم أوضحوا أنهم لن يزودوا لبنان بشريان حياة مالي ما لم يعالج قادته مظاهر الفساد وسوء الإدارة، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
والدعوة مشابهة لدعوات أخرى أطلقتها قوى غربية ومنها دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية ديفيد هيل اللذين زارا بيروت. وقال هيل: “إن لبنان بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية ومالية، وإنهاء حالة الخلل في الحكم والوعود الجوفاء”.
إن المصيبة التي منيت بها لبنان كبيرة جداً، وبدونها، كانت الأمور في الحضيض، وعلى كافة الأصعدة ليكتمل المشهد وينقسم ما بين إنتشار فيروس “كورونا”، وتفجير مرفأ بيروت الذي وضع أكثر من 300 ألف عائلة بلا مأوى، ليأتي مؤتمر المانحين الدوليين، والذي أمل البعض منه أن يكون منقذاً، لكن على العكس المبلغ المقدم لا يكفي للملمة جراح بيروت وإعادة المتضررين إلى منازلهم، وحتى توزيع المبلغ والذي قيل إنه حوالي “256” مليون دولار، سيتم توزيعه عبر الصليب الأحمر والأمم المتحدة لا عن طريق أي جهة في الدولة اللبنانية.
هذا التصريح ليس مستغرباً، فلا يمكن أن يمنح الغرب أي صك إنفراج للبنان، لأن هذا يعني أن ورقة الضغط القوية ستفقدها الولايات المتحدة الأمريكية، ومن معها، والجميع يعلم أن ما نقله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لم يكن بطبيعة الحال منه معرفة حجم الأضرار، بقدر ما دار بينه وبين النائب في كتلة الوفاء والمقاومة “حزب الله”، محمد رعد، حيث نقل ماكرون تفاصيل هذه الزيارة إلى البيت الأبيض على وجه السرعة.
وهذا يؤكد أن الفرق التي تتأمل الإنقاذ من الغرب خاصة الأحزاب المحددة التي أعلنت صراحة موقفها وطالبت بالإنتداب الفرنسي ورحبت بالبوارج الحربية الغربية، هي نفسها التي رفض الغرب الوثوق بها وتسليمها أية مبالغ، ليس وقوفاً عند مطالب الشعب اللبناني الذي يرى بحكامه رموزاً للفساد، بل لأنهم لم يحققوا للولايات المتحدة أية حلول لمطالبها وأهمها الضغط على الآخرين في الحكومة اللبنانية، لسحب سلاح المقاومة اللبنانية على أقل تقدير.
إن موقف الغرب الحالي، يؤكد أن الحرب في الشرق الأوسط ستزداد سخونة في هذا الصيف الحار، وكل من راهن على أن للبنان دور في قضايا المنطقة مخطىء، لأن الحل يبدو وأنه يبدأ من دمشق، وما لبنان إلى طريق عبور نحو أية أوضاع مستجدة مستقبلية، فلم تعمل إستقالة وزراء ونواب لأحزاب معينة من البرلمان اللبناني أي نتيجة، ما يعني أن لا تأثير لها على مستوى لبنان، ليكون لها تأثير على المستويين الإقليمي والدولي، وبإستثناء كتلة الوفاء للمقاومة، التي تجعل باب المفاوضات مفتوحة وتمنح للأفرقاء الآخرين أهمية في الميزان السياسي، وبالتالي، إن أهمية لبنان من البوابة السورية والسورية فقط، لأنه رغم كل محاولات طهران مساعدة بيروت، لن تحقق حضورها القوي في لبنان كما تأمل، رغم أنها حاجة وضرورة بعدما تنصل الغرب من مساعدة لبنان بشكلٍ علني.
من هنا، وللمراهنين على أن الغرب سيكون المنقذ والمخلص من الأوضاع القاسية التي تمر بها المنطقة على وجه العموم وليس لبنان فقط، هو واهم وكثيراً، فالأمل الوحيد إنتهى، ولا يمكن في ضوء الأوضاع الحالية إلى إستثمار الغرب لمعاناة الشعب اللبناني لإيصاله إلى حربٍ أهلية، حتى تستطيع التدخل كوجود شرعي من داخل الأمم المتحدة، إلا أن هذا أيضاً لن يتحقق وإن كانت ستحدث بعض المحاولات في هذا الخصوص على المدى القريب.
فريق عمل “رياليست”.