مازال الاشتعال مستمراً في الشرق الأوسط دون أية خطة أو توجُّه، لأن الجنون قد أصاب حكام الحلف المعادي لسورية، والتخبط قد أصاب أصدقاءها، وكأن الجميع ذاهب إلى النهايات المجهولة، لذلك يحاولون الخروج بأقصى ما يستطيعون الحصول عليه من الغنائم، في الوقت الذي أدرك الأعداء أنهم خسروا في سورية، فتحولوا لإشعال المنطقة ككل.
سياسة الشدة واللين
ها هي لعبة الدومينو حول سورية تمضي بقوة لتحويل المنطقة إلى صراعات قبلية وطائفية لتحقق- في النهاية- ضمان أمن إسرائيل الذي لن تحصل عليه رغم كل المحاولات الأمريكية، فسورية أصبحت عصية على الحسابات الأمريكية لذلك تم إشعال المحيط السوري بدون أيديولوجيات واضحة.
فالولايات المتحدة الأمريكية تريد فصل مناطق شرق الفرات وإنشاء شبه دولة، للسيطرة على النفط السوري. ومع إدراكها أن هذا لن يتحقق لها، فإنها تستمر بالمحاولة والإصرار على تحقيق مرادها من خلال الشد والإرخاء في هذه المنطقة بتحريك أدواتها التركية والكردية والإرهابية حسب ما تقتضيه المصلحة ويتلاءم مع الظروف.
زرع الفوضى مجدداً
والولايات المتحدة تدرك أنها لن تستطيع احتلال حقول النفط السورية والبقاء فيها، لذلك نراها تحاول- على أقل تقدير- إضعاف الدولة السورية ومعسكرها من خلال الإشعال اليومي للساحات اللبنانية والعراقية بغية خلق بؤر توتر في محيط سورية مدعوم بالعداوة مع تركيا ليخدم إسرائيل التي ما زالت كالأداة المترددة التي تضرب ضربتها وتهرب وغايتها إيران وحزب الله، مع مخاوفها من سورية من جهة وإيران من جهة أخرى، لذلك نجد الأيادي الإسرائيلية داخلة وعابثة بكل تفاصيل الفوضى اللبنانية والعراقية لتقويض الخاصرة السورية، بالإضافة إلى عمليات ابتزاز الأردن ومصر وإخضاعهم للشروط الإسرائيلية.
ومن جهة أخرى بدأت فتائل الإشعال للكويت كامتدادٍ للعراق وجارٍ لإيران التي تحاول عبثاً التوصل إلى تفاهمات مع السعودية ومصالحات في الخليج العربي، وهذا لن يتحقق لأن النظرة العدائية للوهابية السعودية لن تتغير تجاه إيران الشيعية، ولأن السعودية غير مستقلة في قرارها، بل هي تابعة تبعية كاملة لإملاءات الولايات المتحدة الأمريكية.
ولذلك فإن إيران، مع محاولاتها الحثيثة للتقارب، يجب أن تدرك أنه لا أمل بتقارب سعودي – إيراني، لذلك فإن من الحكمة تعزيز المقاومة اليمنية على غرار المقاومة اللبنانية.
إسرائيل على خط الفوضى
ولا يخلو الأمر من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الذي تشعله إسرائيل كلما باتت الفرصة سانحة لذلك، ويبدو أن الأجواء مواتية لإشعال الحرب مع قطاع غزة حسب ما جرى مؤخراً من اغتيالات، بالإضافة لتصريحات رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي بأن إسرائيل جاهزة لكافة السيناريوهات.
ولكن الأهم في هذا كله أن سورية ستبقى هاجسهم الأكبر لأنها أسقطت أحلام الحكام والملوك العرب بإنهاء صفقة القرن، والخلاصة أن أوروبا والأتراك فهموا الدرس، بينما بقي الأعراب خارج التاريخ.
أسامة عبدو- مدير المركز السوري للدراسات، خاص لوكالة “رياليست” الروسية.