1- تم عقد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و الرئيس القرقيزي سورونباي جينبيكوف، و ذلك في 20 سبتمبر/ أيلول 2019 في اقليم أورينبورج. و هذا اللقاء تم عقده في خلال فعاليات مناورات “المركز-2019”. و جدير بالذكر أن في هذه المناورات اشترك حوالي 128 ألف عسكري من ثماني دول (روسيا والصين وباكستان وقرغيزستان والهند وكازاخستان وطاجيكستان وأوزباكستان)، وأكثر من 20 ألف وحدة من الأسلحة والتقنيات العسكرية وحوالي 600 طائرة وما يصل إلى 15 سفينة.
و تم خلال هذا اللقاء مناقشة القضايا الإقتصادية و التجارية المشتركة بين البلدين، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية مشاركة القوات القرقيزية في هذه المناورات من أجل مواجهة أي صعوبات مشتركة محتملة بما فيها الحرب على الإرهاب. تأتي أهمية العلاقات مع قرغيزستان بالنسبة لروسيا من خلال مشاركتها الفعالة في معاهدة الأمن الجماعي و التي تمثل الوريث العسكري لجيش الإتحاد السوفيتي، و أيضا في كون قرغيزستان تمثل بموقعها الجغرافي-دولة عازلة بالإضافة إلى طاجيكستان لحدود الإتحاد الروسي مع الأراضي الأفغانية و التي تمثل خطر كبير على أمن آسيا الوسطى بشكل عام و حدود الإتحاد الروسي بشكل خاص.
تقع هذه الدولة حالياً في مركز إهتمام كل من الصين، الولايات المتحدة و بالطبع الإتحاد الروسي، و جدير بالذكر كان للولايات المتحدة الأمريكة قاعدة “ماناس” في قرغيزستان و لكن تم إغلاق هذه القاعدة بضغط روسي على الحكومة القرقيزية، و تمتلك روسيا قاعدة عسكرية تحت لواء معاهدة الأمن الجماعي في “كانت” القرقيزية.
مشاركة قيرغيزستان في الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، يمثل أيضا أهمية إضافية لموسكو، كونها تراهن على هذا الإتحاد مستقبلا ليكون بديلا للغرب إقتصاديا و مكملاً لخطط الصين في إكمال طريق الحرير و الذي سيفتح آفاق التكامل الإقتصادي بين هذا الإتحاد و دول شرق آسيا و على رأسها الصين و اليابان.
2- في الثامن عشر من سبتمبر الحالي إهتم فلاديمير بوتين بلقاء رئيس الوزراء الصيني “لي كه تشيانغ” و هنأ الشعب الصيني بالذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية . و أكد على قوة العلاقات المشتركة بين الدولتين في كافة المجالات. فرئيس وزراء الصين كان في زيارة رسمية إلى الإتحاد الروسي من أجل عقد الاجتماع الدوري الرابع والعشرين لرؤساء الحكومات. و خلال إجتماع بوتين مع رئيس الوزراء الصيني، تمنى لقاء الرئيس الصيني في فعاليات قمتي “بريكس” و” آبيك” في نوفمبر القادم.
بالطبع العلاقات الروسية-الصينية تمر بفترة قوية على مستويات عديدة، سواء كانت هذه المستويات إقتصادية أو سياسية-دبلوماسية أو عسكرية. و تأتي أهمية هذه الفترة في العلاقات المشتركة بسبب السياسات الأمريكية تجاه كل من بكين و موسكو، و رغبة العاصمتين في توحيد الجهود من أجل مواجهة هذه السياسات تمثل الدافع المهم في إرتفاع وتيرة قوة العلاقات بين الجارين العملاقين- الإتحاد الروسي و جمهورية الصين.
3- بمبادرة من ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، تم إتصال هاتفي بينه و بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ناقشا خلاله مسألة الهجوم على المنشآت السعودية النفطية، و أعرب بوتين خلال هذا الإتصال عن قلقه من هذا الحادث و طالب بفتح تحقيق شفاف من أجل التعرف على مرتكب هذا العمل. و تم خلال هذا الإتصال تبادل وجهات النظر حول أوضاع سوق النفط العالمي و نتائج هذا الحادث عليه، و ذلك من أجل العمل على إستقرار الأسعار العالمية للنفط. و كما هو معلوم فإن الدولتين أكبر منتجي للنفط في العالم و مسألة إتفاقهم على بعض أمور حجم الإنتاج اليومي يحدد بشكل سريع إتجاه سعر برميل النفط عالميا.
أيضا تم التطرق لترتيبات زيارة فلاديمير بوتين إلى الرياض، و جدير بالذكر فإن هذه الزيارة كانت مقررة منذ الزيارة التاريخية للملك سلمان بن عبدالعزيز لموسكو، إلا أنه تم تأجيلها عدة مرات بسبب مواقف خلافية واضحة في الملف القطري و الملف السوري و ملف تنفيذ الإتفاقيات الإقتصادية الموقعة بالفعل بين البلدين منذ بدء زيارات وزير الدفاع السعودي آنذاك الأمير محمد بن سلمان إلى منتدى سانت بطرسبرج الإقتصادي و التي مهدت بعد ذلك لأول زيارة رسمية لملك سعودي لموسكو تاريخياً.
هناك تكهنات بأن فلاديمير بوتين عرض على الأمير محمد شراء منظومة إس 400 من أجل الدفاع عن المنشآت الإستراتيجية السعودية بعد الفشل الواضح لمنظومة الباتريوت الأمريكية.
4- في أنقرة 16 سبتمبر، خلال فعاليات القمة الثلاثية بين الإتحاد الروسي، إيران و تركيا، التقى فلاديمير بوتين برئيس جمهورية إيران الإسلامية ، حسن روحاني. و قد ناقشوا الوضع في سوريا ، وقضايا التعاون الثنائي والوضع حول خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني. و أكد بوتين خلال هذا اللقاء على الدور المهم التي تقوم به إيران بالمشاركة مع روسيا في مواجهة الإرهاب على الأراضي السورية و ثمن السياسة الإيرانية الخاصة بالحفاظ على قوام الإتفاق النووي الإيراني. بالإضافة إلى التأكيد على قوة العلاقات الإقتصادية كدولتين تحت العقوبات الأمريكية الإقتصادية. في حين أكد حسن روحاني على دور روسيا في إستمرار الإتفاق النووي حتى الآن و أهمية روسيا كقوة عالمية تواجه الهيمنة الأمريكية في العالم، بالإضافة إلى التعاون الروسي-الإيراني في منطقة بحر قزوين المهمة جيوساسيا.
العلاقات الروسية-الإيرانية لها طبيعة مهمة بسبب إشتراك الدولتين في ملف الحرب في سوريا، و دورهما في العملية السياسية و التي تستهدف الوصول لحل سياسي شامل للأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011. أيضا بسبب إشتراك كل من الإتحاد الروسي و جمهورية إيران في حوض بحر قزوين ذو الأهمية الجيوسياسية و الجيوإقتصادية الكبيرة لكل القوى العظمى في العالم، بشكل خاص في سياق طريق الحرير الصيني. أيضا تتمحور أهمية العلاقات الروسية-الإيرانية في سياق المشهد الدولي و الٌإقليمي الراهن المتصل بالأمن المائي في الخليج العربي و المتصل بالموقف الإسرائيلي من تواجد القوات الإيرانية في كل من اليمن، سوريا و العراق.
5- في نفس اليوم في أنقرة، تم عقد إجتماع بين الرئيس الروسي و رجب طيب أردوغان، و حضر هذا الإجتماع من الجانب الروسي، وزير الخارجية سيرجيه لافروف ، مساعد الرئيس يوري أوشاكوف ، والسفير الروسي في تركيا أليكسي يرخوف ، و وزير الطاقة ألكسندر نوفاك ، ووزير الدفاع سيرجيه شويغو ، والممثل الخاص الروسي للأزمة السورية ألكسندر لافرينتيف.
تمت مناقشة بشكل ثنائي الأوضاع في إدلب و سبل حل الأزمة السياسية السورية و التي تمثل أهم أولوياتها في هذا التوقيت في تشكيل اللجنة الدستورية. أيضا تمت مناقشة الأوضاع في شرق الفرات، و أبدى الرئيس الروسي إهتمامه بآليات إنشاء منطقة آمنة طبقا لإتفاق أميركي-تركي ثنائي. أيضا يأتي حضور وزير النفط الروسي لهذا الإجتماع لإهتمام الجانب الروسي بالإنتهاء من بناء مشروع خط أنابيب السيل التركي، بالإضافة لقلق روسيا من وجود أخبار تخص إستيراد تركيا للغاز الأميركي المسال.
العلاقات الروسية-التركية من أعقد العلاقات الخارجية الروسية منذ أكثر من 5 سنوات بسبب تشابك العديد من الملفات المشتركة و التي بدأت بإختلاف واضح فيما يخص بقاء الأسد في دمشق و رفض تركيا لضم شبه جزيرة القرم، و مرت بحادثة إسقاط الطائرة السوخوي الروسية ثم مقتل السفير الروسي في أنقرة ثم الوصول لمرحلة متطورة بعيد الإنقلاب العسكري الفاشل ضد الرئيس التركي، ثم التساهل الروسي الغريب مع التحركات التركية في الشمال السوري مقابل الوصول لإنشاء مثلث تركي-روسي-إيراني بشأن تفاهمات أستانا و التي صبت كلها في إتجاه المصالح التركية في الشمال السوري. و وصولا بوجود أزمة حقيقية متصلة بالعملية العسكرية الخاصة بالجيش السوري و بدعم جوي روسي من أجل إستعادة إدلب من سيطرة الجماعات الإرهابية المدعومة بشكل علني من النظام التركي. و طبعا لا ننسى صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية التاريخية و التي سلمت على أساسها الدولة رقم 2 من حيث عدد القوات في حلف الناتو- تركيا أحدث منظومات الدفاع الجوي الروسية، و التي أثرت ظاهرياً على العلاقات الأمريكية-التركية.
6- في يوم 17 سبتمبر شارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إجتماع مؤسسة “الكيرين هايسود” اليهودية. و هذه المؤسسة تمثل الصندوق التأسيسي الذي أقره المؤتمر الصهيوني الذي عقد في لندن 1920م، والذي أنشئ بغرض استعمار فلسطين. وكان الهدف من تأسيسه، جمع الأموال لتمويل الهجرة والاستيطان في فلسطين؛ باعتبارهما الوسيلة الرئيسة لتطوير البلاد واستعمارها باتجاه خلق “الوطن القومي اليهودي”.
و أتى هذا الإجتماع في نفس يوم بدء عمليات التصويت في الإنتخابات البرلمانية الإسرائيلية، و كان لهذا الإجتماع دور واضح في تشكيل الإتجاه العام لتصويت الجالية الروسية في الداخل الإسرائيلي و التي يصل عددها إلى حوالي مليون و أكثر من نصف مليون ناخب. و كما هو معلوم فإن فلاديمير بوتين كان يفضل أن ينجح رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو في هذه الإنتخابات، لكن وجود أفيغادور ليبرمان كمرشح في هذه الإنتخابات أدى إلى تشتيت الكتلة التصويتية الروسية في إسرائيل بين كل من نتنياهو و ليبرمان.